غسان سعود
تنتهي في 26 نيسان مهلة التقدّم بطلبات الانتساب إلى حزب «التيّار الوطني الحر» استعداداً للمشاركة في الانتخابات الداخلية للحزب المزمع إجراؤها في الصيف المقبل. يطمح قادة التيّار أن تمثّل هذه الانتخابات سابقة على صعيد الممارسة الديموقراطية في لبنان، وهو طموح ذو حدّين لأنه يمثّل تحدّياً للتيّار بعدما اختلط اسمه باسم رئيسه العماد ميشال عون
يسلك قادة «التيّار الوطني الحر» بشكل يومي مكثّف الطريق بين منطقتي الرابية (منزل العماد ميشال عون) والجديدة (مقر أمانة سر التيار)، ومنهما إلى مختلف المناطق اللبنانية التي ينشط فيها التيّار في إطار الإعداد للانتخابات الداخلية التي يأمل العونيون إجراءها في الصيف المقبل.
الاجتماعات مكثّفة، بين النائب العماد ميشال عون ومنسقي الأقضية من جهة، وبين أمانة سر التيّار ومسؤولي الموارد البشرية فيه من جهة أخرى. وهي تطول لساعات، يعود بعدها مندوبو المناطق إلى أقضيتهم ليجتمعوا مطوّلاً بممثلي البلدات لإبلاغهم التطورات.
الهمّ اليوم ليس سياسياً، فبعدما حالت الحرب الأخيرة والأحداث السياسية المتلاحقة دون إتمام الانتخابات العامة في التيار مطلع كانون الأول (ديسمبر) الفائت، تقرّر تفعيل الماكينة الانتخابية لإنجاز هذا الاستحقاق الذي يراهن العونيون عليه لتفعيل وجودهم في المناطق بعدما خفّت حركتهم خلال الشهور الماضية وازدادت التشنّجات وسط الناشطين نتيجة عدم وضوح المرجعيات في البلدات والأقضيةوتشهد مكاتب التيار في معظم المناطق اللبنانية حركة شعبية مكثفة من المؤيدين الراغبين في الاشتراك في الانتخابات المقبلة خصوصاً أن أمانة سر التيار المركزية حددت تاريخ 26 نيسان (أبريل) الجاري مهلة أخيرة لتقديم الاستمارات. وهكذا تستعد أمانة سر «حزب التيار الوطني الحر» واللجان التنفيذية للانتقال مطلع أيار (مايو) المقبل إلى المرحلة التأسيسية الثانية التي تتركز على الإعداد النهائي للانتخابات الحزبية التي ستشمل بحسب أمين سر التيار أنطوان مخيبر أكثر من 800 بلدة لبنانية، ويتوقع أن يشارك فيها أكثر من 30 ألف ملتزم في التيار وستعدّ «سابقة في الحياة الحزبية اللبنانية توازي في الحجم عودة العماد ميشال عون من المنفى الفرنسي».
ويوضح ناشطون في التيار أن الإعداد للانتخابات بدأ قبل سنتين مع دعوة القيادة كلّ من نشط خلال السنوات الماضية إلى تفعيل وجوده انطلاقاً من مبدأ «أريد، أستطيع». وتشجيعها انضمام كلّ من يريد أن ينشط في التيار متجنبة مقولة «لم يدخل إلى السجن» أو «لم يدعمنا في الانتخابات البلدية». وتقرر منذ البداية، بحسب الناشطين، عدم إجراء الانتخابات قبل إعطاء الأعضاء الجدد فرصة للاندماج، والقدامى المساحة الزمنية الضرورية لتثبيت مواقعهم في الإطار الجديد. وبحسب لجنة الموارد البشرية في التيار، فإن رفض طلب الانتساب يكاد يحصر بـ«انتماء مالئ الاستمارة إلى حزب آخر أو أيّة جمعية تتعارض مبادئها مع ميثاق التيار، أو ممارسته عملاً مساعداً للاحتلال».
وبموازاة بدء الإعلان عن الاستمارات المقبولة نهاية الشهر الجاري عبر قوائم رسمية، يشرح مخيبر أن التيار سيفتتح مكاتب في كلّ الأقضية مهمتها استقبال المقبولين في صفوف الحزب ليملأوا طلب انتساب يتألف من صفحة واحدة، ويُرفق بصورة عن بطاقة الهوية (أو إخراج قيد)، سجل عدلي، صورتين شمسيتين، والاشتراك السنوي الذي حدد بـ 20 ألف ل.ل. وتتوقع اللجنة المنظمة التي ستعمل 24 ساعة يومياً، توفير البطاقة الحزبية لكل الملتزمين خلال شهرين حدّاً أقصى. ورغم تحفظ مخيبر على أعداد المنتسبين بحسب الأقضية، عُلم أن النسبة الأكبر منهم في عكار، يليها أقضية جبل لبنان والبترون، فزحلة ثم سائر الأقضية. وسيوزع على كل المنتسبين، خلال أقل من شهرين، النظام الانتخابي الذي سيعلنه العماد عون قريباً. وينص هذا النظام على استحداث «لجنة انتخابات» و«مجلس تحكيم» يكون أشبه بالمجلس الدستوري، فيتلقى الشكاوى ويعالج الخلافات. ولا يحق لأعضاء اللجنتين المعيّنتين من العماد ميشال عون مباشرة أن يترشحوا لأي منصب، وستجري الانتخابات، بحسب مخيبر، في أكثر من 800 بلدة لبنانية خلال يوم واحد يفترض أن يكون خلال الصيف المقبل. «سيطلب التيار من وزارة التربية استعمال المدارس الرسمية مراكز اقتراع (مدرستان في كل قضاء) وسيتخطى عدد رؤساء الأقلام ومساعديهم 2400 متطوع، وسنطلب من «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» مواكبة العملية».
وفي التفاصيل، سيفتح باب الترشيح قبل ثلاثة أسابيع، ويفرض على كلّ مرشح تقديم برنامج انتخابي يتضمن فقرتين، الأولى لعرض سياسة المرشح الداخلية في التيار والثانية توضيح نظرته لاستراتيجية التعاطي مع باقي الأطراف السياسية ضمن خط التيار العام الذي ترسمه القيادة. ويفترض بالمرشح أن يكون قد تابع محاضرتين عن «فكر التيار» و«النظام الداخلي»، وإلا يرفض ترشيحهوسيقترع العونيون بلائحة واحدة على ثلاثة مستويات: الأول في قريتهم لاختيار منسّق، مساعد منسق، وأمين سر. والثاني في القضاء لانتخاب قادتهم للمواقع الثلاثة نفسها. ثم يختار المقترع اللائحة القيادية المقفلة التي تضم رئيساً، نائب رئيس أول، نائب رئيس ثانياً. علماً أن النظام الانتخابي يمنع تأليف اللوائح في المستويين الأول والثاني، فيما يفترض باللوائح القيادية أن تكون مقفلة. ويقول مخيبر «إن قرار العماد عون الاستمرار في موقعه رئيساً للتيار يفرض عليه الترشح، خوض المعركة، والفوز». ويشير إلى عدم حسم عون، حتى الساعة، قراره بهذا الشأن. لافتاً إلى أن لائحة العماد عون «إذا وجدت فهي لن تؤثر على سائر المرشحين».
وستعمد أمانة السر إلى تقسيم بيروت إلى ثلاث دوائر، وعكار لاثنتين (لم يبت هذا الأمر نهائياً). ويتضمن النظام الانتخابي كل التدابير لمنع استعمال المال، التزوير، وتقدم مرشح على آخر بفضل الإعلام.
هذه التجربة ستقدم بحسب مخيبر «نموذجاً جديداً يغني الحياة السياسية اللبنانيّة، ويفتح آفاقاً جديدة للأحزاب الأخرى التي لحقت بالتيار إعلامياً وإعلانياً بعد حملته لإطلاق الحزب وتسويق الـlogo، ونزع صور المرشحين بعد انتهاء الانتخابات». ويتوقع مخيبر حصول بعض الإشكالات، وبلوغ التنافس حدوداً متقدمة. لكنه يعوّل على «ثقة قيادة التيار بالناشطين الذين تخطوا مراحل أصعب». ويرى أن المرحلة المقبلة ستكون مُنهكة وصعبة لكنها ستنقل التيار من حالة «طغيان التعيينات إلى انتخابات شفافة تُراقَب من كل الناس».




