ثائر غندور
زرازيــــر: اللــــه يسـاعــــد الجـامعــــة


لن تخرج الجامعة اللبنانية من غرفة العناية الفائقة التي أدخلها فيها النظام اللبناني منذ زمن طويل. العمداء في عهدة مجلس وزراءٍ مشكوك بدستوريته من شريحة من اللبنانيين. قانون المجالس الأكاديمية في أدراج المجلس النيابي في انتظار معجزة إلهية. باختصار، لا فرق بين عهد الوصاية وما بعده، فالنظام لم يصل بعد إلى المرحلة التي يعترف فيها بضرورة وجود جامعة وطنية. لا فرق بين الحرب وما بعدها، فتقسيم الجامعة إلى فروع يرتكز على أسباب طائفية لا ضرورات أكاديمية، ولا ينطلق من مبدأ لا مركزية التعليم. الحركة الطلابية ميتة. وتحولت الأداة النقابية للأساتذة إلى عجينة طيّعة بيد الأحزاب تلعب بها كما تشاء.
صدرت أمس تعيينات المديرين في الجامعة اللبنانية ما عدا مُديرَي الفرع الخامس في كليتي «الحقوق والعلوم السياسية» و«الصحة العامة»، والأسباب سياسية ـــ طائفية أو خلافات داخل أحد التيارات السياسية.
أنجز رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر التعيينات الأولى في ولايته، والتي حازت قبول معظم الأطراف اللبنانية، أي أنّ «الرئيس» عرف كيف يوازِن بين المطالب الطائفية والسياسية من جهة، والحاجة الأكاديمية من جهة ثانية، ورغم «وجود بعض الحالات الفاقعة فإن الرئيس ابن لبنان»، مثلما عبّر أحد الأساتذة. فنهار أمس صدر القرار رقم 494 بناءً على ثلاثة مراسيم، وقانون تنظيم الجامعة اللبنانية75/67 الصادر بتاريخ 26/12/1967 وتعديلاته.
ولم تَنحزْ «التعيينات» إلى طرف سياسي دون آخر وإن حصرت التمثيل السني بـ «تيار المستقبل» الذي حظي بتسعة مديرين، فيما يُتوقع أن يرتفع عددهم بعد استكمال التعيينات في الفرع الخامس، أما حصة «التيار الوطني الحرّ» فبلغت ثمانية مديرين ونال كل من «حزب الله» و«حركة أمل» و«القوات اللبنانية» أربعة مديرين لكل منهم، وبلغت حصة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«حركة اليسار الديموقراطي» مديرين لكل منهما. أما حزب الكتائب فنال مديراً واحداً فيما حصة المستقلين ستة مديرين.
وفي ردود الفعل على قرار التعيين، رحّب رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة الدكتور سليم زرازير بالتعيينات، لكنه أرفق كلامه بغصّة حيال الجامعة اللبنانية قائلاً: «الله يساعد الجامعة». وأوضح أنّه يُفضّل «لو أنّ التعيينات انطلقت من المجالس الأكاديمية»، الأمر الذي أكّده الرئيس السابق للهيئة التنفيذية الدكتور شربل كفوري الذي صنفها في خانة «المقبولة وأحسن من التي كانت تحصل في الماضي القريب، وإن انطوت على بعض الشوائب». ولفت عدد من الأساتذة إلى أنّ بعض الأخطاء حصلت بسبب التوازنات السياسية مثل تعيين أحد المديرين في كلية غير تلك التي تعوّد أن يُعلِّم فيها، وتهكّم أحدهم على نيل «اليسار الديموقراطي» مديريْن.
وانتقد مسؤول قطاع التربية والتعليم في «تيار المستقبل» الدكتور نزيه خياط طريقة التعيين، متسائلاً عن المعايير التي تم على أساسها، ولفت إلى أنّ العمداء لم يُستشاروا عملاً بالمرسوم 810 الذي يسمح لهم بتقديم المقترحات والمشاركة في التعيين. من جهة ثانية، أشار إلى أنّه لم يعقد منذ انتهاء ولاية العمداء أي اجتماع تنسيقي أو استشاري على مستوى الوحدات والكليات لتسيير العمل الإداري والأكاديمي، وهو ما يسهّل عمل رئيس الجامعة مع احترامنا لدوره. وتمنى خياط أن تتوضح الأمور خصوصاً أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور العالقة، لا سيما الحاجة لتعيين أساتذة متعاقدين بالساعة، استناداً إلى الآلية المنصوص عليها في المرسوم 9084 الذي ينظم أسس التعاقد بالساعة ويمنع الوقوع في ثغر تؤدي إلى عقود مصالحة. ورأى أنّ كل الأمور مرهونة بما يحصل من تطورات على مستوى الإصلاح في الجامعة ووضع قانون جديد وتحديث المناهج.
ورأى مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل الدكتور حسن زين الدين، أنّ غالبية المديرين الجدد يتمتعون بالكفاءة الأكاديمية، مشيراً إلى أنّ «التشكيلة» تراعي التوازن السياسي والطائفي والجغرافي والتوازن بين الجنسين. وقال «إننا في حركة أمل راضون على أسماء المديرين الذين ندعوهم إلى العمل لمصلحة الجامعة». ونوّه الدكتور جورج سعادة (القوات اللبنانية) بكفاءة الأساتذة المعيّنين، ورآها «أفضل الممكن»، ولفت إلى تعيين مديرين حزبيين في بعض المناطق وأكاديميين في مناطق أخرى، مؤكداً أن علاقة القوات اللبنانية برئيس الجامعة في أفضل حال.

الرابطة وأزعور

خرج أعضاء وفد الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين من الاجتماع مع وزير المال جهاد أزعور وهم على قناعة بعدم رغبة أزعور في التجاوب مع مطالبهم. وكان رئيس الهيئة الدكتور سليم زرازير قد همّ بالانسحاب من الاجتماع بعدما شعر بأن وزير المال يمارس عملية مماطلة وصفها أحد المطلعين على تفاصيل الاجتماع «بالبشعة». وطالب الوفد الوزير بالموافقة على قرارات مجلس إدارة صندوق التعاضد، تصحيح احتساب المعاش التقاعدي (القسمة على ثلاثين)، والمفعول الرجعي للفروق لكنّه أبدى عدم تجاوب مع المطالب وادعى أنه يريد دراستها، وهو ما أثار دهشة المجتمعين خصوصاً أنه حدّد الاجتماع بعدما أرسلوا له كل المشاريع قبل شهرين. ووافق أزعور على رفع سنّ العمل إلى 68 بدل 64 وتحديد ساعات عمل الأستاذ السنوية بـ 225 ساعة «وسأمضيها في آخر نيسان»، وسيعقد مجلس المندوبين اجتماعاً قريباً يُتوقّع أن يدعو إلى تحرّك بوجه الحكومة. وأعلنت «الهيئة» صدمتها بموقف وزير المال في بيان أصدرته أمس، محذّرةً من التلاعب بالأمن الصحي والاجتماعي للأساتذة. واللافت في ملف رابطة الأساتذة المتفرغين هو غياب دائم لعدد من أعضاء الهيئة عن الاجتماعات، الأمر الذي يعكس عدم اقتناع هؤلاء بجدوى العمل بالرابطة في شكلها الحالي.