strong> نادر فوز
توجّهت الجموع مجدداً نحو مبنى بركات عند تقاطع السوديكو؛ ليس هذا المبنى رمزاً للحرب الأهلية، لما يمثله من ركام وخط تماس، بل أصبح أيضاً محجةً لأحزاب وجمعيّات مدنية عديدة وجدت أنّ هذا المبنى يصلح ليكون مركزاً لإقامة مختلف النشاطات. أمس، تناسب موقع المبنى مع ذكرى اندلاع الحرب الأهلية في 13 نيسان، التي أحياها الحزب الشيوعي عند السوديكو.
قدم الشيوعيون من جميع المناطق اللبنانية، حاملين الأعلام اللبنانية وأعلامهم الحمراء المزيّنة بالمناجل والمطارق. ولم يغب غيفارا الذي عادةً ما يلازم نشاطات شباب «الحزب». تميّزت المشاركة بالوجوه الشابة الجديدة، إضافةً للوجوه «العتيقة» التي قررت عدم الانحراف عن مبادئ العدالة الاجتماعية ورفض الطائفية والوصايات الخارجية وعدم الانغماس في السياسات التحاصصية؛ وحضرت عناصر قوى الأمن الداخلي والفهود إضافةً إلى رجال الأمن بثياب مدنية.
غابت الشعارات عن الذكرى، إلا أنّ لافتتين كبيرتين موقّعتين باسم «الحزب» رفعهما عدد من «الرفاق»: «لا يبنى لبنان الوطن والدولة الديموقراطية الحقيقية بدون قانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي»، بمناسبة الذكرى الرابعة لغزو العراق وحفاظاً على السلم الأهلي في لبنان، لتتوحد الجهود لإسقاط المشروع الأميركي في العراق والمنطقة».
«بمناسبة 13 نيسان لا للعودة إلى الحرب الأهلية، نعم لحماية السلم الأهلي»، لافتة أخرى وضع المنظمون تحتها منصةً خشبيةً صغيرةً استعداداً لخطاب الأمين العام.
ناهزت الساعة الخامسة وعشرين دقيقة، تأخر الدكتور خالد حدادة. في هذه الأثناء بثّت مكبرات الصوت أغاني الشيوعيين الاعتيادية لزياد الرحباني وخالد الهبر ومارسيل خليفة. قام عدد من المشاركين بتوزيع قصاصات بعنوان «نموت... ليحيا الكثير من المعذبين»، «تكريماً لشهداء حرب تموز»، وهي دعوة إلى المشاركة في المعرض الثالث عشر للكتاب الذي يقيمه سنوياً قطاع الشباب والطلاب في الحزب في كليّة العلوم في الجامعة اللبنانية. بانتظار وصول حدادة، تحدث بعض المشاركين عن ذكرى 13 نيسان؛ الرفيق سليم يعتقد أنّ الأوضاع الحلية مؤهلة تماماً لنشوب حرب أهلية جديدة، ويري أنّ الأخطر «انبعاث هذه الروح العدائية بين اللبنانيين حتى من طلاب الجامعات». سامر، من جهته، رأى أنّ النظام الطائفي يتحمّل المسؤولية الكاملة لوصول «البلد إلى شفير الهاوية»، إذ إنه «بتجديده لنفسه يجدد النظام التحاصصي والاحتقان المذهبي وكل أشكال التدخلات الخارجية». رنى، التي لفّت رأسها بعلم «الحزب»، تعتقد بدورها أنّ الوجوه التي سببت حرب عام 1975 هي نفسها التي تتسبّب بالأزمة الحالية، «ليس علينا سوى التأمل خيراً، إذ إنّ الأوامر والقرارات لا تصدر إلا من الخارج».
بثّ نشيد الأممية، وقف الشيوعيون ينشدون ما تبقى لهم من «أيام العزّ» وعصر الاتحاد السوفياتي، ثم ألقى حدادة كلمته التي اشار فيها الى «بلوغ الانكشاف والإفلاس في النظام السياسي ذي المرتكز الطائفي ذروته. هذا النظام الذي كان السبب الرئيسي في نشوب الحرب الأهلية والذي عاد وأنتج الأزمة نفسها في المرحلة الراهنة». ودعا حدادة إلى استقالة الحكومة لكونها تتحمل المسؤولية الكاملة عن التعطيل الذي أصاب البلد. ورأى «أن الدولة التي لا تؤمّن فرص عمل للشباب ولا تسعى لتحسين الوضع الاقتصادي ولا تحمي المقاومة ليست دولة». وأضاف «فقوى هذا النظام لم تعجز فقط عن التوصل إلى حلول وتسويات مؤقتة أو دائمة لأزمات البلاد، لكنها هي أيضاً، قد أصبحت في معظمها، وبنسب تتفاوت بين فريق وآخر، أداة ورهينة لدى القوى الخارجية». ودعا حدادة باسم الشيوعيين إلى رفض الفتنة ورفض الاستعدادات لها والتي ينجرف إليها البعض من دون حسابات أو تردد. داعياً إلى إقرار قانون انتخابي عادل بدون القيد الطائفي وعلى أساس النسبية. ومشدداً على ضرورة الدفاع عن السلم الأهلي، ضد المغامرة والاستفزاز والعصبيات الطائفية والمذهبية.