القليلة ـــ آمال خليل
يتخطّى أهالي بلدة القليلة قضايا خلافية عدة بينهم (الوحدات الوهمية المسجّلة وقبول أو رفض إعادة الإعمار السوري المباشر)؛ لينهمكوا بمعضلة لا يملك مفتاح حلّها، أحد بينهم؛ بيوت المشاعات المهدّمة

على نحو معظم القرى الجنوبية، يسود «هرج ومرج» في بلدة القليلة (صور) بعد تقدير عدد الوحدات السكنية المتضررة فيها جرّاء العدوان، برغم الكشف المتكرر لمجلس الجنوب وتدقيق شركة خطيب وعلمي. لكل رقمه الذي يدعي أنه الأصح: البلدية، مجلس الجنوب، جهاد البناء، خطيب وعلمي وأهل البلدة.
أجرت مؤسسة جهاد البناء الكشف الأول فسجّلت 198 وحدة مهدّمة كلياً؛ فيما سجّلت شركة خطيب وعلمي، استناداً إلى كشف مجلس الجنوب، 258 وحدة. أما البلدية فقد أحصت بعد إجراء كشفها الخاص، 213 وحدة. هذا التضارب في الارقام، انعكس شكوكاً بين الناس الذين أخرجوا أسماء عدة من اللائحة الرسمية (خطيب وعلمي)، لمتضررين، إما لا يملكون بيوتاً بأسمائهم، كصاحب العقار الرقم 883 والبالغ من العمر 15 عاماً؛ وإما أدرجوا وحدات إضافية وهمية، علماً بأنهم لم يطّلعوا على لائحة البلدية.
يتحدى رئيس البلدية جمال شبلي «المشككين في ذمة البلدية، غير المسؤولة عن كشف مجلس الجنوب أو خطيب وعلمي (الزائد بـ 45 وحدة)، والذي ربما أثّرت فيه العلاقات الشخصية للبعض مع عدد من المهندسين، فضلاً عن ورود أخطاء فيها، منها: وحدات تحتاج إلى ترميم وسجّلت ضمن فئة الهدم. أما رقم جهاد البناء (الناقص ب16 متضرراً كاملاً) فيعود إلى أن بعض البيوت انهارت أثناء ترميمها». ويوضح أن «دور البلدية ينحصر في إعطاء إفادة سكنية لصاحب العقار». ثم يؤكد أن «صرف التعويضات سيخضع لموافقة البلدية التي اعتمدت الوحدات الـ 213، المتضررة كلياً والـ 250 المتضررة جزئياً». علماً أن هناك 15 اسماً مختلفاً فيها، مشتركة بين لائحتي البلدية وخطيب وعلمي، من بينها صاحب العقار الرقم 581 الذي دكت البلدية منزله قبل أربعة أشهر من تاريخ العدوان لأنه مخالف، إضافة إلى «الفتى صاحب العقار».

الإعمار السوري

بتاريخ الثاني من نيسان الجاري، وفيما كان المتضررون في انتظار الزيارة المرتقبة للمهندسين السوريين إلى البلدة لإبلاغهم «رفض معظمهم الإعمار السوري لبيوتهم من خلال تلزيم مجلس الجنوب»، وتسليمهم عريضة تطالب بالمساعدة المالية؛ علموا من المحطات التلفزيونية، أن إعادة إعمار 150 وحدة، قد تأكّدت ودخلت حيّز التنفيذ إثر اتفاق بين وزارة الإسكان والتعمير السورية ومجلس الجنوب.
ويوضح رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان أن «المجلس وزّع المبلغ السوري المرصود على القرى المعنية الثلاث: قانا (60 وحدة) وصديقين (150 وحدة) والقليلة (150 وحدة)؛ وتبلغ مساحة كل منها 130 متراً، يسعى المجلس لزيادتها من حساب الهبة السورية أو من خزينة المجلس». أما عملية الإعمار فستنتظر إجراء مناقصة لاستدراج عروض عدد من المتعهدين الذين سيتسلم كل منهم مجموعة من البيوت، يقبض تكاليفها لاحقاً من الدولة السورية عبر المجلس. ويحاول قبلان تبديد حذر رافضي الإعمار المباشر خوفاً من تنفيذ خرائط مسبقة، فيقول: «إن البناء سيعيد كل شيء إلى ما كان عليه سابقاً». لكنه أكّد «عدم صرف أي مبلغ عيني» ناصحاً من فقد منزله بأن «يسارع إلى القبول لأنه سيكسبه، خصوصاً أن قصة التعويضات طويلة.

بيوت المشاعات

في بلدة القليلة 53 منزلاً مهدّمة تقع ضمن مشاع الدولة، بينها 15 في مشاع البلدية. وتقيم فيها 200 عائلة من المقرر ألا تحصل على «قسيمة إعادة الإعمار» لأن الدولة ستستعيد حقها المسلوب منذ سنوات، إذ كانوا يشغلونه بلا رخص. ففي 26 أيلول من العام الماضي، أصدرت وزارة الداخلية والبلديات قراراً قضى «بمنع إعادة إعمار البيوت المهدمة كلياً الواقعة ضمن مشاع الدولة، فيما سمحت بترميم المتضرر منها». وفي 16 كانون الثاني الفائت، أتبعته الوزارة بقرار متمّم يقضي «بمنع البلديات أو المهندسين من إعطاء تصاريح وتراخيص بالبناء في أملاك البلدية (مشاعاتها)، من دون إذن الوزارة».
القراران أثارا جدلاً بين الأهالي الذين لم يتقبّلوا بعد فكرة أنه بات أمراً واقعاً، إذ لا يزالون «مصرّين على البناء في أمكنتهم، حتى لو اضطروا إلى شراء وحدات سكنية جاهزة». ويعزو أحدهم، عدنان أبو خليل، الأمر إلى «صعوبة تقبّل القرويين أنهم سيستبعدون من حيث ولدوا وعاشوا منذ عشرات السنين، فكأنهم يستبعدون من وطنهم إلى بلد غريب».
المجلس البلدي طرح حلاًّ بديلاً لهؤلاء «الممنوعين» وهو «أن تستملك وزارة الإسكان قطعة أرض من وزارة المال، يبني عليها الناس بيوتاً تملّك لهم لاحقاً». هذا البديل رفضه الناس لأنه يقضي باقتطاع 15 دونماً من منطقة «الرويسة» الواقعة في خراج البلدة لناحية بلدة الشعيتية. بيد أن مهندس البلدية حسن أبو خليل يدافع عن «أحقية القرار الرسمي الذي يكفل استعادة أملاك البلدية»؛ معتبراً أن «العقار يجب أن يتحرر ويستثمر، ليستفيد منه كل الناس لا مجموعة صغيرة منهم. ومن الضروري أن ينفّذ التنظيم المدني». مؤكداً أن «معظم شاغلي المشاع المستعاد يملكون قطع أرض أخرى ليعمّروا بيوتهم من جديد».