اعداد: غسان سعود
شكّلت إثارة مشاعر الناس ضد الميليشيات ركيزة أساسية للعماد
ميشال عون في استقطاب الحشود التي وفدت إلى بعبدا لتعلن اشمئزازها من استراتيجية القتل للقتل. فيما رأى زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عام 1989 أن إجراء استطلاع للرأي العام، سيثبت عدم حصول أي زعيم سياسي على أكثر من نسبة تأييد ضئيلة جداً. وأكد الرئيس صائب سلام في العام نفسه أن أكثر من تسعين بالمئة من اللبنانيين يختارون السلم والعيش معاً. وكان السياسيون بكلامهم هذا يواكبون شعبهم الذي أعلن اشمئزازه من استمرار التقاتل بالوسائل المتوافرة. وأبرزها فوز المحامين الرافضين للحرب في انتخابات النقابة عام 1988 رغم وجود لوائح حزبية. وتكرر الأمر نفسه في انتخابات نقابة الأطباء. لكن يبدو أن قرّاء الاستطلاعات يتراجعون، وثمة من يسعى لترويع التسعين بالمئة رغم الجهود الخارقة التي يبذلها البعض، وخصوصاً الجمعيات الفاعلة في الأوساط الشبابية، لمنع عودة الحرب




محور «الحركة الاجتماعية» يعوق إتجار السياسيين بأرواح الفئات المهمشة
تندرج برامج الحركة الاجتماعيّة في إطار خمسة محاور رئيسيّة هي: التدعيم المدرسيّ، الأندية المهنيّة، متابعة الأحداث والنساء في السجون، التدريب المهنيّ والاجتماعيّ، التطوّع وتفعيل دور الشباب في المجتمع.
في الأول، ومن أجل تفادي التسرّب المدرسيّ، أرست الحركة الاجتماعيّة برنامج التدعيم المدرسيّ في 16 مدرسة رسميّة منتشرة على كل الأراضي اللبنانيّة. ويركز البرنامج على تشخيص نقاط الضعف التربويّ الذي يعانيه التلاميذ والعمل على تفعيلها وتقويتها، عبر التعاون بين مربّي الحركة والهيئات التعليميّة والإداريّة ولجان الأهل في المدارس الرسميّة. بالإضافة إلى الإسهام في جزء من الأقساط المدرسية، من خلال برامج دعم مختلفة.
وفي ما يخصّ الأندية المهنيّة، تعمل الحركة منذ عام 1999، في مناطق الجناح، زحلة، سنّ الفيل وطرابلس مع أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و14 سنة. وتُعَدُّ الأندية المهنيّة مدرسة بديلة للأطفال الذين تركوا مدارسهم في سنّ مبكر، بحيث تعالج نقاط ضعفهم وتتأقلم مع حاجاتهم. ويتابع المراهقون إضافة إلى الدروس الأكاديمية توجيهاً مدنيّاً، يعرّفهم إلى أبرز حقوقهم وواجباتهم، وتوجيهاً مهنيّاً يمكّنهم عند بلوغهم سنّ الـ15 من الالتحاق ببرنامج التدريب المهنيّ الذي يستطيعون من خلاله متابعة التدريب المهنيّ المناسب لهم والذي يسهم في تحسين فرص اندماجهم في المجتمع ونجاحهم في سوق العمل. وكانت الحركة قد أطلقت منذ عام 2002 مشروع «دعم المنشآت الصغيرة والمتوسّطة» بالتعاون مع البلديات في مختلف المناطق اللبنانيّة، لتتمكّن من استقبال الشبّان والشابات الذين أنهوا تدريبهم وتحاول توظيفهم. ونجحت الحركة في السنوات الأربع الأخيرة في تدريب 2549 شاباً وشابةً في مختلف المناطق اللبنانيّة ضمن قطاعات مهنيّة مختلفة. ووجد 70% من المتدرّبين عملاً.
فيما أسهم برنامج التدريب المهنيّ في السجون، الذي تضطلع به «الحركة» إلى جانب التأهيل الاجتماعيّ في تحسين مهارات الأحداث، إذ يشكّل التدريب مرحلةً أساسيّةً من أجل إعادة انخراط ناجح في المجتمع بعد انقضاء فترة السجن. وتنشط الحركة أيضاً إلى جانب النساء المسجونات لتحسين ظروفهن الاجتماعيّة بعد خروجهن من السجن عبر تعزيز مستواهن العلميّ والمهنيّ داخل السجن بالإضافة إلى متابعة اجتماعيّة ونفسيّة تسمح لكلّ امرأة باستعادة ثقتها بنفسها عبر إظهار إمكانيّاتها ومهاراتها. فتتابع النساء دورات في محو الأميّة، وفي اللغات الأجنبيّة والكومبيوتر، إضافة إلى تدريب مهنيّ في التزيين والخياطة والتطريز. وكانت متطوّعات الحركة قد جهزن مكتبة عامة داخل السجن، تهتمّ النساء بإدارتها. وتتابع الحركة شؤون السجينات حتى بعد خروجهنّ من السجن عبر فريق عمل متخصّص يزيد فرص إعادة اندماجهنّ في المجتمع.
ووسط تعدّد البرامج، ترى إحدى الناشطات في «الحركة» أنّ النشاطات الموسميّة للتحذير من الاندفاع صوب الحرب مجدداً ضروريّة، لكن لا بدّ من خطّة متكاملة تقنع الشباب اللبنانيّ بإيجابيّة الحياة، وأهميّة السلام والاستقرار، والشراكة الحتميّة بين جميع المواطنين اللبنانيين. ويلفت زميلها إلى ضرورة الاهتمام بشكل خاص في الفئات الفقيرة التي تجد نفسها مهمشة، وتكون عرضة أكثر من غيرها لبعض السياسيين المتاجرين بأرواح المواطنين.
(الحركة الاجتماعية)



قيم الحركة

اللاطائفية: العلمانية الشاملة الحيادية إيجابياً.
اللافئوية: الاهتمام بكل المجتمع.
اللاخيرية: التنمية الشاملة.
اللاعنفية: اللاعنف كطاقة تغييرية لحل الصراعات.
اللاارتجالية: العلمية التخطيطية للوقاية قبل العلاج
اللاانتهازية: المجانية في التطوع
اللاانفرادية: التنسيق بين جميع من يهمهم أمر أو مشروع
اللافوقية واللامركزية: تقاسم المسؤوليات بين الناشطين





«أيامنا راجعة» لأن «الحرب القادمة... قادمة»
نادر فوز

«جايي أيامنا» عبارة يرددها عدد لا بأس به من اللبنانيين المتحمسين للعودة إلى الحرب لأن اللبناني برأيهم لا يتنفّس بشكل صحيح إلا في الحرب التي «لا كبير فيها».
تبرز هذه الآراء في مواجهة تحذيرات الجمعيات وبعض قوى المجتمع الأهلي من عودة الحرب الأهلية وشبح الاقتتال الداخلي. ولا يجد هؤلاء الشباب حرجاً في التبشير بالـ«قتل للقتل» واقتراب ساعة تنشق رائحة البارود، و«اللعب بالخردق من وراء المتاريس»، مضيفين إلى قاموس اللبنانيين كلمة جديدة هي «جايي إيامنا» يرددونها مصحوبة بوعد أن يربّوا «كل من يعتقد أنه ربّانا خلال السنوات الماضية».
في كافيتيريا الجامعة اللبنانية الأميركية، يستعيد شاب عشريني مشهد أحد مطلقي النار في محيط جامعة بيروت العربية بحماسة. ويقول إنه حلم بتلك اللحظة مطولاً. ولم يشعر بأي خوف قبالة مطلق النار، بل تمنى لو يكرر الشاب عمله مراراً. ويؤكد الشاب أن أفلام الحرب اللبنانية وصورها غالباً ما كانت تثير حماسته، وتجذبه بقوة لاختبار تلك التجربة التي عشق الانتماء إليها من كثرة ما سمعه عنها. ويشير زميله إلى «طبيعة اللبناني الحربية» وعشقه العفوي للقتال. والدليل، اختيار معظم الأهالي ألعاباً قتالية لأولادهم في المناسبات. ويلفت شاب من منطقة أخرى إلى أن والده كان يؤنبه إذا عاد إلى المنزل باكياً أو شاكياً اعتداء أحد زملائه عليه. وكان والده يصر على رد الكف كفين حتى لو دفع الثمن عقوبة مالية أو سجناً.
وفي السياق نفسه، يرى أحد شبان الطريق الجديدة أنه بعيداً عن الأمثولات المدرسية، والشعارات الفارغة المسالمة، هناك شبان كثر ينتظرون عودة الحرب، لاعتقاد بعضهم أنها الخيار الأسهل للحصول على كل ما يشتهونه، فيما يتحدث آخرون عن ثأر مبيت عند بعض اللبنانيين، ينتظر اشتعال الفتيل حتى يأخذ مداه.
