إبراهيم عوض
أبدى مسؤول لبناني بارز عدم ارتياحه للموقف الروسي من موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي، واعتبره غير واضح. وقد خرج بهذا الانطباع بعد استقباله سفير موسكو في بيروت سيرغي بوكين حيث نقل عنه زواره قوله بأنه «خلافاً لما يعلنه الروس عن معارضتهم إقرار مشروع المحكمة تحت الفصل السابع وتفضيلهم تفاهم اللبنانيين حوله وسلوكه الأطر الدستورية المعتمدة، فإن هؤلاء لا يمكن الركون اليهم، خصوصاً أنهم «يشترون ويبيعون» حين يتعلق الأمر بمصالحهم»، مذكراً بإحجام روسيا أكثر من مرة عن استخدام حق الفيتو ضد قرار يخالف مصلحة اللبنانيين أو العرب والاستعاضة عنه بالامتناع عن التصويت، الأمر الذي لا يقدم أو يؤخر في صدور القرار.
وما عبر عنه هذا المسؤول ليس ببعيد عن وجهة النظر السورية التي تأمل في موقف روسي أكثر وضوحاً وفعالية، على غرار ما حصل حين أطلقت موسكو صرختها في مجلس الأمن مطالبة بالكشف عن أسماء الدول العشر التي لا تتعاون مع التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وتلفت مصادر سورية مطلعة إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف سيسمع بالتأكيد، خلال زيارته المقررة الى دمشق غداً، الى الملاحظات السورية على الأداء الروسي عند إثارته موضوع المحكمة الدولية التي يبدو أنها تشكل أولوية على جدول محادثاته الذي يشمل أيضاً عدداً من القضايا التي تهم البلدين.
وقد أبلغ ديبلوماسي روسي «الأخبار» بأن لا موقف نهائياً لبلاده في مسألة استخدامها حق النقض (الفيتو) في حال بلوغ مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي مرحلة البحث في مجلس الأمن تحت الفصل السابع، موضحاً أن مثل هذا القرار يعود إلى رئيس الدولة فلاديمير بوتين، مؤكداً أن روسيا لا تحبذ مطلقاً إقرار المشروع تحت الفصل السابع.
وفيما أعرب الديبلوماسي الروسي عن أمله في أن يتوصل اللبنانيون الى اتفاق حول المحكمة يجنّب أي تدخل أجنبي بأمرها، أفاد بأن اجتماعات الوزير سلطانوف في بيروت ستقتصر على رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة: إميل لحود، نبيه بري وفؤاد السنيورة، كما سيلتقي وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ. وقال إن أي تعديل على برنامج الزيارة واللقاءات عائد الى نائب وزير الخارجية الذي يغادر بيروت صباح غد متوجهاً إلى دمشق.
وإذا كانت الملاحظات السورية التي سيتبلغها سلطانوف والمتعلقة بالدور الروسي في مجلس الأمن تندرج في إطار المصارحة بين الجانبين اللذين لطالما ربطت بينهما علاقات صداقة وتعاون، وعملاً بالقول المعروف «العتب على قدر المحبة»، فإن ما ينتظر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في العاصمة السورية التي يصل إليها في 24 من الشهر الجاري أكثر من ملاحظة، وفق ما تفيد مصادر سورية مطلعة، مشيرة إلى أن دمشق تلقت باستياء ما تضمنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المتعلق بتنفيذ القرار 1701، خصوصاً عند حديثه عن استمرار تهريب السلاح من سوريا الى لبنان. وذكرت هذه المصادر أن التقرير المذكور أعلن صراحة اعتماده الرواية الإسرائيلية في هذا الشأن، واعتبرت ذلك خروجاً عن منطق الأشياء، مستغربة كيف تقبل أعلى هيئة دولية الأخذ بمثل هذه الرواية التي تقدمت بها دولة معادية للبلد المعني بها أيضاً، متخلية بذلك عن دورها في التثبت من صحتها عملاً بالحيادية التي يفترض أن تطبع عمل المنظمة الدولية.
وعلى رغم المأخذ السوري على تصرف بان، فإن المصادر السورية المطلعة أملت أن يتم تدارك الأمر عبر إجراء التعديلات اللازمة في البيان الرئاسي المنوي أصداره آخذاً في الاعتبار ما أدلى به المندوب السوري في هذا الشأن، كما لم يفتها التنويه بالموقف الذي اتخذه الأمين العام للأمم المتحدة إزاء الرسالة التي تلقاها من نواب الأكثرية، مطالبين بإقرار مشروع المحكمة في مجلس الأمن، حيث رد عليها متمنياً بأن يتم هذا الأمر في لبنان ووفقاً لما ينص عليه الدستور، وأتبع تمنّيه هذا بإيفاد مساعده في الشؤون القانونية نيكولا ميشال الى بيروت التي يصلها اليوم.