الشوف ـــ أميمة زهر الدين
التهمت الحرائق في شهر تشرين الثاني الماضي ما يقارب 900 هكتار من أشجار الصنوبر المثمر المعمرة والأراضي الزراعية الأخرى في منطقة وادي جسر القاضي الشوفية لتطال مناطق شرتون، مرج شرتون، سلفايا، بزريدة، دفون، البنية، وكفرمتى.
لا يمكن التحديد الدقيق لحجم الخسارة على المستويين البيئي والاقتصادي، إلا أن التقديرات تشير إلى أن حجم خسائر هذا الحريق الهائل بلغت حوالى 13 مليون دولار. لكن إن التفتت الجهات المعنية لإعادة تشجير تلك الأراضي فإن الوقت اللازم لشجرة الصنوبر المثمر لتعطي ثماراً، بحسب دراسة للمركز الوطني للبحوث والدراسات العلمية، هو 25 عاماً. خلال هذا الوقت إن كل هكتار يحترق يؤدي إلى خسارة قيمتها تصل إلى 144000 دولار خلال 25 عاماً.
مسؤول وحدة دميت في جمعية حماية وتنمية الثروة الحرجية رائد القمند أكد لـ«الأخبار» أنه كان من الممكن السيطرة على الحريق في الساعات الأولى، لكن مع هبوب الرياح امتدت النار بسرعة هائلة لم نكن ننتظرها فطال غابات الصنوبر المثمر والأراضي الحرجية والزراعية وقضى على ضعفي ما شجرته وزارة البيئة في حملة التشجير اللبنانية التي نفذتها منذ ثلاث سنوات.
وأضاف القمند «في البداية استعين بقوات الدفاع المدني والجيش، لكن جغرافية الأرض وعدم وجود طرقات تربط بين تلك الأراضي، مع أنها أراض زراعية، حالت دون تمكن تلك القوات من حصر النيران المستعرة، ما دفعنا للاستعانة بقوات اليونيفيل الموجودة على الأراضي اللبنانية. عملت تلك القوات على إقامة بركة يفرغ فيها الدفاع المدني حمولته، ومنها تملأ خزانات الطوافات لإطفاء الحريق، حيث إنه تعذر على سيارات الدفاع المدني الوصول إلى الحريق لعدم جهوزية الطرقات».
ووفقاً لتقرير جمعية حماية وتنمية الثروة الحرجية، طال الحريق مساحة 900 هكتار من غابات الصنوبر المثمر والأراضي الحرجية من سنديان، إضافة إلى الأراضي الزراعية وتخطت الخسائر المباشرة 13 مليون دولار. أما كلفة إعادة تشجير تلك المنطقة فتبلغ ثلاثة ملايين دولار نظراً إلى كبر البقعة التي طالها الحريق، وخاصة أنها من شجر الصنوبر المثمر.
ويشير القمند إلى أن «طبيعة تلك المنطقة الخلابة جعلتها من المناطق السياحية التي يقصدها بعض الأهالي فيفترشون جوانب الطرقات لتناول الغداء، وخاصة منطقة جسر القاضي التي أصبحت مقصداً لكثيرين، ومن الممكن أن يكون السبب بقايا نيران عن غير قصد خلفوها وراءهم. كما أن لأصحاب تلك الأراضي الدور الأكبر والمساهم في امتداد بقعة الحريق، حيث إنهم في موسم تشذيب تلك الأشجار لا يعمدون إلى رفع تلك الأشجار المقطعة عن الأرض. وهنا يأتي دور البلديات لتحذير الأهالي من الضرر المتوقع من وراء هذه الأعمال، كذلك إقامة حملات توعية للمواطنين لتفادي مثل هذه الحرائق».
والتوعية على الصعيد المحلي من أهم الأنشطة المساعدة على تجنب الحرائق في المستقبل، ومن الجمعيات الناشطة في هذا المجال جمعية البيت اللبناني للبيئة. رئيس الجمعية الشيخ نظام أبو خزام أشار إلى «الأخبار» أن الجمعية تقيم دورياً دورات توعية في المدارس حول كيفية تجنب الحرائق وطرق مكافحتها. أبو خزام ناشد رؤساء البلديات في المناطق التحرك الفوري عند معرفتهم بأي حريق والتشدد في مراقبة الحرائق، وخاصة في الفترة الممتدة بين أشهر أيلول وتشرين من كل سنة حيث إن هذه الفترة هي الأكثر احتمالاً لنشوب الحرائق.
تجدر الإشارة إلى أن موسم التشجير لهذا العام لم يثمر حملات كبيرة طالت الأحراج المتضررة في قضاءي الشوف وعاليه، الأمر الذي يطرح علامة استفهام حول سبب هذا التقاعس، علماً بأن هناك العديد من المطالبات بعدم ترك المنطقة الواقعة في مجرى نهر الصفا بنية اللون بعد أن زينها الأخضر لعقود.