strong> ثائر غندور
لم يأت السفير الأميركي جيفري فيلتمان أو ممثل عنه إلى المجمّع الجامعي في الحدث. قيل إنّه لم يكن من المقرر أن يأتي، لكن الرسالة التي أراد طلاب الحدث توجيهها كانت واضحة: «جامعتنا وطنية وليست أميركية»، رغم أنّ الإعتصام تحوّل في النهاية إلى مؤتمر صحافي للحملة الشبابية لرفض الوصاية الأميركية.
صباح أمس، وصلت معلومة إلى طلاب كلية العلوم ـ الفرع الأول تفيد بأن السفير الأميركي سيشارك في المؤتمر الصحافي المشترك بين رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر ورئيس مجلس إدارة شركة «إنتل» كريغ باريت، فسارع الطلاب الشيوعيون إلى توزيع بيان عددوا فيه أوجه التلاقي بين شركة «إنتل» والكيان الصهيوني منذ العام 1974 حتى اليوم. كما اندفع عدد من الطلاب من مختلف الأحزاب إلى التجمّع عند المدخل الشرقي للمجمع من ناحية الشويفات لمنع وصول السفير الأميركي إلى الجامعة. ومزّق الطلاب صفحات من دفاترهم ليكتبوا عليها الشعارات المعادية لمجيئ فيلتمان من نوع: «شيكا، شيكا، شيكا، كوندي بدنا...! أجب واربح»، «لا نريد مساعدتك»، «بس فتفت بضيّف شاي، نحنا لاء»... ازداد عدد الطلاب مع الوقت، وحُرقت صورٌ للسفير فيلتمان وُجدت في إحدى قاعات الجامعة وهي من بقايا تحرّكات المعارضة. جهزت مكبرات الصوت لتصدح بأغاني المعارضة المطالبة بحكومة وحدة وطنية وأغاني مارسيل خليفة باتفاق بين حزب الله و الحزب الشيوعي.
ازدادت حدّة الشمس، ومعها شعارات المعتصمين الذين رفعوا أعلام لبنان والحزب الشيوعي، وتحوّل السنيورة وفيلتمان إلى هدف، صوّب الجميع غضبهم باتجاهه، لكن كل على طريقته، «طبيعي يختلف حزب الله عن الشيوعي» تقول يارا لصديقتها هبة، التي تردّ ممازحةً: «أصلاً نحن لا نستحق أي شيء»... فجأةً تنتشر شائعة: «أحد الأساتذة قال: بكرا جايي الإمتحانات وبتشوفوا»، فيسارع رئيس مجلس طلاب الفرع فضل الموسوي الجميع بأن لا أحد يستطيع أن يقتصّ منهم.
الثانية من بعد الظهر تصل الامدادات؛ أجهزة صوت، شعارات الحملة الشبابية لرفض الوصاية الأميركية، فوج من الأعلام اللبنانية. يصعد أحدهم إلى «المسرح» ويتحول الإعتصام إلى مهرجان خطابي تحدث فيه عشرات الطلاب بإسم أحزابهم وكلياتهم، مستذكرين مجزرة قانا، ومحذرين العدو الصهيوني من تكرار مغامرته في لبنان «لأنّ مصيراً أسود سيكون في انتظاره». كما لم تعد هناك مساحة لأغاني مارسيل خليفة، لأن التحرك تحوّل إلى مهرجان «معارض» يحيي «سوريا الأسد» والرئيس المقاوم إميل لحود، وارتفع صوت خطابات السيد حسن نصرالله وكلمة الرئيس نبيه بري للرئيس السنيورة، «من مقعدك هذا قلت: المقاومة باقية، باقية باقية...». يقترب أحد مسؤولي حزب الله في المجمّع ليقول للصحافيين، إنّ المؤتمر الصحافي ألغي، لكننا لن نبلّغ الطلاب».
انتهى الإعتصام. جلس أمين سر الحملة الشبابية هشام طبارة وراء طاولة، وحوله ممثلو أحزاب الحملة، إضافة إلى ممثلين عن الحزب الشيوعي والتيار الوطني الحرّ ليشرحوا تفاصيل هذا اليوم. عشرات الطلاب استمعوا لهم يؤكدون موقع الجامعة اللبنانية ضد الهجمة الأميركية، «فهذه الجامعة ستبقى وطنية».
ومن المفارقة أنّه خلال اعتصام «العلوم ـ1» أطلق المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، بمنحة من شركة «إنتل» مشروعه الأول للمعاينة الطبية عن بُعد، بالتعاون مع مستشفى النبطية الحكومي. والمشروع هو جزء من مبادرة «الشراكة من أجل لبنان» التي تهدف إلى إعادة انعاش البلاد بعد حرب الصيف الماضي.