إقليم الخروب ـــ خالد الغربي
بعد صرخة «منرفض نحنا نموت» التي أطلقها أبناء عدد من قرى إقليم الخروب احتجاجاً على رمي شاحنات محملة نفايات مكب النورماندي لحمولتها في أرض في منطقة سبلين وقطع هؤلاء للطريق ليل أول من أمس، بدا أن من قاموا بالتحرك «أبقوا على جهوزيتهم» وعلى الاستعداد لمواجهة أي تسويف أو التحايل مجدداً و«عودة الشاحنات من النافذة بعدما أغلقنا الباب» يقول محمد الخطيب الذي شارك في التحرك الاحتجاجي، مؤكداً أن حراسات «مدنية» ومناوبات ستتم وتبقى معها العين ساهرة لمنع أي تسلل ليلي للشاحنات. وأضاف الخطيب: «أنا لا أنتمي إلى الموالاة أو المعارضة، وآمل أن يكون المسؤولون ممن غطوا تصدير الموت إلينا قد قرأوا جيداً ما حصل وما قد يحصل».
وعلى الرغم من تأكيد الداعمين والمشرفين للتحركات الشعبية الاحتجاجية على عدم تسييس التحرك، بدليل مشاركة أفراد من المستقبل واليسار الديموقراطي ــــــ كما يؤكدون ــــــ وأن الاحتجاج ليس مع هذه الجهة أو ضد تلك، بل هو صحي وإنساني وبيئي وغير مسيس على حد قول رئيس بلدية برجا المهندس سلام سعد، يشير عدد من أنصار السلطة إلى أن التحرك مسيس بامتياز ومغلف بإطار بيئي، ويقول محمد درويش من بلدة سبلين وأحد مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي «إن التحرك سياسي ويدعمه بقايا النظام السوري ويحظى بتمويل من حزب الله» ويصفه بأنه استكمال لما جرى أخيراً من افتعال مشاكل في منطقة عاليه والشوف».
وتعذر الاتصال بأي مسؤول في تيار المستقبل، ورفض العديد من مناصري هذا التيار التعليق، لكن فاطمة حبنجر التي تزين سيارتها ببوسترات الحقيقة والعدالة وصورة مثلثة تضم الرئيس رفيق الحريري ونجله سعد والرئيس السنيورة قالت وهي تعبر من أمام أطلال النفايات التي أفرغها المحتجون مساء الاثنين وسدوا الطريق بها: «هيدي نفايات ممكن تكون سامة وشو ذنبنا نموت ويمرض أطفالنا».
وفي ردود الفعل السياسية الداعمة للتحرك، وجه الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة تحية لأبناء بلدة برجا وإقليم الخروب على وقفتهم الشجاعة في وجه حرب النفايات التي يخوضها ضدهم ممثلو الإقطاع السياسي والمالي في لبنان بحماية إدارتهم الأمنية المتمثلة بوزير الداخلية وأجهزته الذين أمروا «فهودهم» بالقيام بمهمة حماية شاحنات النفايات السامة.
وأشار إلى أن «انتفاضة الأهالي تذكر الجميع بأن هذه المنطقة كانت عصية على دعوات الفصل المذهبي للإقليم عن الجبل التي قادها رجل دين مستمر بدعواته المريضة»،
وأضاف: «لقد تحمَّل الإقليم ويتحمل ما تجلبه لأبنائه من أمراض مختلفة وبشكل خاص خبيثة، عوادم معمل سبلين وأطماع وجشع أصحابه، وكذلك ما تتركه من آثار خطيرة مجموعة الكسارات التي يتشارك فيها نوابه وأولياء نعمتهم، على بيئته البرية والبحرية، وعلى إمكان تطور السياحة الشعبية فيه وبالتالي ضرب مصادر رزق أبنائه. لذلك فهو غير مستعد لتحمل مخاطر جديدة، ويدعو القضاء اللبناني إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم المتتالية، ويدعو رئيس بقايا الحكومة ووزير داخليته والسيد سعد الحريري والأستاذ وليد جنبلاط للاعتذار من أبناء المنطقة وأخذ خطوات جريئة للتراجع عن هذه الخطوة التي تتنكر لما قدمته هذه المنطقة من أجل الوطن ومن أجل المصلحة الوطنية».
كما وجه رئيس مؤتمر إقليم الخروب العربي المقاوم النائب السابق زاهر الخطيب كلمة إلى أبناء الإقليم قال فيها: أحييكم على هبتكم الشعبية في وجه القهر والتلوث والحرمان، وباسمكم أردد على الملأ وعلى مسامع المتاجرين بالإقليم وبصحة أبناء الإقليم. ألم يكفهم طوال سنوات أن تكون مشكلة التلوث والملوثات من أخطر المشكلات المزمنة التي واجهتموها في هذا الإقليم المقهور والمحروم من أبسط حقوقه، فلماذا الإمعان في قهره في بيئته في صحته وحياته؟
ودعا الخطيب إلى «التنادي فوراً إلى لقاءات شعبية تعقدونها في قراكم لاتخاذ الموقف الجامع والحاسم بالتصدي لعصابات المال، والمافيات التي باتت معروفة، والتي تمعن عبر شاحناتها المعرَّمة بنفايات النورماندي في العبث ببيئة الإقليم وتلويثه، والمتاجرة بصحة أبنائه، وتحويله إلى مكب للنفايات السامة والضارة».
تجدر الإشارة إلى أنه نتيجة للحركة الاحتجاجية لم تجرؤ أمس أية شاحنة محملة بنفايات النورماندي على دخول المنطقة، وعلم أن اتصالات جرت لمنع تفاقم الأمور مع تأكيد المحتجين على أنهم بحاجة إلى ضمانات من المسؤولين بعدم معاودة الرمي في الإقليم، وقد قام وفد من رؤساء البلديات والهيئات وعدد من أبناء القرى في الإقليم بزيارة وزير الداخلية.
إلى ذلك نفذت بلدية جدرا، بالتعاون مع صهاريج الدفاع المدني عملية تنظيف المكان، الذي اجبرت الشاحنات على تفريغ حمولتها من النفايات فيه.