اتصالات مبكرة لعقد التحالفاتوثمة وسط العونيين من يجد في الانتخابات فرصة لاستعادة موقع أو دور، فيما يرى آخرون أنها فرصة استثنائية لبناء مؤسسة حزبية، وإسكات متهمي العماد عون بالديكتاتورية.



شكل اللجان ودورها

في البلدات، سيختار العونيون ممثليهم ضمن ما يسمى اللجنة المحلية التي تتألف من منسّق، مساعد منسّق، وأمين سر. ويُعيّن هؤلاء بدورهم أمين صندوق، ومسؤولين عن الموارد البشرية والنشاطات والشؤون اللوجستية والتقنية والتنمية والأسرة والشؤون الاجتماعية. أما هيئة القضاء فتضم المناصب نفسها، وتُنتخَب المواقع الأساسية فيها من الناشطين العونيين في جميع البلدات. وبموازاة هيئة القضاء، هناك مجلس القضاء الذي يمنح الثقة للهيئة ويتابع عملها وله صلاحيات حجب الثقة عن اللجنة مجتمعة أو عن أحد أفرادها. وتتمثّل كل قرية بواحد إلى ثلاثة أعضاء في مجلس القضاء. أما على مستوى القيادة، فتختار القواعد الرئيس ونائبيه. الذين يعيّنون بدورهم الهيئة التنفيذية التي تضمّ مسؤولي اللجان المركزية والمكتب السياسي الذي يتألّف من الرئيس ونائبيه، نواب التيار، الوزراء الحزبيين، ومسؤولي لجان الإعلام والاتصالات السياسية والعلاقات الدبلوماسية. ويتركز دور أعضاء المكتب السياسي على مساعدة الرئيس في اتخاذ القرارات، وإبلاغ الهيئة التنفيذية بها. ويعود للمكتب مهمة تسمية مرشحي التيار لتولي المناصب الوزارية ولخوض الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية والنقابية. وبموازاة «الهيئة» و«المكتب» هناك المجلس الوطني الذي يتألف من رئيس التيار ونائبيه، نواب التيار ووزرائه، إضافة إلى ممثلي الأقضية، وممثلي القارات فيما خصّ بلدان الانتشار، وممثلي النقابات والطلاب. علماً أن المغتربين سيقترعون في بلدان وجودهم ويختارون ممثليهم في المدن التي يسكنونها وفي قيادة الحزب. ولا يستطيع كل من اللجنة التنفيذية والمكتب السياسي ممارسة عمله من دون أخذ ثقة المجلس الوطني. علماً أن قرار تعيين قيادتي «الهيئة» و«المكتب» كان قد أثار اعتراضاً من بعض أعضاء الهيئة التأسيسية في التيار، لكن الأكثرية اقتنعت برأي العماد عون بالنسبة إلى حاجة القيادة لاختيار فرق عمل يتجانس معها. واعترض البعض أيضاً على ما سماه «تهميش» طلاب التيار، رغم دورهم الكبير خلال السنوات الماضية.