نادر فوز
انتزعت «القوات» 16 مقعداً من مقاعد هيئة كليّة الهندسة ـــ الفرع الثاني الـ20، فيما مثّلت انتخابات الكلية محطةً بارزةً في الخريطة السياسية للجامعة اللبنانية، لما تحمله من الصراع المستمر بين «التيار» و«القوات» على خلفية التمثيل المسيحي وحجم كل من المعارضة والموالاة

تحتلّ صور الزعماء المسيحيين مدخل الفرع الثاني لكليّة الهندسة (الفنار) في الجامعة اللبنانية حيث تنافس «الجنرال» و «الحكيم» وبقي الرئيس أمين الجميّل على الحياد. و«حضر» عدد من شهداء 14 آذار وثورة الأرز، منهم سمير قصير وبيار الجميّل والرئيس بشير الجميّل وداني شمعون ورمزي عيراني. تقاسمت الأطراف مكبّر الصوت، فصدحت أغاني «رح نبقى هون مهما العالم قالوا، لا نترك عون ولا نرضى بداله»، و«يا قائدنا الغالي علينا، غيرك لا ترى عينينا»، وغيرها من الأناشيد الحماسية، إلا أنّ نشيد الأممية اخترق ازدواجية الصراع ليضفي نكهةً خاصةً على الأجواء الانتخابية التي ظلّت هادئةً ووديّةً.
أمام «متحف القوى المسيحية وزعمائها»، ألّفت الأعلام الحزبية المتنوّعة غابةً امتدّت إلى داخل الكليّة، وخرقت بذلك قرار الإدارة وتوافق الأطراف على منع الشعارات السياسية. وقضى القرار أيضاً بمنع دخول الأشخاص إلى حرم الكلية بمن فيهم الصحافيون.
في الكافيتيريا، ومن إحدى الزوايا البعيدة عن الأنظار، تراقب هواة «الليخة»، كعادتهم يستغلون أوقات فراغهم. إلا أنّ انتماءاتهم السياسية بدت واضحةً أمس، إذ التحف معظم اللاعبين فولارات أحزابهم، واتخذ كل طرف طاولة خاصة به. في زاوية أخرى من الكافيتيريا، احتلّت الحسابات الانتخابية الأخيرة حيّزاً مهماً من النقاش، مثلما تعددت محاولات إقناع «الزملاء» قبل الشروع في العملية الانتخابية.
قرابة الواحدة ظهراً، بدأ إخلاء الكليّة من الطلاب، «بهدف التأكد من عدم وجود أي دخيل». عند المدخل، حمل ناطور «الهندسة» «أبو حطب» جهاز الصوت وأذاع بلاغه: «أبو حطب يتكلّم رسمياً، لا يسمح بدخول أي شخص من خارج الكليّة، وعلى كل طالب أن يبرز بطاقته الجامعية عند المدخل». بعد هذا البيان، نسيت كل الأطراف صراعها «الوديّ»، واجتمعت حول إلقاء التحية على أبو حطب. عمدت عناصر قوى الأمن الداخلي إلى التدقيق في «أوراق» الطلاب عند مدخل الكليّة، فيما اكتفت عناصر الجيش بالوقوف خارج الحرم استعداداً لتطويق أي إشكال.
بدأت عملية الاقتراع عند الواحدة ظهراً، واستمرّت حتى الخامسة. خارج أسوار الكليّة، تجمّع مناصرو «التيار» والقوات والكتائب، وحضر عدد من الشيوعيين بأعلامهم غير المألوفة في الفروع الثانية. ارتفعت لافتة لأحد المرشحين المستقلّين في السنة الرابعة قسم الهندسة المدنية: «الحرّ ينجز ما وعد، المرشح المستقلّ برنار زينون». وأشار برنار إلى حملةٍ سوّقت لها بعض الأطراف بهدف تشويه استقلاليته، علماً بأنّه تنافس ومرشح القوات وسام سلفاني على مقعد السنة الرابعة في القسم.
انتهت الجولة الانتخابية، وصدرت النتائج النهائية: 16 مقعداً لطلاب ثورة الأرز وأربعة لطلاب المعارضة. وهكذا كرّست القوات اللبنانية انتصاراتها السابقة في الهندسة ـــ الفرع الثاني منذ عام 2003، إلا أنّ الضربة الأليمة التي تلقاها «التيار» هذا العام كانت اكتساح «طلاب ثورة الأرز» لمقاعد السنتين الأولى والثانية (ثمانية مقاعد) بالكامل. كما أنّ مندوبين من مندوبي تحالف المعارضة فازا بفارق السنّ بعدما تساويا ومرشحي الطرف الآخر في عدد الأصوات.
وجاءت النتائج على الشكل الآتي:
السنة الأولى، وقسّمت إلى أربع مجموعات بحسب القانون الانتخابي الجديد تضمّ كل منها خمسين طالباً، فاز كل من إيلي حداد ونديم عبد النور وكريستين نصّار وجوني يمّين.
السنة الثانية، التي قسّمت أيضاً إلى أربعة أقسام مثل السنة الأولى، فاز إيلي داغر وريتشارد حبيب ورودولف خوري وعساف كسّاب.
السنة الثالثة، استطاع مرشحا «التيار» رامي فارس (كهرباء) وجيمي صليبا (مدني) اختراق القاعدة القواتية، إلا أنّ الماكينة «الآذارية» أثبتت وجودها في «الثالثة» إذ فاز مرشحاها رالف شاهين (ميكانيك) وبيتر ندّاف (المقعد المشترك).
السنة الرابعة، فاز بفارق السنّ المرشح المستقلّ برنار زينون، المدعوم من التّيار بشكل غير مباشر، بمقعد قسم الهندسة المدنية، فيما فاز كل من روني سليمان (كهرباء) وإيلي كرم (ميكانيك) وطوني يوسف (المقعد المشترك).
السنة الخامسة، فاز المستقل المدعوم من «التيار» أنطوان خير الله (القسم المدني) بمقعد آخر بفارق السن بين المرشحين، بينما سيطر تحالف قوى ثورة الأرز على المقاعد الثلاثة الأخرى عبر كل من رامي الجميل (قسم الميكانيك) وشربل حرب (قسم الكهرباء) ورئيس الهيئة الطلابية السابقة بشير حصروني (المقعد المشترك).