strong> ثائر غندور
انسحبت أمس الشائعات إلى الجامعات، فأحدثت إرباكاً في صفوف الطلاب. ففي المجمّع الجامعي في الحدث تسري شائعة نقلاً عن مصدر مجهول، و«أصدقاء موثوقين» تفيد بأن حزب الله يخلي الجامعة العربية من الطالبات، وأن الحزب التقدمي الاشتراكي أقفل شوارع وطى المصيطبة وخطف شابيْن شيعيين. تسود البلبلة أوساط الطلاب في الحدث. يقرّر البعض النفاذ «بريشه» فيرحل إلى منزله، وخصوصاً الإناث. بعد قليل، يصل خبر آخر: «إشكال في الجامعة العربية، ومواجهات في الشويفات وإقفال طريق الناعمة ــــــ بيروت». تنتقل الرواية من شخص إلى آخر فتتحوّل إلى الآتي: «وُجدت جثتا شابين تحت جسر البربير»؛ يصحّح شاب لزميله، «عُثر على الشابيْن في الشياح أو عين الرمانة مش ذاكر بالضبط وين». وهكذا، نصح الطلاب زملاءهم الذين يسكنون في مناطق بعيدة عن المجمّع بالمغادرة «خوفاً من قطع الطرقات أو حصول مشاكل»، في المحصلة، تمكّنت الشائعات من إفراغ مجمّع الحدث من عدد كبير من طلابه.
أما في جامعة بيروت العربية، ضحية «الخميس الأسود» وشائعات «الأربعاء»، فالقصة مختلفة. كان طلاب الجامعة يحضرون أنفسهم لـ «Open Day»، يتخلله حفل فني لأيمن زبيب، لكن حظ الطلاب لم يُسعفهم. فألغيت نشاطات اليوم المفتوح لأن التوتر النفسي وصل إلى الجامعة عبر هواتف الطلاب التي نقلت خوف الأهل والأصدقاء. وجهدت إدارة الجامعة لتهدئة الأجواء، لكنّ «الذعر» تمكن من الطلاب، فغادر عدد منهم خوفاًً من إقفال الطريق. وأشار بعضهم إلى قيامهم بالاتصال بمسؤوليهم الحزبيين للسؤال عمّا يحصل في الناعمة والشويفات ومجمّع الحدث. ولفت البعض الآخر إلى إقفال طرقات وطى المصيطبة، من دون أن «يكلّفوا خاطرهم» الاقتراب والتأكد من الأمر رغم قرب المسافة. وفي كلية الإعلام والتوثيق ــــــ الفرع الأول في الأونيسكو، «أخلى» الطلاب جامعتهم بالتنسيق مع مجلس طلاب الفرع «تخوفاً من الأسوأ». ووصلت معلومات إلى كلية التربية، القريبة من كلية الإعلام، من الطلاب القادمين من جهة وطى المصيطبة تفيد بأن الشابيْن المخطوفين قتلا، فذُعرت الطالبات، ما دفع مجلس طلاب الفرع إلى إخلاء الجامعة، بعد استشارة أحد الأساتذة. وترك عدد من طلاب الجامعة اللبنانية الدولية (LIU)، وخصوصاً أولئك الذين يسكنون في مناطق بعيدة. أما في باقي الجامعات الخاصة، فشكّلت الشائعات مادة سلسة للنقاش بين الطلاب من دون أن تؤثر في اليوم الدراسي.
شوارع وطى المصيطبة هادئة، وإن بدا الاحتقان واضحاً في صفوف الشباب «لأننا أكثر الناس تأثراً في خطف جيراننا». يجلس شابان أمام دكان بالقرب من مركز الحزب التقدمي الاشتراكي. يقول أحدهم إنّ الطريق لم تُقفل إلا لوقت قصير عند زيارة «البيك» لمركز الحزب وأهالي المخطوفين، ويضيف: «أنا أول واحد فدائي، بس البيك بهدلنا ومنعنا من حمل السلاح والتهدئة لأقصى الحدود». أما صديقه، فكان أقل حماسة منه، إذ أشار إلى منزلي الشابيْن المخطوفين، منفذاً طلب النائب وليد جنبلاط بالتهدئة في كلامه الذي يشير إلى هدوء مبطن. ينتشر الجيش اللبناني بالقرب من مركز الضمان الاجتماعي في وطى المصيطبة. يجيب أحد الضباط عن سؤال عن الوضع: «يا أخي ما في شي، هالإشاعات بتقتل قتل». ثم وصلت «خبرية» إلى «الوطى» تفيد بأن مجمّع الحدث قد أُخلي. وهكذا ظلت الشائعات تنتقل من مكان إلى آخر، لتكون مادة دسمة للنقاش وخصوصاً في سيارات الأجرة، ولتُعيد الجيش اللبناني إلى الانتشار عند مفاصل الطرقات.