بنت جبيل ـــ داني الأمين
بات موسم زراعة التبغ التي تعدّ مصدر الرزق الأساسي لأهالي قرى وبلدات بنت جبيل مهدداً بسبب تعرض شتلة التبغ للمرض القاتل، وتداعيات حرب تموز الأخيرة.
وفي عيترون، تتعرض الشتول لأخطر أنواع الأمراض التي قد تقضي على موسم زراعة التبغ في البلدة، وخصوصاً أن هذه الزراعة تعدّ المورد المعيشي الأساسي لأهالي البلدة الذين يزرعون التبغ في أكثر من 3250 ألف متر مربع. فالمرض الذي أصاب شتلة التبغ اسمه «الماليدو»، وهو أصاب الصحارى والزراعات الصيفية الأخرى.
يقول نائب رئيس بلدية عيترون نجيب قوصان إن «هذا المرض هو أخطر الأمراض التي تصيب شتلة التبغ، وقد أصاب غالبية ما تم زرعه من الأهالي. إنها السنة الأولى التي يتعرض فيها التبغ إلى هذا الكم الهائل من الإصابة، لكن هناك استجابة لافتة من إدارة الريجي بالتعاون مع البلدية للعمل على محاصرة هذا المرض من خلال رش المبيدات اللازمة؛ وقد قدمت الريجي 200 كلغ من الأدوية المعالجة، التي من شأنها أن تمنع انتشار المرض».
ويذكر حسين عباس أحد مزارعي عيترون بأن «هذا المرض كان إن حصل لا يصيب إلا 1% من الشتول المزروعة، أما الآن فقد نجد غالبية الشتول قد تعرضت له، وهذه نكبة على أهالي عيترون، إضافة إلى أن الصقيع هذا العام قضى على الكثير من الشتول المزروعة في المنطقة المنخفضة في البلدة، وكل ذلك يضاف الى ما تعرضت له شتلة التبغ في عيترون في العامين المنصرمين؛ ففي العام السابق للحرب قام الجيش الاسرائيلي برش المواد السامة التي تقضي على شتول التبغ المزروعة، ولم يتم التعويض على الأهالي حتى الآن رغم أن الوزير آنذاك كان قد حدد قيمة التعويضات الواجب دفعها من الدولة بـ170 مليون ليرة؛ وفي الصيف الماضي قضي على أكثر من 80% من المورد بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان ولم يعوض كذلك على الأهالي، لذلك تقوم بعض العائلات بصرف المبالغ المخصصة لإعادة بناء منازلهم على حاجاتهم الأساسية من المأكل والملبس والتعليم وخلافه».
وبرغم انشغال الناس بإعادة بناء ما تهدم، وقلقهم من إعادة تكرار الحرب، يستيقظ المئات منهم صباحاً فيباشرون عملهم من دون كلل في الحقول، حاملين معهم طعامهم وشرابهم الى حين المغيب، من دون تمييز بين كبير أو صغير، حتى ان تلامذة المدارس يتوقفون عن الذهاب الى المدرسة لمدة أسبوع أو أكثر، كعرف اعتادت عليه مدارس بنت جبيل، وأصبح عذراً مقبولاً لا يحاسب عليه. لكن الجديد هذا العام هو أن الكثير من المزارعين لم يلجأوا الى زراعة أراضيهم، أو فضّلوا زراعة القليل من الأراضي، على غير عادتهم، لأسباب مختلفة، ناهيك عن تعرّض القوات الفرنسية التابعة لليونيفيل لبعض مزارعي بلدة عيتا الشعب، التي تعتمد بشكل شبه كلي على زراعة التبغ، بمنعهم من دخول أراضيهم في المنطقة المجاورة للحدود مع اسرائيل، لكن المشكلة حلّت في ما بعد.
يقول رئيس بلدية عيتا الشعب تيسير سرور: «وقع التباس بين قوات اليونيفيل وبعض المزارعين الذين منعوا مؤقتاً من الدخول الى أراضيهم المجاورة للحدود، لكن جرى سريعاً حل هذه المشكلة، إنما بقيت الهواجس الأمنية وقلق الأهالي من إعادة تكرار الحرب موجودة وساهمت في الحد من نسبة زراعة التبغ في البلدة».
جميل جواد أحد مزارعي عيتا الشعب يقول: «لا نستطيع زراعة الكثير من الأراضي، لأننا نسكن في منازل ليست لنا، وهي ليست متّسعة للقيام بالأعمال الخاصة بزراعة التبغ وتوضيبه ونشره، ناهيك عن أن المياه لا تصل الى المنازل، لأن إمداداتها تعطلت في الحرب وأثناء القيام بأعمال جرف المنازل وتعبيد الطرقات». أما المواطن حسن موسى اسماعيل فيقول «في العام المنصرم زرعت 14 دونماً من الأرض، وقد تلفت جميعها بسبب الحرب، ولم يعوّض علينا حتى الآن، ومنزلي مهدم وأنا أسكن في منزل آخر استأجرته في بلدة حانين المجاورة، لا يتسع لأعمال شكّ الدخان، ناهيك عن بعد المسافة ومشقة الوصول، وإضافة إلى ذلك فإنني سأفقد رخصتي لأنني لم أزرع ما يحق لي زراعته».