li>لحود أبلغ المسؤول الروسي معارضة لبنان نشر قوات دولية على الحدود مع سوريا
اظهرت حصيلة اللقاءات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف مع أركان الحكم في لبنان أن لا موقف نهائياً لدى روسيا بشأن التعاطي مع مسألة إقرار مشروع المحكمة الدولية تحت الفصل السابع إذا بلغ هذه المرحلة في مجلس الأمن، معلنة في الوقت نفسه تحفظها على إنشاء المحكمة تحت هذا الفصل محذرة من تأثيراتها السلبية على الساحة اللبنانية

حث نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف الاطراف اللبنانية على استئناف الحوار من اجل التوصل الى تسوية والتفاهم حول المحكمة «حفاظاً على بلدهم وعلى المصلحة الوطنية»، لافتاً الى «ان هذه التسوية يجب ان تكون وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب». وأبلغ رئيس الجمهورية إميل لحود سلطانوف خلال استقباله له أمس «ان اقرار الامم المتحدة لنظام المحكمة ذات الطابع الدولي يجب ان يحترم الاصول الدستورية اللبنانية ولا سيما المادة 52 من الدستور»، معتبراً أن «استناد مجلس الامن الدولي الى الفصل السابع لإقرار نظام المحكمة يعمق الخلافات بين اللبنانيين ويؤذي مسيرة السلم الاهلي، في وقت يفترض فيه بالأمم المتحدة ان تعمل على تعزيز الامن والاستقرار في لبنان وأن تساهم في كل ما يجمع اللبنانيين ويوحد كلمتهم».
وأوضح الرئيس لحود للموفد الروسي «انه عندما ابدى تخوفه من حصول حرب اهلية بين اللبنانيين اذا ما تم اقرار المحكمة الدولية على اساس الفصل السابع، انما أراد أن يحذر من خطورة اللجوء الى هذه الخطوة ولا سيما ان فريقاً كبيراً من اللبنانيين ابدى تحفظاً على بعض بنود نظام المحكمة ولم يتمكن من مناقشتها، لأن فريق الموالاة لم يتح له ذلك وعمل على إمرار مشروع نظامها خلافاً للأصول الدستورية، مما أثار مخاوف المعترضين وزاد هواجسهم لجهة استعمال قضية المحكمة الدولية لغايات سياسية تتجاوز الهدف الاساسي من انشائها».
وشرح رئيس الجمهورية للموفد الروسي الاسباب الدستورية التي جعلته يرى أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير شرعية وغير ميثاقية وغير دستورية، معتبراً «ان تصحيح الخلل القائم حالياً يكون من خلال تأليف حكومة وحدة وطنية جديدة تكون فيها لجميع مكونات المجتمع اللبناني الكلمة في المواضيع الاساسية المطروحة للبحث».
وعن امكان ارسال بعثة تقنية لتقصي الحقائق بشأن الوضع على الحدود اللبنانية ــ السورية، اشار لحود الى انه «سبق لمجلس الوزراء ان اتخذ في احدى جلساته في الصيف الماضي، بعد العدوان الاسرائيلي في تموز، قراراً بتكليف الجيش مهمة ضبط الحدود البرية بعد تزويده بمعدات حديثة للمراقبة، ولم يوافق على نشر قوات دولية او مراقبين دوليين على الحدود، لأن لبنان ليس في حالة حرب مع سوريا تستوجب مثل هذا التدبير المطبق على الحدود بين لبنان والاراضي المحتلة»، لافتاً الى «ان مجلس الامن الدولي لا يمكنه اتخاذ قرار يتعلق بسيادة دولة على أراضيها من دون الاتفاق مع الدولة اللبنانية التي كان سبق لها ان حددت موقفاً هو موقف لم يتبدل».
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وزير الخارجية الروسي في حضور النائب علي بزي والمسؤول عن العلاقات في حركة «أمل» علي حمدان. وقال سلطانوف بعد اللقاء انه «استمع من الرئيس بري عن افكار مهمة حول الطرق الممكنة للخروج من الأزمة»، مؤكداً أن بلاده «ستستمر في بذل الجهود للمساهمة في تعزيز الجو الملائم لمواصلة الحوار الوطني في لبنان».
