أطلقت الكنيسة المارونية أمس جملة مواقف بالغة الأهمية من الأزمة الراهنة رافضة الوقوف «موقف المتفرج على التطورات الخطيرة في لبنان والمنطقة بالنظر الى المخاطر الكبيرة التي تهدّد لبنان ووحدته كما تهدّد دور المسيحيين فيه»، ودعت إلى «متابعة الحوار لحل الأزمة الحكومية والتخلّي عن الشروط والشروط المضادة لتسهيل تأليف حكومة جديدة أو لمعالجة وضع الحكومة الحالية، واحترام آلية عمل المجلس النيابي ونظامه»، مؤكدة التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية «في المواعيد المحددة دستورياً على أبعد حد».جاء ذلك في بيان لمجلس المطارنة الموارنة إثر اجتماعه الشهري أمس برئاسة البطريرك نصرالله بطرس صفير في بكركي واستهله بالتحذير من أن «رسالة لبنان وصيغة عيشه تتعرض للخطر يوم تحاول فئة ما من داخله أو خارجه فرض رأيها على الآخرين للحد من انفتاحه أو تغيير تراثه وثقافته وتقاليده»، رافضاً «أي طرح يشوّه وجه لبنان الحضاري المنفتح ويفرض عليه تقاليد وقيوداً تتعارض مع تراثه وتاريخه وعلاقاته المنفتحة على العالم وثقافاته المتعددة».
ودعا «جميع القوى السياسية إلى التزام المبادئ والأسس التي يقوم عليها لبنان ونظامه السياسي والاحتكام إلى المؤسسات الدستورية التي تمثّل الإطار السليم للنقاش السياسي».
وشدد البيان على التمسك «بالشرعية الدولية وبالقرارات الصادرة عن مؤسساتها» داعياً الى «التفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي، والتزام تنفيذ مقرراته واحترام أصول التعامل مع مؤسساته وعدم عرقلة مساعيه لإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي».
وعبر البيان عن قلق الكنيسة المارونية «من الشعارات المتشنجة التي أصبحت قيد التداول والتي تتناقض وتاريخ لبنان وتنوّعه الثقافي والسياسي، ولا سيما تلك التي تؤثر سلباًً على موقع لبنان وتتنكر لعلاقاته التاريخية مع العالمين العربي والدولي وتجعله في مواجهة وعداء مع دولهما» رافضة «إدخال لبنان في دائرة التجاذب الإقليمي والدولي والتي تخرجه عن حياده تجاهها».
وتناول البيان الأزمة الحكومية معتبراً أن «تعطيل المؤسسات الدستورية نذير لسقوط النظام الديموقراطي وتعريض لاستقرار لبنان وسلمه الأهلي»، ورأى «في استمرار الخلاف على الحكومة والجدل القائم حول شرعيتها ودستوريتها بين الموالاة والمعارضة تهديداً لأمن المجتمع ووحدته»، داعياً «إلى متابعة الحوار لإيجاد حل لهذه الأزمة وبعث الحياة في السلطة الإجرائية في البلاد، والتخلّي عن الشروط والشروط المضادة لتسهيل تأليف حكومة جديدة أو لمعالجة وضع الحكومة الحالية، هذا بصرف النظر عن الجدل القائم حول دستوريتها وشرعيتها، وذلك لأن البلاد لم تعد تتحمل استمرار الأزمة القائمة مع ما ينتج منها من تكريس سوابق وتفسيرات دستورية قد تطيح بالنتيجة أحكام الدستور».
وتفادياً «لانفلات الأمور في الشارع»، شدد البيان على «تفعيل الحوار في المؤسسات الدستورية، ولا سيما في مجلس النواب»، داعياً المجلس «إلى ممارسة دوره الدستوري والوطني والعمل على التلاقي للتداول في عناصر الأزمة وإيجاد الحلول لها عبر حوار ديموقراطي سليم. مع تأكيد وجوب احترام آليه عمل المجلس ونظامه الداخلي فلا يسعى فريق إلى تعطيله وتغييب دوره من جهة ولا يحاول فريق آخر الانقلاب عليه والإطاحة بالقواعد التي يقوم عليها وتوزيع الصلاحيات الممنوحة للقيمين عليه».
وفي ما يتعلق بقانون الانتخابات النيابية أشار البيان الى رفض الكنيسة لقوانين الانتخابات النيابية المتعاقبة منذ عام 1992 «وطالب في معرض حلّ الأزمة القائمة في البلاد، أن يصار إلى الاتفاق على إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية يحقّق صحّة التمثيل وفعاليتَه».
وتناول البيان ملف رئاسة الجمهورية مشيراً الى أن صيغة لبنان السياسية تقوم على مبدأ التوافق بين أبنائه (...) إلا انه رأى «أن التوافق، المحددة شروطه وقواعده في الدستور، لا يعني تعطيل آلية الحكم والقرارات في البلاد ومنح كل مذهب أو حزب أو فئة حق الفيتو على القرارات السياسية، لأن في ذلك خروجاً على أحكام الدستور وتفسيراً يتناقض وروحية الوفاق الوطني، ما يؤدي إلى ضرب هذه الصيغة ودفع لبنان مجدداً إلى المغامرات والأخطار».
وأكد التمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية في المواعيد المحدّدة دستورياً على أبعد حد «فبصرف النظر عن الجدل الدستوري حول حجم النصاب لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس، ومع تمنينا أن يتمّ التوافق على رئيس جديد للبلاد، إلا أننا، إذا تعذّر ذلك، نرى أن امتناع أي قوة سياسية أو تكتّل أو حزب عن تأمين نصاب الجلسة المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهوية يمثّل التفافاً على أحكام الدستور وتعطيلاً للأصول الديموقراطية».
على صعيد آخر يوجه البطريرك صفير اليوم رسالة الفصح .
( مركزية)