strong>وفاء عواد
غاب «قائد الحملة» وحضرت «تعليماته»: لا سلام ولا كلام مع المعارضين

«دبكة خياميّة»، بهاتين الكلمتين، اختصر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد مشهد نوّاب «الأكثرية» في تحرّكهم الرابع، أمس، الذي خلا في مضمونه من أي جديد، بعدما «تحرّروا» من عبء المحكمة ذات الطابع الدولي و«اطمأنوا» الى أنها أصبحت في عهدة الأمم المتحدة، ما جعل المشهد مليئاً بـ«الرتابة» و«التكرار» الى حدّ الملل.
أما في الشكل، فقد ترك غياب «قائد الحملة» رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أثراً لافتاً عبّر عنه النوّاب الموالون بـ«الإيحاء»، فأصرّوا على تجاهل وجود زملائهم المعارضين الـ23 الذين حضروا في باحة المجلس، التزاماً منهم بـ«التعليمات»، ما خيّب آمال المصورين في التقاط صور المصافحات والابتسامات والأحاديث الجانبية، كما في التحرّك (3)، ولم يخالف هذا «التدبير» سوى نواب «المستقبل»، فيما تراجع عدد المشاركين الى أقل من النصف، مقارنة بالمشاركة في التحرك السابق.
وكما كان مشهد النواب الموالين بمثابة «استراحة المقاتل»، فإن بيانهم المقتضب الذي تلاه باسمهم النائب أكرم شهيّب، بعد اجتماعهم الاعتيادي المغلق الذي عقدوه في صالون النوّاب، جاء وكأنه من «باب رفع العتب». وأكّد شهيّب أن هدف التحرّك تأكيد أن المجلس النيابي هو «المؤسّسة الأم والأهم، والحفاظ عليها واجب وطني»، لافتاً الى أن «فتح» باب القاعة «مطلب لإنقاذ هذه المؤسّسة».
وبعيداً عن العريضة التي أصبحت في عهدة الأمم المتحدة كـ«وسيلة وحيدة لحماية المحكمة ذات الطابع الدولي، بعدما استنفدت كل الوسائل لبحثها وإقرارها في قاعة المجلس»، أشار شهيّب الى وجود قوانين واقتراحات قوانين حياتية وإنقاذية تهمّ كل اللبنانيين «لا بدّ من إقرارها، تعزيزاً للصمود الحياتي في هذا الظرف الصعب الذي نشأ بعد العدوان الإسرائيلي الأخير»، لافتاً الى أن مجلس النوّاب هو المكان المناسب لـ«أي حوار وطني حالي ومستقبلي»، والى أن للتخلّف عن الحضور إليه «نتائج سلبيّة ليست لمصلحة لبنان ونظامه الديموقراطي».
وكعادته كل ثلاثاء، تلا النائب نقولا فتوش مداخلة قانونية ضمّنها جملة مواقف سياسية، فأشار الى أن إحالة مشروع المحكمة الى المجلس النيابي بمرسوم «كان صحيحاً يوم كانت المادة 17 من الدستور تنصّ على أن السلطة الإجرائية يتولاها رئيس الجمهورية ويعاونه الوزراء». لكن بعد تعديل الدستور في الطائف، فإن الإحالة «تعدّ قانونية وصحيحة، وفقاً للمادة 17 معطوفة على المادة 56 من الدستور».
ورأى النائب حسين الحاج حسن أن تحرك النوّاب الموالين أصبح «مشهداً رتيباً، بعد تكرار العبارات والمواقف والتصريحات نفسها»، داعياً إياهم الى «تأمين حكومة شرعية وميثاقية ودستورية، وفقاً لمقدمة الدستور» من أجل «إقرار مشاريع القوانين، وإحالتها الى فخامة رئيس الجمهورية صاحب الحق الوحيد في إحالتها الى المجلس النيابي».
وإذ أشار الى ضرورة «الانتهاء من هذه الدوامة ورتابة التصريحات واختلاق الأضاليل»، أكّد الحاج حسن أن ما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله «لا يحتاج إلى أي تفسير»، ولا سيما في موضوع المحكمة، حيث إن «النقاش هو في المضمون وليس في المبدأ»، وتساءل: «هل أصبحت المحكمة إنجيلاً أو قرآناً حتى لا يناقش مضمونها؟».
بدوره، اختار النائب علي حسن خليل الكلام بـ«إيجابية»، فوافق نوّاب الموالاة رأيهم في واقع لبنان «المعطّل، جرّاء وضع اقتصاده الخطير جداً»، لكن الأهم هو «تحديد الأسباب»، مذكّراً بوجود مشاريع قوانين في المجلس «قبل أن تفقد الحكومة شرعيتها» تناقش في اللجان النيابية، محمّلاً نوّاب «الأكثرية» مسؤولية التغيّب عن حضور جلسات اللجان و«تأخير تحضير هذه القوانين لتكون جاهزة عند انعقاد أول جلسة نيابية بوجود حكومة شرعية».
وإذ شبّه الحكومة الحالية بـ«الإمارة السياسية»، ذكّر خليل بأن الاستعجال في إقرار القوانين يتطلّب من الفريق الآخر «خطوة شجاعة بالتسليم بأن الوضع وضع غير صحي، وأن المدخل الوحيد لحل الأزمات هو في قيام حكومة شرعية ودستورية».
وعما إذا كان يتوقع إقرار المحكمة تحت البند السابع، اكتفى خليل بالقول: «إن قوى الأكثرية اختارت مجلس الأمن بديلاً عن مجلس النواب، والإجابة عن هذا السؤال من مسؤوليتها».
وبعيداً عن أجواء منبر مجلس النواب، انتقد رعد، في تصريح الى «الأخبار»، مشهد الموالاة «الرتيب والمكرّر»، ما «يعكس المأزق الذي وصلت وأوصلت البلاد إليه، وحالة الاختناق والتراجع الذي تعيشه»، مؤكداً أن المخرج الوحيد للأزمة الراهنة هو «الاحتكام الى الانتخابات النيابية المبكرة لحسم الجدل القائم»، انطلاقاً من كون الشعب «مصدر السلطات، في ظل الانقسام والاختلاف، وفي غياب المجلس الدستوري الذي نحروه واغتالوه». وإذ أشار الى أن المؤسسات الدستورية «أفرغت بسبب سياسة الاستئثار والالتحاق بالقوى الأجنبية التي ترسم خرائط المنطقة»، أكد رعد أن إعادة ترتيب البيت اللبناني، وفق الدستور والطائف، تتطلّب تسلسل الحلّ وفق «انتخابات نيابية مبكرة، انتخاب رئيس للجمهورية، تشكيل حكومة، وإحياء المجلس الدستوري».
بدوره، شبّه النائب علي خريس تحرّك الموالين بـ«المهزلة، والعملية الفولكلورية التي لا طعم لها»، داعياً إياهم الى الخروج من هذا الموضوع «لأنه لم يعد يليق بهم». ولفت الى أن الوضع «سيبقى على حاله، وكل الأبواب والنوافذ أصبحت مسدودة»، إذ «لا حلحلة ولا مبادرة ولا رؤية في الفترة القريبة»، والى أن «لا قبول بلقاء عين التينة، إلا إذا وقّع النائب سعد الحريري النقاط التي تمّ التفاهم عليها».
وإذ نفى النائب مروان فارس أي «قيمة سياسية لوجود النواب الروتيني في المجلس»، إذ إنهم «فقدوا أساليب الإقناع بعدما أحرقوا بيدهم مشروع المحكمة بإرسالها الى مجلس الأمن، فيما أحرقت المعارضة مشروع الحكومة»، رأى النائب نادر سكر أن «الديموقراطية التوافقية هي المدخل لحلّ الأزمة القائمة».
في المقابل، رأى عضو «تيار المستقبل» النائب هادي حبيش أن إرسال مشروع المحكمة الى الأمم المتحدة «لا يعني أن الموضوع انتهى في لبنان»، ولفت إلى أن الموالاة «لن توافق على الحكومة قبل رئاسة الجمهورية»، محمّلاً المعارضة مسؤولية «تسكير أبواب الحلول».
وأشار نائب «القوات اللبنانية» فريد حبيب إلى أن مجلس النواب «ليس فقط لإقرار المحكمة، بل للبتّ في أمور حياتية»، لافتاً إلى أن الحكومة «ستستكمل موضوع العريضة، وتبلغ مجلس الأمن تطورات هذا الموضوع»، علماً بأن إعادة موضوع المحكمة إلى المجلس «لا تزال واردة».




