البقاع الغربي - فيصل طعمة
عندما تقود سيارتك، وتجد نفسك محاطاً بأشجار الصنوبر والشربين والزيزفون، على طول ثلاثة كيلومترات، فإنك حتماً تدرك أنك عند مدخل بلدة الروضة البقاعية، عاصمة الشجرة وموطن الطير، تغذي روحك بالمناظر الخلابة التي تسر العين، وبأجمل وأروع نفحات العطر الطبيعي، الممزوج برائحة الفواكه الرطبة، من بساتينها، وتنطرب أذنك بأجمل ألحان العصافير وأعذبها.
المشهد الجديد، في البلدة مختلف تماماً، إذ حالما تدخل البلدة من الغرب تُفاجأ بأشعة الشمس الساطعة، ولا تجد إلا أشجاراً تتهاوى بعضها فوق بعض على مسلخ المناشير التي تحولها لاستخدامها في التدفئة أو لأغراض التفحيم. لكن ما ذنب هذه الأشجار التي تعطي بصمت وتواضع، فقد جمّلت وحمت الطريق وأهله، والطير طوال عقود من الزمن.
يقول متابعون في الروضة ان ملكية الأرض انتقلت إلى مالك جديد، وهي بمحاذاة مدخل البلدة الغربي، مكونة من أراض زراعية وقلة قليلة من الأشجار الملاصقة للمدخل، وفور تسلمه، ولكي يُعلم أنه أصبح للأرض مالك جديد، فإن أول عمل قام به بدل أن يغرس المزيد من الأشجار، أنه عمل على قطعها، مدمّراً لوحات فنية طبيعية، طبعت هوية البلدة طوال عقود من الزمن.
قد يحق للمالك الجديد أن يتصرف بأرضه كما يشاء، ويعمل على إزالة كل العقبات التي تواجه مخططاته المستقبلية، وإن كانت هذه الأشجار العجوز لا تتسبب بعقبات له، لكن يبقى القول إن للروضة هوية ولمداخلها هوية يجب الحفاظ عليها، لأن أهلها لم يألفوا بعد رؤية بلدتهم تفقد شيئاً من هويتها وهي الشجرة، التي كانت تأتي بالمصطافين من العاصمة، والبلدات المجاورة، ليأكلوا من خيرات البلدة ويطّلعوا على آثارها.
تجدر الإشارة الى ان مشاريع التحريج التي تنفذها وزارة البيئة في البقاع تبقى معزولة عن إجراءات حمايتها ولا تضع الوزارة مواجهة قطع الأحراج في صلب برامجها لزيادة الغطاء الحرجي. فلقد أطلقت وزارة البيئة مشروع تشجير للبنان يمتد على مدار خمس سنوات. ويهدف المشروع إلى زيادة الغطاء النباتي من 3.5% إلى 21% من خلال تشجير حوالى 140000 هكتاراً. ويمكن القول إن مشاريع التحريج التي نفذتها الوزارة على مدى الأعوام الماضية قد قضي عليها في العام الماضي جراء اعمال القطع الجائر لأغراض التدفئة والتفحيم او بسبب حرائق الغابات التي تكون بمعظمها مفتعلة. وتبقى توصية مجلس النواب بإنشاء مؤسسة وطنية تعنى بالغابات خاضعة للتجاذب وتضارب الصلاحيات بين وزارتي الزراعة والبيئة.