عبدو سعد*


84% يفضلون التوافق و55% يرفضون الفصل السابع
54% لا يؤيدون إعتقال الضباط الأربعة من دون توجيه تهم
57% لا يرون إمكاناً لمعاودة حوار جدي بين الموالاة والمعارضة


  • أجرى مركز بيروت للأبحاث والمعلومات استطلاعاً للرأي حول الموضوعات السياسية الراهنة، منها: كيفية إقرار المحكمة الدولية، تداعيات إقرارها في مجلس الأمن، العودة للشعب لحل الأزمة، وموضوعات أخرى. نُفِّذ الاستطلاع في الفترة الواقعة بين 10 و13 من نيسان 2007، وشمل عيِّنة من 800 مستطلَع، واعتمدت منهجية إحصائية تلحظ التوزع الطائفي والمناطقي، بالإضافة إلى الفئات العمرية المختلفة من الجنسين

  • عاد الوضع السياسي في لبنان إلى التلبد مع ازدياد الأزمة استعصاءً، وتعكس نتائج الاستطلاع حال الانقسام الحاد بين اللبنانيين، والتي تتجلى بمواقف القادة السياسيين من الطرفين على مجمل القضايا الحساسة.
    وبيّن الاستطلاع (السؤال الأول) أن مبدأ تأليف المحكمة الدولية هو المفردة الأكثر تداولاً في القاموس السياسي اللبناني، وأكثر القضايا التي تحظى بشبه إجماع لبناني، إذ عبّر نحو 90% من المستطلَعين عن تأييدهم لتأليفها في استطلاع سابق أجراه مركز بيروت ونُشر في «الأخبار» (12/12/2006). ويظهر الاستطلاع الذي بين أيدينا أن حوالى 84% من اللبنانيين يفضلون إقرار المحكمة الدولية عبر التوافق الوطني، لأن الاختلاف على المحكمة لا يكمن في مبدأ إقرارها، بل في كيفية إنشائها، اذ رفض ما نسبته 55% إقرارها تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، فيما أيد نحو 43% ذلك.
    وكشف الاستطلاع (السؤال الثاني) أن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين تريد من المحكمة الكشف عن قتلة الرئيس رفيق الحريري وتحصين لبنان من الاغتيالات، فيما عبّر نحو 6% من المستطلعين عن رغبتهم بتوظيف المحكمة لمعاقبة سوريا تحديداً. وهذه النسبة منخفضة نسبياً، إذا أخذنا في الاعتبار وجود اتهامات قوية ضد دمشق باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ما يشير إلى أن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين لا تبدي رغبة في تسييس المحكمة. وأبدت أكثرية المستطلعين (السؤال الثالث)، أي ما نسبته نحو 59% (نحو 85% من الشيعة و58% من المسيحيين) أن إقرار المحكمة في مجلس الأمن، بمعزل عن التوافق الوطني عليها، سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، ما قد ينتج انسداداً أمام أي حلّ قد تتوافق عليه قوى الموالاة والمعارضة في المستقبل.
    كما كشفت نتائج الاستطلاع (السؤال الرابع) أن أغلبية المستطلعين بنسبة 65% تؤيد دعوة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله إلى الاحتكام إلى رأي الشعب اللبناني لحل الأزمة التي وصلت إلى طريق «مقفل»، على حد تعبيره. وكان نحو 61% من اللبنانيين تأييدهم أبدوا في استطلاع أجراه مركز بيروت ونشر في «الأخبار» (7/2/2007) لإجراء انتخابات نيابية مبكرة. ويبدو أن هذه الغالبية ترى أن إجراء انتخابات مبكرة أو استفتاء (الذي يحتاج إلى تعديل دستوري) قد يخرج لبنان من الحلقة المفرغة التي يعيش الشعب اللبناني تحت وطأتها.
    ولم تكن نتائج الاجابات على السؤال الخامس مفاجئةً، اذ أبدى نحو 63% تأييدهم لدعوة السيد نصر الله إلى منع الاعتقال السياسي. ومن شبه المؤكد أنه لو صدرت الدعوة عن فريق سياسي محايد لحصدت شبه إجماع على تأييدها، خصوصاً أن التقليد السياسي اللبناني يرفض هذا النوع من الاعتقالات.
    وعلى رغم أن السيد نصر الله رأى في خطابه الأخير أن توقيف الضباط الأربعة يندرج ضمن الاعتقال السياسي، وأيدته أكثرية اللبنانيين بنسبة نحو 53%، إلا أن قسماً (نحو 16%) من الذين دانوا الاعتقال السياسي لم يوافقه الرأي (السؤال السادس)، فرأوا أن توقيف الضباط الأربعة ليس اعتقالاً سياسياً، ويجب إبقاؤهم قيد التوقيف إلى حين استجوابهم، وهذا الموقف ليس مفاجئاً، خصوصاً إذا أخذ في الاعتبار حجم الاتهامات التي وجهت إليهم والتي دانتهم قبل بدء التحقيق معهم.
    وأظهر الاستطلاع رداً على السؤال السابع أن الغالبية من اللبنانيين التي بلغت 57% والغالبية من الطوائف كافة أبدت تشاؤماً حيال إمكان معاودة الحوار بعد المواقف السياسية التي عبّر عنها قادة رئيسيون من الطرفين والتي «نَعَتْ» الحوار، اذ قال السيد نصر الله إن الطريق «مقفلة»، ورأى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط «أن لا لزوم للذهاب إلى السعودية». هذه المواقف المعلنة هي التي ولَّدت التشاؤم عند معظم اللبنانيين، مع الإشارة إلى أنه في استطلاع أجراه مركز بيروت ونشر في «الأخبار» (6/3/2007) أبدت غالبية اللبنانيين، أي نحو 67% تفاؤلها بإيجاد حل للأزمة.
    وكانت الإجابات عن السؤال الثامن محكومة بتصور المستطلعين أن أي ضربة أميركية لإيران ستلحق الهزيمة بها وبالتالي سيضعف «حليفها» الرئيسي في لبنان.
    من المفيد الإشارة إلى أن نتائج الاستطلاع أظهرت أن أجوبة الإناث على كل الأسئلة ذات الصلة اختلفت عن إجابات الذكور وانسجمت مع طبيعتهن الشخصية المائلة إلى المسالمة ورغبتهن في الأمن والاستقرار. ففي السؤال المتعلق بإقرار المحكمة في مجلس الأمن لم يوافق نحو60% من الإناث على إقرارها، مقابل نحو 49% للذكور لم يوافقوا على ذلك. ورداً على السؤال عما إذا كان إقرارها يحل الأزمة أم يفاقمها، أجاب نحو 31% من الإناث بأنه يحل الأزمة، مقابل نحو 41% من الذكور. وأجاب نحو 70 % من الإناث مقابل نحو 60 % من الذكور بأنهم يؤيدون العودة للشعب لحل الأزمة. ورأى نحو 60% من الإناث إلى جانب نحو 49% من الذكور أنه لا يجوز استمرار اعتقال الضباط الأربعة من دون توجيه اتهامات لهم. وكانت إجابات الفئة العمرية الشابة أقرب للذكور منها إلى الإناث.

    * مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات