عمر نشابة
بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أول من أمس، عن المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وآخرين، وقوله إن نظامها قائم على أحكام صادرة مسبقاً، اعتقدتُ أن الأكثرية النيابية ستردّ بذكاء وحكمة لتفتح الطريق لنقاش جدّي. لكن الوزير السابق والنائب وليد جنبلاط اختار أن يردّ باتّهام نصر الله بأنه «يريد العودة إلى عدالة نظام ريف دمشق لأنها العدالة التي تتيح للأنظمة التي يتحالف معها الهروب من المحكمة ومن عدالتها بعد أن ارتكبت جرائم العصر والاغتيالات السياسية بهدف ضرب استقلال لبنان ومسيرة السيادة فيه» (نقلاً عن الزميلة «الأنباء»). إن هذا الردّ هو تشكيك في جدوى قيام المحكمة إذ إن «حقيقة» من ارتكب «جرائم العصر والاغتيالات السياسية» وأهداف القتلة معروفة مسبقاً لجنبلاط قبل انتهاء التحقيق الدولي وقبل قيام المحكمة. ويبدو أن ما يبحث عنه جنبلاط هو معاقبة القتلة المعروفين له وليس قيام المحكمة، أو أنه يعاني من لغط في استيعاب معنى المحكمة وجدواها. فالمحكمة هي المؤسسة التي تتبع منهجية قانونية ومهنية بغية التوصّل الى كشف «الحقيقة» ودوافع القتلة والمتعاونين معهم ومن ثمّ معاقبتهم، وليس العكس. وإنما كلام نصر الله الرافض للمحكمة هو ردّ على قيام عدد من السياسيين باستباق المحكمة والتحقيق لإصدار أحكام تتناسب مع توجّهاتهم السياسية. أما من الناحية المنهجية والهيكلية الإدارية للمحكمة فإن رفض المحكمة بصيغتها الحالية مبرّر، إذ إن الموافقة على تلك الصيغة تشبه التوقيع على نصّ تتخلّله فقرات بيضاء. إذ إن جزءاً من النظام الداخلي الخاصّ بالمحكمة لا يتمّ تحديده قبل تعيين القضاة أي بعد الموافقة على نظام المحكمة. أما في ما يتعلّق بتعيين القضاة الدوليين واللبنانيين فهذا يعود إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ولا يحقّ للدولة اللبنانية أن تبدي ملاحظات أو تعارض تعيين القضاة الدوليين الذين يختارهم بان...
هل يقبل اللبنانيون بذلك؟