وسئل اذا كانت هناك مهلة معينة قبل ان يلجأ مجلس الأمن الى الفصل السابع، فأجاب: «ليس لدينا اية معلومات عن الحدود الزمنية او اي شيء آخر، بل لا شيء على الورق، هناك فقط كلام بأن هناك اهتماماً بتحويل المسألة من لبنان الى مجلس الامن. موقفنا معروف، نحن متحفظون جداً على تحويل هذه المسألة في اطار الفصل السابع وفي ظروف غياب التوافق اللبناني، ولهذا السبب ندعو اللبنانيين الى بذل الجهود ومضاعفتها لإيجاد الحل هنا».
وسئل سلطانوف عن مشروع البيان الرئاسي لمجلس الامن حول القرار 1701 واقتراح نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية ــ السورية فأجاب: «حتى الآن لا شيء حول انتشار القوات الدولية على الحدود اللبنانية ــ السورية. وتجرى حالياً مناقشات حول مشروع البيان في مجلس الامن، وتبذل روسيا الجهود لكي يكون هذا البيان متزناً ويأخذ في الحساب كل الاعتبارات وكل عوامل الوضع في لبنان وحوله».
وأجرى الرئيس فؤاد السنيورة محادثات مع سلطانوف شارك فيها عن الجانب اللبناني وزير الخارجية بالوكالة طارق متري وعن الجانب الروسي السفير سيرغي بوكين والوفد المرافق. وأولم السنيورة مأدبة غداء على شرف المسؤول الروسي انضم اليها وزير العدل شارل رزق. وتحدث سلطانوف الى الصحافيين الذين سألوه اذا كانت لديه تحفظات حول موضوع انشاء المحكمة تحت الفصل السابع فقال: «نعم لدينا تحفظات، لماذا؟ لأننا نفكر ماذا ستكون النتيجة من مثل هذه المحكمة، هل سنعزز الاستقرار وسنعود إلى الأوضاع الطبيعية في لبنان، او سنشاهد زعزعة جديدة للوضع اللبناني. طبعاً نحن لسنا ضد المحكمة. من البداية صرحت روسيا بأنها تريد التحقيق واكتشاف حقيقة الجريمة، أي اغتيال دولة الرئيس السابق المرحوم رفيق الحريري، وطبعاً نحن نؤيد اهمية وضع المجرمين أمام المحكمة أي العدالة، لكن اذا أردنا اتخاذ الخطوات الملموسة يجب أن ننتبه الى تأثيراتها، هل ستكون تأثيراتها إيجابية أم العكس؟ لهذا السبب لدينا بعض التحفظات».
وسئل: من خلال محادثاتك اليوم مع المعارضة، هل لمست انها تأخذ أوامرها من الخارج كما قال رئيس الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي؟
أجاب: «كلا نحن لا نعلق على التصريحات التي تصدر عن السلطة التشريعية، نحن لدينا سياسة الرئيس بوتين وننفذ هذه السياسة».
ورداً على سؤال، نفى ان تكون لدى روسيا مبادرة أو مقترحات أو أفكار من أجل قيام المحكمة ذات الطابع الدولي.
وسئل: هل انتم متشائمون حيال الوضع اللبناني؟ أجاب: «انا لست متشائماً ولست متفائلاً، وأحاول أن اقوّم الوضع من حيث الواقع، والواقع يقول إنه من الضروري للبنانيين ان يجددوا التعاون في إطار الحوار لإيجاد التسوية المقبولة من الجميع من دون أي فرض من الخارج، ومن دون أي فرض من فئة لبنانية على فئة اخرى. الحل او التسوية يجب أن يكونا على أساس لا غالب ولا مغلوب».
وعن امكان استخدام روسيا حق الفيتو إذا أقر مجلس الامن المحكمة تحت الفصل السابع، اوضح المسؤول الروسي انه «من السابق لأوانه اتخاذ موقف، وقلت انه يجب على اللبنانيين الا يراهنوا على التصويت في مجلس الأمن، إن كان تصويتاً روسياً او اي دولة ثانية عضواً في مجلس الامن، عليكم الرهان على انفسكم وعلى إراداتكم للحفاظ على بلدكم وعلى المصلحة الوطنية».
