strong> ثائر غندور
يرتفع المنجل والمطرقة في المجمّع الجامعي في الحدث ليعلن عودة الشيوعيين للعمل الجامعي بعد أشهر من التوقّف القسري، بسبب قرار رئاسة الجامعة اللبنانية منع العمل السياسي في الجامعة. عودة على حصان الثقافة، بالمعرض الثالث عشر للكتاب في كلية العلوم ـــ الفرع الأول تحت عنوان «نموت ليحيا الكثير من المعذبين». أراد الشيوعيون توجيه تحية لشهدائهم خلال التصدي للعدوان الاسرائيلي الأخير، وإبلاغ الجميع بأنّهم ما يزالون موجودين، ويتنفسون رغم أنّ الهواء ملوّث بالطائفية. لذا، حضر أمينهم العام الدكتور خالد حدادة ليشارك شباب حزبه في دعوتهم إلى عودة الجامعة اللبنانية منبراً ثقافياً بدلاً من المتاريس التي ظهرت مرات عدة خلال هذا العام.
بدوره، كان الجمهور متنوعاً، فلم يرتدِ الجميع عباءة الشيوعي. امتلأت الكراسي، على وقع الأناشيد الثورية والوطنية. لكنّ الجامعة اللبنانية لا تتغيّر، فمقابل المعرض جلس عدد من الطلاب غير المبالين بما يحدث، وفضولهم لم يدفعهم إلا لمراقبة الوافدين إليه، ليعلموا من هم الطلاب الذين تجرأوا وشاركوا الشيوعيين معرضهم.
طغى الكلام السياسي على افتتاح المعرض، رغم تحذير رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر للمنظمين من الكلام في السياسة تحت طائلة منعهم من النشاطات لمدة سنتين. غير أنّ الكلام اختلف جذرياً عمّا يُقال يومياً على المنابر. فالزميل حسين أيوب أعاد رسم علاقة آلاف الشيوعيين بحزبهم: «كلما ابتعدتُ عن الحزب الشيوعي، كنتُ أعيد صوغ علاقتي النقدية الإيجابية معه. صلة الفكر والسياسة والممارسة. وها أنا اليوم، وبعد 17 سنة من التصنيف الحزبي الصارم واللئيم بعبارة «خارج التنظيم»، أجد نفسي أقرب للحزب، ومقارباً لنتاجه وممارسته يومياً». على وقع كلماته أومأ عدد من الشيوعيين برؤسهم موافقين. وعاد أيوب في الأيام إلى الوراء، تحديداً إلى الأيام الأولى لـ «حرب تموز» حين «دهمتُ جوزف سماحة في مكتبه في (الأخبار)». سألته عن تقديراته، فأجابني: «إذا صمدت المقاومة أسبوعاً نكسب المعركة»... ولعل الأجمل من ذلك، يقول أيوب، كيف تلقف سماحة بيان قيادة الشيوعي الذي تدعو فيه الشيوعيين إلى الانخراط في المقاومة، ليس لأنّه كان يعتقد أن جحافل المقاتلين ستبحر في اليم الجنوبي، بل لأنّه كان يرى أنّ المقاومة، كانت في تلك اللحظة، تحتاج إلى مواقف في السياسة تحميها لا إلى مال أو سلاح أو رجال، وخصوصاً في عزّ موسم الحصار والمغامرة». ووجّه أيوب دعوة إلى الحزب الشيوعي «من أجل أن يكبر ويحمل أشخاصاً مثلنا وغيرنا بالآلاف ممن يتماهون مع الخطاب السياسي ولا تعنيهم الحرتقات والحسابات التنظيمية الضيقة»، حملت الدعوة في طياتها العتب والإيمان بعدم قيامة لبنان إلّا من خلال المشروع اليساري الديموقراطي التغييري وبتناغم هذا المشروع مع مداه القومي والأممي. وختم أيوب كلمته بعبارات يُمكن أن تدخل في قاموس الشيوعيين: «لن يُنتج الطائفيون والمذهبيون في لبنان سوى الأمراض. وسنجد دائماً طوائف تحترب مع نفسها وغيرها. لن تجد المقاومة حماية حقيقية لها إلّا عندما نخرجها من الأطر الطائفية والمذهبية. ولليساريين الحقيقيين دور مهم في هذا الاتجاه».
وخاطب الأسير المحرّر رجائي بو همّين «رفاقه»، قائلاً: «إنّ العدوان المصنوع سلفاً في أروقة البنتاغون قدّم لنا أدلة واضحة وشرعية على حقنا بالمقاومة أمام الشعوب المضللة رغم كل ما يتداولونه». ووجّه تحية إلى سمير القنطار ورفاقه والمناضل أحمد سعدات. أما كلمة قطاع الشباب والطلاب فألقاها محمد عودة ودعا فيها إلى تعزيز وضع الجامعة اللبنانية، محذراً من عدم اختلاف أهل الجامعة على قضاياها، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من التردي.
من جهة ثانية، أحيا «اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني» ـــ فرع ساحل المتن الجنوبي ـــ الذكرى الثانية والثلاثين للحرب الأهلية بمعرض صور ورسوم تحت جسر الصفير في الضاحية الجنوبية. وحمل المعرض شعار «لا للحرب، لا للفتن الطائفية المذهبية ومن أجل تعزيز الوحدة الوطنية وبناء الدولة الديموقراطية، وتأكيداً لفظاعة وآلام الحرب والاقتتال الداخلي».
وتضمن اليوم الطويل عرضاً لأفلام وثائقية، شاركت فيه فعاليات من المنطقة وحشد من الأهالي والشباب وكشاف الاتحاد والأطفال.