«القوات» تؤكد أن المدينة «ما بتغير جلدها» والمعارضة ترى أن الانتخابات المبكرة تحدِّد الأحجام التمثيلية
زحلة ــ عفيف دياب

زحلة لمن اليوم؟
سؤال طرح بقوة في المدينة وخارجها بعد «الضجة» السياسية التي أثارها القداس الذي أقامته أحزاب «القوات اللبنانية» والكتائب والأحرار الاثنين الماضي لشهداء المدينة الذين سقطوا خلال الحرب الأهلية اللبنانية، والذي سبّب حراكاً أدخل المدينة في أتون جدل ساخن قد لا ينتهي في مقبل الأيام، ولا سيما أن كل الأفرقاء والقوى بدأت تجد في استعراض قوتها رسائل سياسية لا بد من إيصالها إلى «الخصوم».
و«القداس السياسي» كما بات يعرف جراء مستوى القيادات السياسية التي حضرته والمشاركة الشعبية الكثيفة فيه، قدمت له كل القوى السياسية، من الموالاة والمعارضة والمحايدين، قراءات متنوعة، فرأى بعضهم في القداس «خطوة انقسامية لا تخدم وحدة زحلة»، فيما رأى آخرون أن القداس جاء ليثبت زحلة لمن و«مزاجها» الشعبي مع منرئيس الكتلة الشعبية النائب إلياس سكاف أكد لـ«الأخبار» أن مدينة زحلة لجميع «الزحالنة» و«ليست لفريق سياسي واحد ليقرر مصيرها وينطق باسمها، وكل أبنائها قدموا التضحيات والشهداء من أجل لبنان ووحدته وحرية قراره». ورأى أن زحلة «قالت كلمتها في الانتخابات النيابية الماضية، ونحن اليوم نطالب بانتخابات مبكرة ونقبل بما يقرره أهلها». وعن الطابع السياسي لقداس الاثنين، رأى أنه «لا يجوز لأي طرف استغلال دماء الشهداء، ولا يحق لأحد أن يحتكر الشهداء والقرارات، وما جرى يدل على استمرار عقلية التفرد ومحاولة مصادرة قرار الناس، فالزحلي دوماً يقول كلمته، وهو الذي يقرر ولا يقبل أن يأتي احد ويقرر عنه، فتاريخ المدينة معروف ولا يمكن أحداً أن يدّعي أنه الناطق باسمها ويعمل على إلغاء الآخر».
ينفي رئيس إقليم زحلة الكتائبي وأمين سر قوى 14 آذار في زحلة المحامي إيلي ماروني «الكلام عن مصادرة القرار الزحلي»، ويقول إن القداس كان «لشهدائنا الذين سقطوا من أجلنا ومن أجل أن تبقى زحلة». وأكد أن «المشاركة الزحلية الواسعة في القداس كانت رسالة إلى كل الذين استكثروا علينا إحياء ذكرى الشهداء، ولم يلبوا دعوتنا إلى الصلاة».
لكن هل كان القداس رسالة سياسية إلى «الخصوم»؟ يجيب ماروني بأن «الحشد الشعبي والسياسي الكبير هو الذي وجه الرسالة، والآلاف من الذين شاركوا في القداس قالوا إن الشارع الزحلي هنا وليس في مكان آخر». وأضاف ان «القداس كان أيضاً لتذكير من خرج عن خط زحلة التاريخي ويحاول تزوير حقيقتها وتاريخها وواقعها، ونحن هنا لنسأل أين أصبح النصب التذكاري لشهداء المدينة الذي حطم في الفترة الماضية».
لكن كيف يقرأ التيار الوطني الحر «القداس ــــــ الرسالة»؟
يؤكد النائب سليم عون أن موضوع قداس الشهداء «مقدس بالنسبة إلينا، ونرفض إقدام أي طرف، بما في ذلك نحن، على تسييس ذكرى الشهداء في زحلة أو غيرها، والمتاجرة بقضيتهم».
لكن زحلة لمن اليوم؟ يجيب: «الانتخابات هي التي تقرر. نحن ندعو إلى انتخابات مبكرة، وهي وحدها التي تعطي حجم التمثيل لكل فريق أو شخص».
«قدسية الشهادة» يؤكد عليها أيضاً مسؤول «القوات اللبنانية» في زحلة والبقاع الأوسط المحامي عادل ليون، لافتاً إلى أن القداس «كان لكل شهداء زحلة والبقاع الأوسط الذين سقطوا من أجل لبنان، وقد حضر أهالي جميع الشهداء، بعدما منعنا من إقامة القداس في السنوات الماضية، وهو أظهر أن زحلة أصيلة ووفية، فعندما تكرم شهداءها، فهذا يعني أنها تكرم كل الشهداء الذين سقطوا من أجل سيادة لبنان وحريته».
لكن ألم يكن القداس رسالة سياسية إلى الأطراف الأخرى في المدينة؟ ينفي ليون الأمر، ويؤكد أن القداس «لم يكن رسالة سياسية لأحد، وليس موجهاً ضد أي فريق في زحلة. لكن هناك من قاطع القداس وفضّل عدم المشاركة، فنحن أوفياء لشهدائنا». ويؤكد ليون أيضاً أن زحلة «ما بتغير جلدها» و«لا يمكن أحداً أن يغير وجه المدينة، والقداس وحضور النائبة ستريدا جعجع وقيادة القوات يجسدان مدى اهتمام القوات بزحلة. نحن حركة زحلة، ولسنا حركة في زحلة».
ويؤكد الناشط السياسي في زحلة وليد شويري أن القداس كان مناسبة لـ«وحدة المدينة»، فيما يرى النائب والوزير السابق خليل الهراوي، وهو ممن يقفون على الحياد، في وصفه لما جرى أثناء القداس وما نجم عنه من «ارتدادات» سياسية، أن «المجتمع الزحلي جزء من المجتمع المسيحي العام، فهو يتأثر ويتفاعل مع الجو المسيحي العام». ويتابع أن «المجتمع الزحلي يشعر اليوم بأنه في غربة من خلال تمثيله، وتوجد هوة كبيرة في المدينة ظهرت في المحطات السابقة، إذ إن المدينة تتفاعل مع العنوان السياسي العريض لـ 14 آذار من دون تحريض من أحد، لكن هذا لا يعني أن كل زحلة قوات لبنانية أو كتائب أو تيار وطني، بل هي في مختلف الاستحقاقات المحلية والوطنية تتأثر وتتفاعل مع الجو السياسي العام في البلاد».