محكمة ومحاسبة... وكسّارات

  • تزامناً مع إعلان النائب شهيّب، في اختتام كلمته، أن موضوع المحكمة «انتهى» بعد كلام السيد نصر الله، تدخّل النائب وليد عيدو قائلاً: «على كل حال، نتمنى أن يدعو الرئيس بري المجلس للانعقاد، وتكون العريضة النيابية خلفنا».
  • لدى إلقاء النائب الحاج حسن كلمته، غادر معظم نوّاب الموالاة قاعة المجلس الخارجية، ولم يبق منهم سوى نائبي «المستقبل» هادي حبيش ومصطفى هاشم.
  • رداً على اتهام «الأكثرية» بمقاطعة جلسات اللجان النيابية، دعا النائب فؤاد السعد، في تصريح أدلى به على هامش التحرّك، الى «محاسبة» الرئيس برّي، بعيداً عن محاسبة النوّاب.
  • رداً على سؤال حول مصير الملف القانوني المتعلّق بالكسّارات، اكتفى فتّوش بالقول: «كسّارات الحجر أهم من الكسّارات القانونية».
  • للمرة الأولى منذ بدء تحرّك الثـــــــلاثاء، تأخّر نوّاب «الأكثرية» في الحضور إلى المجلس في الموعد المحــــــدّد، واستعجــــلوا في المغادرة قبل الثانية عشرة.