إبراهيم عوض
أظهرت نتائج المحادثات التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في دمشق أول من أمس حرص الأخير على إقرار مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي بعد تفاهم اللبنانيين عليها وفقاً للقواعد الدستورية المعمول بها. كما نفى ما نشرته وسائل إعلام محسوبة على فريق الأكثرية من أخبار وتحليلات منسوبة إلى مساعده للشؤون القانونية نيكولا ميشال تتعلق بموضوع المحكمة
أبدى مصدر سوري مطلع ارتياحه لأجواء المحادثات التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته دمشق أول من أمس، وقال لـ«الأخبار» إن هذه الزيارة التي استغرقت ساعات فتحت الباب واسعاً أمام مرحلة جديدة من التفاهم والحوار، وشكلت نقطة انطلاق لاستعادة الثقة بين سوريا والمنظمة الدولية، الأمر الذي يسهِّل حلحلة الكثير من الأمور والقضايا التي تشغل المنطقة بصورة خاصة.
وذكر المصدر أن بان كي مون بدا قلقاً على الوضع في لبنان، مشيراً إلى أن عدم استقراره ينعكس سلباً على استقرار المنطقة، ومن هنا جاءت مناشدته الرئيس بشار الأسد المساعدة من أجل التوصل إلى إنهاء الأزمة في لبنان. وشدد على أن توافق اللبنانيين في ما بينهم هو الأساس، وتعهد مضاعفة الجهود لتقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانية والعمل على تعطيل كل ما من شأنه أن يزعزع الأمن والاستقرار في لبنان.
وأفاد المصدر بأن القيادة السورية أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة استعدادها للتجاوب مع المطالب التي أثارها ومنها استئناف الحوار بين اللبنانيين، ومسألة المحكمة ذات الطابع الدولي، وترسيم الحدود، وإرسال بعثة فنية لتقصي الوضع على الحدود. وذكر المصدر أن دمشق التي أعلنت استمرار التنسيق والتشاور مع المملكة العربية السعودية لمعالجة الوضع في لبنان، لفتت في الوقت نفسه إلى أنها لا تضغط على أصدقائها وحلفائها اللبنانيين في أمور تعنيهم، متسائلة إذا ما كان هؤلاء يعارضون التوافق والحوار، وصوصاً أن جميع المواقف التي تصدر عنهم تدعو إلى التعاون ومد اليد إلى الفريق الآخر من أجل المشاركة في إنقاذ لبنان مما يتخبط فيه.
وفي ما يتعلق بموضوع المحكمة ذات الطابع الدولي أفاد المصدر بأن ما أدلى به بان في شأنها دل على أن مسألة إقرارها تحت الفصل السابع سابقة لأوانها، كما أنها ليست موضوعة على «نار حامية» كما تحاول جهات دولية وقوى لبنانية أن توحي به.
وفيما كرر المسؤول الدولي أكثر من مرة حرصه على إقرار المحكمة بعد تفاهم اللبنانيين عليها ووفقاً للقواعد الدستورية المعمول بها في لبنان، كشف المصدر أن المسؤولين السوريين أثاروا معه قضية الصلاحيات الواسعة المنوطة به التي تمكنه من التعاطي مع موضوع المحكمة كما يرتئي هو، لا كما يرغب الرئيس الفرنسي جاك شيراك أو المندوب الأميركي في مجلس الأمن من منطلق أن قضية المحكمة الدولية هي نتيجة اتفاق بين الأمم المتحدة ــ ممثلة بأمينها العام ــ والدولة اللبنانية.
وأشار المصدر هنا إلى أن بان كي مون أوضح في معرض الحديث عن الاجتماعات التي عقدها مساعده للشؤون القانونية نيكولا ميشال في بيروت أن لا صحة للعديد من الأخبار والتحليلات التي نشرت حولها في وسائل إعلام محسوبة على فريق الأكثرية.
وأكد المصدر السوري عدم اعتراض سوريا على إرسال فريق فني من الأمم المتحدة إلى لبنان للاطلاع على أوضاع حدوده مع سوريا بعد المعلومات التي تحدثت عن استمرار تهريب السلاح، نظراً لأن هذا الأمر شأن لبناني ويتعلق بالسيادة اللبنانية، لافتاً إلى أن مجيء هذا الفريق سيشكل فرصة أيضاً لإعادة البحث في طلب سوريا الحصول على معدات وآلات تقنية خاصة بمراقبة الحدود، سبق أن وعدت ألمانيا تزويدها بها.
وفي ما يتعلق بإقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، كرر الرئيس الأسد أمام الأمين العام الجديد للأمم المتحدة ما سبق أن أبلغه إلى سلفه كوفي أنان ومفاده استعداد سوريا لإقامة مثل هذه العلاقات، شرط أن تتوافر المناخات الملائمة لها، كما ذكّر محدثه بموافقة سوريا قبل أشهر على ترسيم حدودها مع لبنان بدءاً من الشمال، وتلقى الرئيس فؤاد السنيورة رسالة بهذا الخصوص من نظيره السوري المهندس ناجي العطري.
وتوقف المصدر عند اللقاء الذي جمع بان كي مون مع وزير الخارجية وليد المعلم في الطائرة التي أقلتهما من الدوحة إلى دمشق بعد أن شاركا في فاعليات المنتدى السابع حول الديموقراطية والتنمية والتجارة الحرة، وقال إن هذا اللقاء أسس بداية علاقة طيبة بين سوريا والمسؤول الدولي الذي استمع من المعلم إلى عرض مسهب لمشاكل المنطقة ووجهة النظر السورية بشأنها والدور الذي على الأمم المتحدة أن تقوم به في هذا الصدد.
كما شرح المعلم لبان كي مون الأسباب التي حملت دمشق على اعتبار المبعوث الدولي تيري رود لارسن شخصاً غير مرحب به في سوريا.