طارق ترشيشي
عكست مواقف أقطاب الموالاة والمعارضة، قبل عطلة عيد الفصح وخلالها وبعدها، انتهاء مرحلة «المجاملات السياسية»، ومباشرة الفريقين استعداداتهما لـ«المنازلة الكبرى» التي ستبدأ عملياً بعد شهرين حول رئاسة الجمهورية.
ويعتقد بعض السياسيين بأن لبنان خرج من مرحلة كان التعويل الأساسي فيها على الحوار، ودخل في أخرى مفتوحة على كل الاحتمالات بعد انسداد آفاق هذا الحوار، فبعدما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري كلمته متمنياً على القيادة السعودية استضافة أركان الموالاة والمعارضة ليتحاوروا ويتوصلوا إلى حل برعايتها، ردت بأنها تريد من الفريقين الاتفاق في بيروت على حل تستضيفهم لتتويجه. وبعدما تلقفت الأمم المتحدة مذكرة نواب الموالاة المطالبة باتخاذ «كل الإجراءات البديلة» لإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، تريثت في تلبية هذا الطلب رغبة منها في استنفاد إمكانات التوافق اللبناني على إقرار هذه المحكمة في الأطر الدستورية اللبنانية.
غير أن المواقف الأخيرة للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أعلنت انتهاء مرحلة اسمها الحوار، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة، وخصوصاً أنه فتح ملفات كان يتجنبها سابقاً، أبرزها تنويهه العالي بمواقف رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وتطرقه إلى قضية الضباط الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري الذين اعتبرهم «معتقلين سياسيين»، وتأكيده على تجاوز المطالبة بصيغة 19 + 11 إلى طلب إجراء استفتاء أو انتخابات نيابية مبكرة.
وتقول أوساط معارضة إن السيد نصر الله أراد مما طرحه التأكيد أن الرئيس لحود «ليس يتيماً سياسياً، بل يقف خلفه شارع عريض داعم للمعارضة». وتعرب هذه الأوساط عن اعتقادها بأن مواقف نصر الله «بمثابة الإعلان عن خروج المعارضة من مرحلة الانتظار والدفاع عن النفس إلى الهجوم»، وبأن خطوة إعلان «العصيان المدني» التي كانت مؤجلة، قد يُلجأ إليها تبعاً لطبيعة النزاع الذي ستشهده المرحلة الجديدة.
وفي رأي هذه الأوساط أن «مخزن الذخيرة» لدى الموالاة قد نضب، وأن الطلقة الأخيرة فيه كانت المذكرة النيابية في شأن المحكمة إلى الأمم المتحدة، «ولم يبق أمامها إلا موضوع رئاسة الجمهورية، فإذا أقدمت على انتخاب رئيس بأكثريتها النيابية المطلقة، فستعتبر المعارضة ذلك عملاً تقسيمياً وستتصدى له، على رغم تأكيدها أنها ضد الحرب الأهلية، وبالتالي ستتعامل مع انتخاب أي رئيس للجمهورية تنتخبه الأكثرية، كما تم التعامل سابقاً مع انتخاب الرئيس الراحل بشير الجميل».
وفي المقابل، يرى قطب في الأكثرية «أن الأوضاع تتجه إلى مزيد من التأزم» نتيجة خطاب السيد نصر الله وردود بعض أركان 14 آذار عليه، «فآفاق الحوار باتت مسدودة، وكل فريق يكشف الآن كل أوراقه ويستعدّ للآتي من الأحداث والتطورات». ويضيف أن الأكثرية قرأت كلام الأمين العام لـ«حزب الله» على أنه «لم يعد هناك مجال للتفاهم وأن المحكمة صارت وراءنا» وأنه «تشكيك في القضاء اللبناني والدولي وبالمحكمة، خصوصاً عندما تحدث عن أحكام واتهامات جاهزة».
ويلفت القطب إلى أن «الأكثرية» تعكف حالياً على تحضير كل الإجراءات اللازمة لإنشاء المحكمة، مشيراً إلى أنها تستبعد أن تعاود السعودية مساعيها لاستئناف الحوار بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري «لأن بري أقفل باب الحوار ونعاه عندما قال بوجوب أن يحصل التوافق في الرياض وليس في بيروت».
وينفي القطب نفسه وجود رهانات لدى «الأكثرية» على التطورات الإقليمية وعلى المفاوضات بين واشنطن وكل من دمشق وطهران، معرباً عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة «لن تقدم تنازلات لسوريا في الملف اللبناني وفي المقابل لا يبدو أن دمشق ستقدم لها تنازلات فيه».
وفي ضوء ما تقدم، يقول مصدر محايد إن الجميع ينتظرون مؤتمر شرم الشيخ في 4 أيار المقبل الذي أصبح بديلاً من مؤتمر اسطنبول، وإن التعقيد الذي تشهده الأزمة «ربما كان سببه طلب واشنطن من الأكثرية عدم السير في الحلول حالياً لأنها تريد إبقاء لبنان ورقة في يدها للتفاوض مع سوريا». ويصف المصدر لبنان حالياً بأنه «أشبه برقعة شطرنج، كل لاعب فيها ينتظر حركة الآخر ليقوم بحركته، على رغم أن بعض اللاعبين يتصرفون على أساس أنها لعبة ربح أو خسارة».