عمر نشابة
تحدّث الأسبوع الماضي الوزير السابق والنائب وليد جنبلاط عن وجود كتيبتين من الجيش السوري في الشوف تعملان على زرع الفتنة في الجبل. وقال جنبلاط إن الجيش السوري في الجبل مموه بمظهر عمال، ما يفسح المجال لردات فعل عنصرية تطال العمال السوريين. من المفترض أن يُعَدَّ هذا الكلام إخباراً للنيابة العامة يقتضي فتح تحقيق قضائي. وقبل الدخول بأعمال البحث والتدقيق يعمل المحقّق المحترف عادة على دراسة الخلفية والسوابق.
عند مراجعة التوترات التي شهدها الجبل منذ الاستقلال، يتبيّن أن الحديث عن وجود سوري منظّم ومسلّح في الشوف ليس جديداً. ففي عام 1958 عندما كان الوزير والنائب الراحل كمال جنبلاط، الموالي للقوى العربية بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، في صراع مع الرئيس الراحل كميل شمعون، قال هذا الأخير في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بعد سؤاله عن الأدلة التي تشير إلى تدخّل سوري مباشر في الشؤون اللبنانية: «إذا زرتم الشوف فسترون فوجاً سورياً كاملاً» إلى جانب كمال جنبلاط.
وخلال تلك الأيام العصيبة التي تشبه إلى حدّ ما الوضع الراهن، جمع شمعون سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا متمنياً درس إمكان إرسال قوات مسلّحة لحماية لبنان من «الانزلاق» إلى المعسكر العربي الذي كان يقوده عبد الناصر.
وتزامناً مع ذلك ناشد وزير الخارجية الراحل شارل مالك خلال مؤتمر صحافي «العالم الحرّ» التدخّل لمساعدة لبنان في «معركة الوجود».
ومع احتدام الخلاف بين العروبيين الجنبلاطيين وإلى جانبهم العشائر الموالية للرئيس الراحل صبري حمادة والعائلات البيروتية المتحلّقة حول الزعيم صائب سلام في المصيطبة، بوجه الرئيس شمعون ومعه الكتائب والقوى المناوئة لعروبة لبنان الناصرية، حاولت مجموعة تابعة لجنبلاط السيطرة على مطار بيروت الدولي فمنعها الجيش اللبناني. فالجيش كان يسعى إلى حماية جميع مؤسسات الدولة بما فيها القصر الجمهوري. ومع ذلك، كان شمعون منزعجاً من أداء قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب الذي كان على مسافة واحدة من الطرفين المتناحرين. وطرح يومها الرئيس عبد الناصر فكرة أن يصبح اللواء شهاب رئيساً للجمهورية كحلّ للازمة. وبالفعل تمّ التوافق داخلياً على هذا الأمر وانتخب الرئيس فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية.
أين الحلّ اليوم يا ترى؟ وهل سيقترح رئيس عربي حلولاً أم سيتمكّن اللبنانيون من حلّ مشاكلهم بأنفسهم؟