البدّاوي ــ عبد الكافي الصمد
لم تساهم الزيارة السريعة والجولة التي قام بها على عجل المدير العام لوزارة البيئة بيرج هتجيان، لتفقد مستوعبات بقايا نفايات نفطية وُضعت في منشآت نفط البداوي أخيراً، في وضع حدّ لما أثير من تساؤلات ومخاوف لدى أهالي البداوي، والتي تمحورت حول الانعكاسات السلبية المحتملة للمستوعبات على الصعيد البيئي وتلوث الآبار الجوفية في المنطقة، وحول سبب اقتصار وجود المستوعبات بأكملها تقريباً في البداوي فقط.
وكان واضحاً من كلام هتجيان حول الموضوع بروز أكثر من تناقض فيه، إضافة الى عدم إجابته بصورة كافية عن نقاط عدة تناولته، محاولاً تحميل وسائل الإعلام المسؤولية، وداعياً إياها في موازاة ذلك الى التعاطي مع الأمر بموضوعية.
هتجيان، وبعد جولة تفقدية سريعة على المستوعبات الموجودة في حرم منشآت النفط في البداوي التي تسبب المطر الذي هطل فجأة بجعلها تقتصر على بضع دقائق، فضلاً عن اتضاح عدم وجود أي نقاط حراسة أو مراقبة تمنع الاقتراب من المكان، عقد مؤتمراً صحافياً في المقر الرئيسي داخل المنشآت، بحضور مديرها العام في لبنان سركيس حليس، ومدير منشآت نفط البداوي معن حامدي. ولفت هتجيان إلى أن «كميات النفايات النفطية التي استخرجت من البحر حتى الآن بلغت نحو ألف متر مكعب من النفط السائل، وحوالى ستة آلاف متر مكعب من النفط الممزوج بالنفايات الصلبة»، مؤكداً أن «هذا النوع من النفايات لا ينتج عنه أي روائح أو تلوث للهواء أو التربة أو مياه الآبار الجوفية، لأنها موضوعة في مستوعبات مضبوطة حسب الأصول ومرقّمة ومختومة بالشمع الأحمر من قبل منشآت النفط ووزارة البيئة»، مشيراً إلى أن «لدى الوزارة خيارين لمعالجة مشكلة هذه النفايات: الأول ترحيل هذه النفايات إلى الخارج، والثاني إعادة تكريرها من قبل شركات عالمية لها اهتمام بالموضوع».
وإذ بدا من كلام هتجيان عدم وجود حلّ نهائي تعتمده الوزارة لهذه المشكلة بعد، وأن الأمر ما يزال في طور التشاور وإجراء الاتصالات مع جهات حكومية وخاصة دولية للمساعدة في هذا الموضوع، فإن الموعد الذي حدّده لبقاء هذه المستوعبات في البداوي، لفترة قد تستمر نحو ستة أشهر، حسب كتاب أرسلته وزارة البيئة إلى البلدية وإدارة المنشآت في 5 شباط الماضي، قد لا يكتب له أن يبصر نهاية قريبة، لأن «الموضوع يحتاج إلى إجراءات إدارية عدة»، حسب قوله.
وما عزز هذا الاعتقاد أن هتجيان ناقض نفسه أكثر من مرة في مؤتمره الصحافي، فهو بعدما اعتبر «النفايات غير قابلة للاستعمال»، عاد ليقول لاحقاً «إنها صالحة، وإن هناك شركات عالمية قد يكون لديها استعداد لاستلام هذه النفايات لاستخراج النفط منها مجدداً»، لافتاً إلى أن «هناك من يستطيع استعمالها كوقود في الصناعة، وأن لها قيمة مادية يمكن الاستفادة منها».
وحول سبب اختيار البداوي وحدها لوضع المستوعبات فيها، الأمر الذي فُسر على أنه تمّ بضغط سياسي من قبل جهات معينة، ردّ هتجيان قائلاً: «إذا كنتم تريدون تصوير المشكلة على هذه الطريقة فليس عندي إشكال في الأمر، لكن الأمر ليس هكذا، والمعلومات التي تعتمدها وسائل الإعلام لا نعرف من أين مصدرها، وهي بالتأكيد غير دقيقة».
غير أن هتجيان الذي قال رداً على سؤال آخر إن «المستوعبات الموجودة في البداوي هي 34 مستوعباً، وإن ستة مستوعبات أخرى موجودة في مطمر بصاليم»، أوضح أنه «لا يملك معلومات حول عدد المستوعبات الموجودة في مصفاة الزهراني، لأنني لم أزره حتى الآن!».
أما حليس فشدّد في مداخلة له أنه «لا إدارة منشآت النفط ولا الوزير بإمكانهما غضّ النظر أو التساهل في موضوع يمكن أن يؤثر أو يضرّ بسلامة البيئة وصحة المواطنين».