أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال أن جميع الأطراف الذين التقاهم موافقون على المحكمة، وتمنى على السلطات اللبنانية إقرار الاتفاقية من خلال مجلس النواب، مشيراً إلى أن الحديث عن إقرارها في مجلس الأمن «مبكر جداً»، وأعلن أنه بات يفهم بشكل أفضل موقف «حزب الله».وكان ميشال قد تابع جولته أمس على المسؤولين اللبنانيين، فالتقى على التوالي رئيس الجمهورية إميل لحود، وزير الطاقة المستقيل محمد فنيش، رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع إلياس المر، وزير العدل شارل رزق ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط.
وأوضحت مصادر اطلعت على أجواء لقاءات ميشال أن محادثاته كانت «بمثابة حوار في كل التفاصيل المتصلة بملف المحكمة وأن المسؤولين لمسوا من خلال حديث الموفد الدولي أن الأمم المتحدة لا تريد سلوك طريق مخالف للدستور والقانون اللبناني»، ولفتت إلى «أن ميشال كان مرتاحاً لسماع ملاحظات لحود مباشرة، لا عبر الورق، وهذا ما يساعد على تكوين فكرة واضحة لديه، وأضافت المصادر: «إن ميشال كرر أكثر من مرة أن الأمم المتحدة تفضل إقرار المحكمة بالطرق الدستورية، لأن إنشاءها جاء بناء على طلب لبنان، والهدف هو مساعدة الدولة اللبنانية، ولا أحد في ذهنه، وتحديداً الأمم المتحدة، أن تتجاوز المحكمة إطار مهمتها المتصلة بجريمة الاغتيال وألّا تسييس لها».
وأوضحت أن « ميشال لم يتلفظ بالفصل السابع في أحاديثه مع المسؤولين اللبنانيين الذين أكثروا من ذكر هذا الفصل إن لجهة شرح مخاطر إقرار المحكمة دفعة، او لجهة اعتبار فريق من اللبنانيين أنه الخيار الأنسب». وأكدت المصادر أن « ميشال لم يدخل في قضايا سياسية، بل ركز على نواح متصلة بالمحكمة دون سواها، وأشار إلى أنه لم يأت للدخول في نقاش سياسي، لأن الأمور الداخلية لا نتدخل بها، بل نبحث عن مخرج للوصول إلى صيغة لإقرار المحكمة وفق الأصول الدستورية اللبنانية».
وكان لحود قد أبلغ ميشال الذي التقاه في قصر بعبدا بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون والوفد المرافق لميشال، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية القاضي سليم جريصاتي،
دعمه إنشاء المحكمة، مشيراً إلى أن الملاحظات التي قدمها على نظامها «تصب في خانة قيام هذه المحكمة وفقاً لمعايير العدالة الجنائية الدولية، مع الأخذ في الاعتبار أن القضاء في لبنان قائم وأن الدولة ليست مفككة كما كانت حال الدول التي أنشئت لأجلها محاكم دولية خاصة».
ودعا إلى مناقشة الملاحظات على النظام بموضوعية وتجرد وإدخال التعديلات المناسبة عليها ليصار بعد ذلك إلى إقرارها وفق الأصول الدستورية المحددة في المادة 52 من الدستور، لتتولى حكومة الوحدة الوطنية الموافقة عليها لتصبح مبرمة وتحال على مجلس النواب»، وسلم لحود ميشال نسخة عن ملاحظاته.
ووصف ميشال لقاءه بلحود بأنه «مفيد ومعمق»، داعياً الأطراف اللبنانية إلى «إيجاد السبيل لإطلاق المسار الدستوري للمحكمة من خلال الحوار».
وانتقل بعد ذلك إلى الضاحية الجنوبية حيث التقى في مقر «حزب الله» الوزير فنيش على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة بحضور رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. وطلب ميشال ملاحظات الحزب على نظام المحكمة، فأكد فنيش أن لدى الحزب ملاحظات عديدة، مشيراً إلى أن المشكلة القائمة حالياً تتعلق بالآليات الدستورية الداخلية المفترضة لإقرار نظام المحكمة، مشيراً إلى أنه «لا بد من أن تكون هناك حكومة دستورية يمر من خلالها نظام المحكمة تمهيداً لإحالة المشروع من رئيس الجمهورية ومناقشته وإقراره في المجلس النيابي بحضور حكومة دستورية». وشدد على أن المطلوب من الأمم المتحدة العمل على المساعدة في إقرار نظام المحكمة «لا أن تساعد طرفاً لبنانياً على آخر في هذا الملف». وقال: «إن حزب الله حريص على مناقشة نظام المحكمة في إطار لجنة خاصة لهذا الأمر من ضمن اتفاق بين اللبنانيين، وإن الحزب غير معني بتقديم ملاحظاته دون هذا الإطار».
وبعد اللقاء أشار ميشال إلى مناقشة المسائل العالقة «ما أتاح لي فهماً أفضل لموقف حزب الله» متمنياً «على كل الأطراف بذل الجهود لإقرار السلطات اللبنانية اتفاقية المحكمة من خلال مجلس النواب».
بدوره أوضح فنيش أن «المشكلة ليست في موقف المعارضة من المحكمة، بل تكمن في تهريب مشروع المحكمة وسعي البعض إلى تهريبه، خلافاً للآليات الدستورية المنصوص عليها في الدستور اللبناني».
وبعد لقائه العماد عون في الرابية، أكد ميشال أن كل الذين التقاهم أبدوا موافقتهم على إنشاء المحكمة، فيما وصف لقاءه بالمر بأنه «بناء وقد أعطاني تحليلاً موزوناً جداً للوضع عامة، كما زودتني المقابلة بوجهة نظر شخص كان قد اختبر، لسوء حظه، التصرف العنفي الذي يتبناه بعض الناس، وعلى الرغم من سكوته وتكتمه على سلوكه الشخصي، فهو لا يرغب بأن يحدد حكمه بواسطة تجربته الشخصية، وبالنسبة إلي فإنه يمثل التجربة الحية والمثال».
وقال: «أنا واعٍ الآن تماماً لتعقيدات الأمور المطروحة ومدى الترابط فيما بينها». وشدد «على أن المحكمة يجب أن تنشأ من خلال اتفاق بين لبنان والأمم المتحدة، وهذا يعني أنه يحتم على لبنان إعطاء موافقته الكاملة على إقامة هذه المحكمة، وهذا يعني أنه يجب أن تكون بتلاؤم تام مع سيادة البلد».
من جهته دعا رزق إلى عدم الفصل بين القانون الدولي والقانون المحلي. وكان حضر الاجتماع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أنطوان خير، المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، المدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور، رئيس غرفة لدى محكمة التمييز القاضي رالف الرياشي ورئيس هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل القاضي شكري صادر.
ومساء استقبل جنبلاط في دارته بكليمنصو الموفد الدولي وأقام مأدبة عشاء على شرفه حضرها الوزيران غازي العريضي ومروان حمادة، النائب غسان تويني، عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده، غير بيدرسون والإعلامية جيزيل خوري.