وسئل: هل يجري بحث موضوع الحدود بين لبنان وسوريا؟ أجاب: «موقف روسيا معروف بالنسبة لموضوع الحدود بين لبنان وسوريا، ونحن نؤيد تحديد الحدود وإقامة العلاقات الجيدة بين لبنان وسوريا».
وزار سلطانوف وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ الذي أبلغ الصحافيين أنه «أكد لنائب وزير الخارجية الروسي ان عدم وجود حكومة لبنانية تحظى بالقبول الواسع لدى الفرقاء اللبنانيين، وتالياً تحظى بالشرعية المطلوبة، يؤخر الاتفاق على سائر القضايا ومنها المحكمة ذات الطابع الدولي التي يوجد اجماع على مبدأ اقامتها وفق الانظمة الدستورية اللبنانية، فيما التفاصيل في حاجة الى وجود المؤسسات الشرعية التي تسمح بإقرارها». وأكد له أيضاً «ان التلازم بين المحكمة والحكومة مطلوب لا على قاعدة المقايضة بل على قاعدة الضرورة العملية والدستورية لأن آلية اقرار المحكمة في حاجة، دستورياً، الى حكومة غير مطعون بشرعيتها، وهذا في مصلحة المحكمة». وقال صلوخ انه شدد امام سلطانوف على «ان المجلس النيابي اللبناني هو الذخيرة الدستورية المتبقية في لبنان والقادرة على اضفاء الشرعية الوطنية المطلوبة لأية حلول، وتالياً يجب صون المجلس النيابي لئلا يصبح ضحية للأزمة الوطنية التي تعصف بالوطن». وأشار الى «اننا اجرينا ايضاً مع السيد سلطانوف جولة افق حول الاوضاع في الجنوب، وكررنا التأكيد على التقدير للدور الذي تقوم به اليونيفيل، علماً ان الخروق الاسرائيلية للقرار 1701 لم تتوقف، بل إن اسرائيل تحاول ان تعطي لنفسها ادواراً في تطبيق بعض بنود القرار لم ينطها بها مجلس الامن، وهو ما يستوجب موقفاً حازماً يتجلى بإلزام اسرائيل وقف خروقها وتعدياتها، ووقف سياسة التذرع التي تمارسها لمحاولة تبرير خروقها المدانة».
وعلمت «الأخبار» ان الوزير صلوخ حذّر من مغبة إقرار المحكمة تحت الفصل السابع، لافتاً الى أن لبنان بلد يتمتع بالسيادة ومؤسساته تعمل طبيعياً، وهو بالتالي ليس مثل البوسنة والهرسك، أو كوسوفو، أو تيمور الشرقية حتى يكون التعامل معه في اطار الفصل السابع. وتمنى على المنظمات الدولية وفي طليعتها الامم المتحدة ومجلس الأمن، أن تكون محايدة وتعمل على مساعدة اللبنانيين لا زيادة الشرخ فيما بينهم. وردّ أيضاً على طلب سلطانوف بضرورة إقرار موضوع المحكمة في لبنان، بالقول ان مثل هذا الأمر يحتاج لوجود حكومة شرعية، شارحاً له وضع الحكومة في الوقت الحاضر والاسباب التي جعلتها تفقد شرعيتها ودستوريتها.
وأثار صلوخ مع سلطانوف مسألة مقاطعة المبعوثين الدوليين لرئاسة الجمهورية «الامر الذي يجعل من بلادهم أو ممن يمثلون طرفاً في النزاع لا عاملاً مهدئاً حريصاً على وحدة لبنان واللبنانيين».
والتقى سلطانوف مساء امس نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي أولم مأدبة عشاء على شرفه.
وسألت «الأخبار» أحد أعضاء الوفد الروسي المرافق لسلطانوف عن دوافع لقاء الأخير مع مكاري، فأجاب بأنها تأتي لإحقاق التوازن باعتبار انه اجتمع مع كل من لحود وبري وصلوخ الذين يمثلون المعارضة بشكل أو بآخر، فيما استمع إلى وجهة نظر فريق السلطة والأكثرية من السنيورة وحده.
(الأخبار، وطنية)