طارق ترشيشي
انسداد الآفاق أمام المساعي الهادفة إلى إنهاء الأزمة بين الأكثرية والمعارضة يدفع المعنيين في هذه المرحلة إلى البحث عن مشاريع حلول جديدة بعدما فشلت المشاريع السابقة سواء التي تناولتها المبادرات السعودية أو المبادرة العربية أو تلك التي بلورتها الجلسات الحوارية الأخيرة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري.
وعلى رغم ارتفاع منسوب التشنج في الخطاب السياسي لكل من الأكثرية والمعارضة، وما يرافقه من سجالات توحي بأن الأزمة المستحكمة تقف على أهبة جولة جديدة من المواجهة بينهما، فإن الاتصالات لم تنقطع بين القيادة السعودية وبري، وكذلك بينها وبين الحريري الموجود منذ مدة في الرياض، بحثاً عن أفكار جديدة يمكن أن تعيد فتح أبواب الحوار لمعالجة الأزمة. ويرجح أن تظهر نتائج هذه الاتصالات قريباً.
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية إن فريقي السلطة والمعارضة مقتنعان بأن البلاد لا تستطيع أن تبقى في دوامة الأزمة الى حين انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي ربيع عام 2009، فضلاً عن أنهما لا يستطيعان الاستمرار في نزاعهما حتى ذلك التاريخ وأنه لا بد من التوصل الى حل متوازن للأزمة يرضيهما ويعيد الى البلاد توازنها المفقود.
وذكرت مصادر معنية أن الاتصالات الجارية تركز على تظهير مشروع حل يقوم على التوازي بين رئاسة الجمهورية والمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبينهما قانون الانتخاب الجديد.
وقالت المصادر نفسها إن هذا المشروع يقضي بتنازل المعارضة عن مطلب الانتخابات النيابية المبكرة مقابل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أو تعيينه رئيساً لحكومة انتقالية خلال مدة السنتين الباقيتين من ولاية مجلس النواب. وفي المقابل تحصل الموالاة على اعتراف بشرعية أكثريتها النيابية في المدة الباقية من عمر المجلس النيابي ويتم خلالها إقرار المحكمة الدولية وفق اقتراح الرئيس بري الذي أيّده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والقاضي بتأليف لجنة سداسية تضم وزير العدل شارل رزق وممثلَين للموالاة وممثلَين للمعارضة ونيكولا ميشال المستشار القانوني لبان تعمل على درس مشروع المحكمة وتعديله برعاية المملكة العربية السعودية وضيافتها. وبعد أن تنجز هذه اللجنة مهمتها، يتم إقرار مشروع المحكمة في المؤسسات الدستورية اللبنانية. كذلك يقضي مشروع الحل بأن تكون فترة السنتين المقبلتين مرحلة انتقالية تتم خلالها إعادة صياغة مكونات النظام السياسي اللبناني على أساس قانون انتخابات نيابية جديدة يعتمد القضاء دائرة انتخابية واحدة ويلبي المطلب المسيحي التاريخي بتحقيق التمثيل الواقعي للطوائف المسيحية في مجلس النواب ويحقق شراكتهم الفاعلة في القرار السياسي اللبناني، وخصوصاً لجهة تحديد شخصية رئيس الجمهورية.
وذكرت المصادر إياها أن هذا المشروع حظي بموافقة مبدئية لدى المعارضة وأن العاملين على تسويقه ينتظرون جواب فريق الموالاة ليبدأ في ضوء ذلك البحث في تفاصيله وآلية تنفيذه. وأشارت إلى أن الجانب السعودي سيبحث في هذا المشروع مع المسؤولين السوريين خلال الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ورئيس مجلس الأمن الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان إلى دمشق بعدما تعهد السوريون بلعب دور إيجابي في لبنان مقابل تعهد السعوديين بعدم تغييب الدور السياسي لسوريا فيه.
الى ذلك، تلفت المصادر إلى أن الأمم المتحدة كانت ولا تزال تحبّذ خيار التوافق اللبناني ـــ اللبناني على مشروع نظام عمل المحكمة وإقراره في المؤسسات الدستورية اللبنانية انسجاماً منها مع مقررات القمة العربية الأخيرة التي دعت الموالاة والمعارضة إلى التزام هذا الخيار، واقتناعاً منها بأن هذا التوافق إذا حصل سيشكل مدخلاً الى حل الأزمة السياسية اللبنانية، بدليل أن الحوار الأخير بين بري والحريري توصل الى اتفاق على وجوب أن تقرّ المحكمة بعد تعديل بعض بنود نظامها في إطار لجنة مشتركة من الموالاة والمعارضة، ومن ثم يتم البحث في تأليف حكومة الوحدة الوطنية.