strong>يتابع القضاء العسكري تحقيقاته في ملابسات مقتل الشاب مهدي زعيتر يوم الاثنين الماضي. ويبدو أن هناك فرقاً بين معطيات القضاء من جهة وبين ما أعلنه أهل القتيل والشهود العيان لوسائل الإعلام من جهة أخرى
«فليقنعوني لماذا قتل ابني، وعندها أسامح». بهذه الكلمات يتوجه محمد زعيتر إلى السلطات التي تحقق في مقتل ابنه الشاب مهدي زعيتر، أثناء مطاردة القوى الأمنية له في الضاحية الجنوبية يوم الاثنين الماضي. وبعد الرسالة التي بعث بها إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أمس عبر «الأخبار»، والتي اعتبر فيها العناصر الأمنية بمثابة «أبنائه»، طالب زعيتر، في اتصال جديد مع «الأخبار» أمس، وزير الداخلية حسن السبع واللواء أشرف ريفي بإصدار بيان يوضّحان فيه الأسباب التي أدت إلى ترك الشرطة الفقيد «ينزف حتى الموت ومنعها المواطنين إسعافه». واعتبر زعيتر أن جريمة قتل ولده «لا يمكن أن تكون أبشع من هيك»، فهو «كان متوجّهاً إلى عمله في ساعة مبكرة، ولم يرتكب أي ذنب حتى يُقتل. وهو ليس مطلوباً للعدالة وليس إرهابياً ولم يقاوم رجال الأمن، بل هم أمطروه بالرصاص».
القضاء: مطلق النار «متسبباً بالوفاة»
من جهته، ذكر مصدر قضائي رفيع متابع للتحقيق في مقتل مهدي زعيتر، ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي جان فهد، حوّل القضية إلى التحقيق فيها بناءً على مواد من قانون العقوبات تتعلق بـ«التسبب بالوفاة». وعلمت «الأخبار» أن مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي أحمد عويدات وقاضي التحقيق العسكري سميح الحاج يتابعان كل تفاصيل التحقيق شخصياً ولم يتركا هذه المهمة للأجهزة الأمنية تحت إشرافهما، لكن لم يتم بعد الاستماع إلى كل الشهود «لأن التحقيق في هذه القضية لا يزال في بدايته»، حسب ما ذكر المصدر القضائي الذي أكد أن الشهود الذين ظهروا في وسائل الإعلام عادة ما يتعاطون بشكل مغاير خلال تقديم إفاداتهم تحت القسم أمام قاضي التحقيق، «لأن التحقيق يكون أكثر جدية ويلتزم الشهود خلال الاستماع لهم بالقسم، أما الظهور أمام وسائل الإعلام فيكون عادة مترافقاً مع الحماسة والتشنّج». واعتبر المصدر المتابع للتحقيق ان عناصر دورية قوى الأمن الذين كانوا يلاحقون سيارة زعيتر حاولوا توقيفه، وأعطوه تنبيهاً شفوياً، وحاولوا فتح أبواب السيارة فلم يتمكّنوا لأنها كانت مقفلة من الداخل. وعندما طلبوا من زعيتر التوقف فرّ من أمامهم، فأطلقوا 6 طلقات نارية في الهواء فلم يمتثل، فعمد أحدهم إلى إطلاق النار على الأرض، فاستمر المشتبه فيهما بالفرار، ثم أطلق الشرطي النار على إطارات السيارة التي استمرت بالتحرك، وصودف أن «طلقة نارية غيّرت مسارها وأصابت المغدور في ظهره». وذكر المصدر أن لدى القضاء أدلة مخبرية على أن الموقوف الذي كان مع زعيتر في السيارة كان يتعاطى المخدرات.
النائب زعيتر يأسف لـ«التسبب بالوفاة»
من جهته، أسف النائب غازي زعيتر في حديث مع «الأخبار» لتحويل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ملف مقتل الشاب مهدي زعيتر بناءً على مواد قانونية تتعلق بـ«التسبب بالوفاة» لا بالقتل. واعتبر زعيتر أن تحويل الملف على أساس هذه المواد يشير إلى «تعاطي القضاء مع قضية قتل الشاب زعيتر وكأنها حادث سير». وأضاف: «لو أن مواطناً اصطاد طائراً في وقت كان الصيد فيه ممنوعاً لحوكم لأنه قتل الطائر، أما من قتل مواطناً فيتم التعامل معه على أساس تبرئته». وتساءل النائب زعيتر عما إذا كان عناصر قوى الأمن الذين لاحقوا الشاب القتيل قد «تأكدوا من أنه قام بالسرقة، فهم تعاملوا معه بمجرد الشبهة، ومن دون أي دليل، على الرغم من أنه لا مبرر لإطلاق النار».
الأمن الداخلي تشدد على احترام القانون
وعلى إثر مقتل الشاب مهدي زعيتر، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مذكرة خدمة، طلبت فيها «التشدد التام في تطبيق أحكام المادة 221 من القانون الرقم 17 تاريخ 6/9/1990 التي تحدد حالات حق استخدام السلاح بالحالات التالية: بعد أن يكونوا قد اتخذوا كل تدابير الحيطة الممكنة، واستنفدوا كل السبل الأخرى غير استعمال السلاح، يحق لرجال قوى الأمن الداخلي إطلاق النار من الأسلحة المجهّزين بها نظاماً في الحالات الآتية: بناءً على تكليف من السلطة الإدارية (المحافظين والقائمقامين) أثناء عمليات توطيد الأمن، أو في حالة الدفاع المشروع عن النفس المنصوص عليها في قانون العقوبات، أو لمنع تجريدهم من أسلحتهم أو الاستيلاء على الأعتدة الموجودة في عهدتهم، أو للدفاع عن مراكزهم وعن الأماكن المولجين حراستها، أو للاحتفاظ بالأشخاص الموضوعين في عهدتهم أو لتوفير سلامتهم، أو على أثر إنذارهم الواضح والمكرر بعبارة «قوى أمن، قف» للأشخاص الذين يحاولون الفرار من وجههم ولا ينصاعون للإنذار، على ان يكون قد سبقت محاولة الفرار أو رافقتها أدلة عامة أو خاصة تؤكد أو ترجّح ارتكابهم جناية، أو في توقيف المركبات التي تتخطى حواجزهم على الرغم من الإشارات البصرية والإنذارات السمعية الواضحة».
(الأخبار)