ولا تقتصر الحماسة للحرب على الشباب فقط، إذ يقول أحد المسنين من رواد شارع الحمرا إنه لا شيء يضاهي لذة الحرب. ويصف كل المقاتلين السابقين الذين ندموا على مشاركتهم في الحرب بالكاذبين وناكري الجميل، مؤكداً أن «شخصية اللبناني المتشاوفة لا تتنفس بشكل طبيعي إلا في الحرب حين لا يعود هناك كبير».
ويرى أحد المراقبين أن الطبقات الاجتماعية للشبان المتحمسين للحرب متنوعة. وانتماءاتهم العقائدية ــــــ السياسية متعددة. وهم موزّعون على معظم الطوائف. وبينهم من ينظر إلى الحرب من وجهة عاطفية بحتة، فيما يرى فيها آخرون تطبيقاً لثورة ما أو مشروع أحبطته أيادٍ خارجية. وبموازاة هؤلاء ثمة من يعتقد أنّ الحرب حتمية ولا بدّ من الوصول إليها، ويفترض بالتالي التعامل مع هذه الحقيقة بواقعية والاستعداد معنوياً وعتاداً.
ووسط هذه الآراء، تبرز تجارب مواطنين ما زالوا يعيشون حصار الحرب، ويتحدثون عن «غربية وشرقية» حيث ينتظرهم قناصو المرابطون إذا كانوا من أهل «الشرقية»، ومسلحو الكتائب إذا كانوا من «الغربية». ويؤكد جان، وهو سائق أجرة من منطقة عين الرمانة أنه لم يتجاوز خطوط التماس السابقة التي لا تزال عالقةً في ذهنه: «ماكسيموم بقطع على طريق الطيونة ــــــ صيدا القديمة ــــــ كنسية مار مخايل». ولا يرى جان في الحرب السابقة عيباً، بل وسيلة وحيدة حافظت على وجود لبنان. ويوضح أنها كانت «حرباً بين لبنانيين أرادوا مصــلحة لبنان وآخرين تعاملوا مع الخارج بهدف القضاء على لبنان». تحــــــليل يفتح سجالاً بين اللبنانيين غالباً ما يؤدي إلى عراك.
وبين هذا وذاك، يقول أحد الشبان اليساريين في شارع الحمرا إن كثيرين لم يسمعوا أغنية «الحرب القادمة» لـ«الرفيق خالد الهبر». ويفترض بهؤلاء أن يسمعوا ويصدقوا أنه «في زحمة الحلول يتحدث الزعماء عن حرب قادمة، لكن الزعماء ويا أسفي لا يعلمون أنّ الحرب القادمة.. قادمة».


«غباء» في الحقوق 2

تمحور الحديث أمس في كافيتيريا كليّة الحقوق ــــــ الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية حول ذكرى 13 نيسان. كان البعض يدافع عن مشاركة حزبه في الحرب، ويبررها بضرورات تلك المرحلة، فيما اشتكت إحدى الطالبات من ممارسات ميليشياوية غير أخلاقية تخطت كل المعايير، وجعلت من «القضية» قناعاً لإساءات وانتهاكات لكل الأعراف. وانهمك طلاب السنة ثانية علوم سياسية في محاولة الاتفاق على عنوان للحرب قبل أن تتدخل إحدى الطالبات وتقول بغضب إن «المعتّر» وحده دفع الثمن، وها هم قادة الحرب يعودون ليستثمروكم من جديد. وأنتم سعداء بهم، لشدة غبائكم.