أنطوان سعد
أوساط مارونية تتداول اسمي الجميل وجعجع لانتخابات رئاسة الجمهورية من دون نصاب الثلثين

يتأكد أكثر فأكثر أن الأزمة القائمة متجهة نحو مزيد من التعقيد والتصعيد والاحتقان. ويتضح تدريجاً أن استحقاق رئاسة الجمهورية سيكون النقطة الفاصلة التي تأخذ الأزمة فيها أحد طريقين: إما تكريس الانقسام الحاصل دستورياً عن طريق إجراء انتخابات رئاسية من دون تأمين نصاب الثلثين في مجلس النواب، وإما التوافق بين الموالاة والمعارضة على هوية الرئيس العتيد الذي سيكون بمثابة جسر التواصل فوق الهوة الشاسعة الفاصلة بينهما، فيما يظهر جلياً أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة آخذة في التفاقم مع توقع حركة خجولة في الصيف المقبل على مستوى الزيارات السنوية التي يقوم بها المغتربون إلى لبنان، وحركة أقل من خجولة من المصطافين العرب. وفي أية حال، ستحرم بيروت من حصة عائدات السياحة التي كانت تحظى منها بحصة الأسد لمصلحة المناطق الريفية والمدن والمنتجعات البعيدة من وسط العاصمة.
أما ما يمكن أن يقي لبنان عموماً وبيروت خصوصاً من هذا الصيف القاحل، فهو استئناف عملية الحوار بشكل أو آخر ونجاحها في التوصل إلى الحل الوسط المرجوّ الذي عليه، بحسب مصادر مطلعة حيادية، أن يطمئن سوريا إلى قضية المحكمة ذات الطابع الدولي.
وتوضح هذه المصادر أنه «من غير التوصل إلى هذه التسوية لا يمكن أي مسعى محلي أو إقليمي أو دولي أن ينجح في نزع فتيل الأزمة وفي إزالة الحائط المسدود القائم في وجه الحياة السياسية الديموقراطية الطبيعية في لبنان. ولن يكون بالتالي من الممكن لا تأليف حكومة اتحاد وطني ولا انتخاب رئيس جديد للجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس النيابي، إذ إن على آل الحريري وحلفائهم أن يعوا أن حكم الرأي العام اللبناني والعربي والدولي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد صدر، ولا يمكن أي محكمة، مهما علا شأنها وقست أحكامها، أن تصدر حكماً أشد وقعاً وأكثر تأثيراً على مجريات الأمور في لبنان والعالم العربي منه، ولو علقت المشانق بالعشرات في بيروت وغيرها. ليس المقصود بالطبع طيّ ملف اغتيال الرئيس الحريري بل على العكس تعبيد الطريق أمامه عبر إزالة ما يخيف دمشق على نظامها منه لكي يصبح موضوع إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي ممكناً. فيستفيد إذّاك لبنان بأجمعه من تطبيق العدالة وليس فقط أن يحقق فريق لبناني واحد مطلبه بالثأر، لأن الفارق كبير جداً بين مفهومي العدالة والثأر».
بالنسبة إلى مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تأمين نصاب الثلثين في مجلس النواب، ترى الأوساط المارونية التي تبحث جدياً في هذه المسألة، أن انتخاب الرئيس العتيد بهذه الطريقة قضية خطرة يجب تفاديها قدر الإمكان لأنها تنطوي على ذر بذور الفتنة بين الطوائف اللبنانية. أما إذا فشلت كل مساعي التوافق وإذا أصرّت الأكثرية على إجراء الانتخاب من دون التقيد بنصاب الثلثين، فيجب إذّاك ترشيح وانتخاب أحد الأقطاب المارونية الأساسية في قوى الرابع عشر من آذار. وتتداول هذه الأوساط باسمي الرئيس الأعلى لحزب الكتائب الرئيس أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع معتبرة أن بإمكان هاتين الشخصيتين المارونيتين البارزتين فقط أن تخوضا تجربة إجراء انتخاب رئاسي في هيئة ناخبة شرعيتها الميثاقية غير مكتملة، لأنهما وحدهما قادرتان على إضفاء نسبة أكبر من المشروعية الشعبية على العملية الانتخابية. ذلك أن انتخاب شخصية أخرى من قوى الأكثرية سيعزز الانطباع بأن تحالف تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي هو من يفرض الرئيس الجديد للجمهورية الذي تعوّل الأوساط المسيحية كلها عليه لإعادة الاعتبار إلى الدور المسيحي المفقود منذ سنة 1992 في المعادلة اللبنانية.
وأبدت هذه الأوساط تخوفها من الأجواء التي تردها عن عدم وجود نية لدى تيار المستقبل والحزب الاشتراكي لدعم ترشيح الجميل وجعجع. وتلقت بعدم الارتياح ما دار بين وفد من التجمعات المسيحية ومرجعية إسلامية كبيرة أخيراً، إذ عندما بادرت هذه المرجعية إلى توجيه انتقاد قاس لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون متعلق بطموحه الجامح لتبوّء رئاسة الجمهورية، رد أحد المشاركين في اللقاء بالتساؤل عما إذا كانت المرجعية تفضل انتخاب جعجع، فأجابت: «ما وصلنا لحد هون».