إبراهيم عوض
استأثر الموضوع اللبناني على حيز واسع من المحادثات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف في دمشق. وقد تلقى الرئيس بشار الأسد رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين والأوضاع في المنطقة نقلها اليه سلطانوف خلال استقباله له أمس في حضور وزير الخارجية وليد المعلم ومعاونه أحمد عرنوس والسفير الروسي في دمشق. وتركز الحديث خلال اللقاء على الوضع في العراق وضرورة تحقيق الأمن والاستقرار فيه، وكذلك تشجيع الأطراف اللبنانية للتوصل الى توافق وطني لحل خلافاتهم على مختلف المواضيع وفق ما أفادت به الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا).
والتقى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الموفد الروسي الذي عقد مساء أول من أمس اجتماعاً مع الوزير المعلم إثر عودة الأخير من القاهرة بعد مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربيةوأبلغ مصدر سوري رسمي «الأخبار» أن زيارة سلطانوف الى دمشق تأتي في سياق التشاور المستمر بين سوريا وروسيا في شأن مختلف المواضيع التي تهم المنطقة بصورة عامة والبلدين بصورة خاصة، وقد جرى التركيز على الوضع اللبناني. ولفت الى أن الجانب السوري شرح لسلطانوف موقف سوريا من مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي «الذي بات معروفاً لدى الجميع وهو أن لا علاقة لسوريا بهذه المحكمة وهي غير معنية بها، وبالتالي لا ملاحظات لديها بشأنها خلافاً لما يروجه فريق الاكثرية في لبنان لتحويل الأنظار عن المشكلة الحقيقية التي تكمن في خلاف هذا الفريق مع المعارضة على موضوعي الحكومة والمحكمة». وذكر المصدر أن دمشق لفتت المسؤول الروسي الى «ضرورة العمل على تصويب الموقف الدولي وذلك بالتوقف عن إعلان دعمه لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة لما يسببه ذلك من زيادة في تعقيد الأمور واتساع الشرخ بين الأطراف اللبنانية، والطلب الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن دعم الشعب اللبناني وما يتوافق عليه اللبنانيون من منطلق الحرص على أمنهم وسلامتهم. كما أن على من يدعي الحرص على استقرار لبنان ووحدته العمل من أجل تحقيق هذه الغاية وأن يدع لبنان للبنانيين لا أن يعمد الى استخدام لبنان لغايات وأغراض خاصة».
ولدى سؤال المصدر السوري الرسمي عما اذا كان سلطانوف قد طلب شيئاً محدداً من دمشق في ما يخص تسهيل إقرار مشروع المحكمة أجاب بالنفي موضحاً أن المسؤول الروسي «استمع الى وجهة النظر السورية في هذا الموضوع، كما أعرب بدوره عن عدم ارتياحه لأجواء المباحثات التي أجراها في لبنان بعدما أظهرت له انسداد أفق التسوية للأزمة الراهنة وصعوبة العودة لاستئناف الحوار». كما ذكر أنه طلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تكشف المعارضة عن ملاحظاتها على مشروع المحكمة على غرار ما فعل رئيس الجمهورية اميل لحود. إلا أنه علم من بري ربطه مسألة الإعلان عن هذه الملاحظات بوجود حكومة شرعية يعود اليها أمر بحث الملاحظات ومناقشتها ومن ثم إقرار المشروع وفقاً للأصول الدستورية، وهذا ما أيّده الجانب السوري أيضاً».
هذا وكرر سلطانوف في دمشق ما سبق ان أعلنه في بيروت عن عدم وجود موقف نهائي لبلاده من مسألة اقرار مشروع المحكمة تحت الفصل السابع إذا بلغ هذه المرحلة في مجلس الأمن، مبدياً في الوقت نفسه تخوفه من أن يكون لاعتماد الفصل السابع تداعيات محلية تساهم في توسيع الانقسام بين اللبنانين.
وقال سلطانوف للصحافيين بعد لقائه الشرع إن مباحثاته مع المسؤولين السوريين «تؤكد أهمية الحوار والتعاون على المستوى السياسي بين سوريا وروسيا وأن هناك الكثير من الإيجابيات المؤسسة على رؤية مشتركة بينهما في شأن الحفاظ على القانون الدولي». وأشار الى «أهمية بذل الجهود المشتركة لإيجاد تسوية للمشاكل في المنطقة وعلى الساحة الدولية». وأشار الى أن «الحيز الكبير في هذه اللقاءات خصص لتبادل الآراء في خصوص مستقبل العلاقات الثنائية وتطورها»، معرباً عن ارتياحه «لوجود النية المستمرة والدائمة لدى القيادة السورية لتعميق التعاون مع روسيا وتنشيطه في مختلف المجالات بما يخدم تطلعات البلدين في دفع العلاقات الثنائية بينهما».
من جهته، شدد الوزير المعلم خلال استقباله نائب وزير الخارجية الروسي على «ضرورة استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وفي ما يتعلق بالشأن العراقي أكد المعلم «ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً ودعم العملية السياسية فيه وجدولة انسحاب القوات الأجنبية». وعن الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة أشار «الى ضرورة رفع الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطينى ودعم حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بما يمكّن الشعب الفلسطينى من استعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة». وفي ما يتصل بالشأن اللبنانى أكد المعلم «دعم سوريا لكل ما يتفق عليه اللبنانيون».
وفي تصريح للصحافيين وصف سلطانوف لقاءه والمعلم بأنه كان «جيداً جداً، حيث تم خلاله تبادل الآراء في شأن الأوضاع في المنطقة وفي لبنان والطرق الممكنة لمساعدة اللبنانيين على الخروج من المأزق الذى يواجهونه حالياً». وأضاف: «إن البحث خلال اللقاء تناول أيضاً موضوع الصراع العربي ــ الإسرائيلي في ضوء نتائج القمة العربية واجتماع لجنة المتابعة فى القاهرة إضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين».