strong>لا يزال الرأي العام منشغلاً باختطاف زياد الغندور وزياد قبلان.بعض المصادر الأمنية تحدث عن احتمال تورط أفراد من آل شمص في العملية، معتبراً أن الخاطفين يقفون خلف الشائعات الكاذبة التي سرت أمس عن خلافات متنقلة أو عن إيجاد جثتي المخطوفين. واستنكر معظم القوى السياسية حادثة الخطف، داعياً إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية
«اليوم عيد ميلاد زياد» تقول أميرة الصغير، والدة الطفل المخطوف زياد الغندور، الذي أتم أمس عامه الثاني عشر. زياد، ابن لصياد سمك في ميناء الأوزاعي، يقطن منزلاً متواضعاً جداً مطلياً بلون أزرق ومحاطاً بالورود في شارع فرعي بمنطقة وطى المصيطبة. خرج من منزله مساء الاثنين، برفقة شاب من أصدقاء والده يدعى زياد قبلان (25 سنة)، ولم يعودا حتى مساء أمس. «كان بعدو بثياب المدرسة» تقول والدته باكية، وتضيف: «ما بدي شي إلا إبني، بدي إبني بس، بدي يردّولي هوّي، إبني ما خصّو. معقول يكون إلو علاقة بالسياسة؟ عمرو 12 سنة، اليوم صار عمرو 12». تحمل صورة لابنها تظهره مبتسماً ولا تتوقف عن البكاء، ليس بكاءً فقط، بل حزنٌ وخوف يغمران عينيها.
ومعروف أن الشاب عدنان شمص قتل في وطى المصيطبة خلال حوادث الجامعة العربية يوم 25/1/2007.
ترفض أميرة اتهام أحد، «حتى بيت شمص، أنا ما بعرف مين أخذ زياد، كل يلّي بهمّني أعرف الولاد وينن، حتى الشاب الثاني ما خصو بالسياسة، وما عندو مشاكل». توجه رسالة للخاطفين: «خافوا الله، وإذا عندكن إخوة أو ولاد، بترضوا يصير فيهن هيك؟». المنزل المتواضع الذي تقطنه العائلة أصبح محط اهتمام الأقارب والجيران، ووسائل الإعلام والسياسيين. فقد زارهم أمس النائب وليد جنبلاط ودعاهم إلى الهدوء، مؤكداً أن لا احتكام إلا للدولة التي «وحدها تستطيع حمايتنا».
جميل الغندور، عم الطفل زياد، يقول إن العائلة ملتزمة التهدئة بالتأكيد: «نثق بالدولة، ولا نريد إلا أن يعود زياد. أنا شاركت بالحرب، واليوم أكره كل من يحمل مسدساً، ولا أريد إلا أن يعود زياد إلى منزله ومدرسته».
يروي الغندور أن زياد قبلان، صديق العائلة، جاء عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين، وقال إن لديه بضاعة يريد إيصالها إلى منطقة الضبية. فهو يعمل في شركة «بايز» للمشروبات المنشطة، ويقود سيارة نقل صغيرة نوع «رابيد». وقد أصر الفتى زياد على مرافقة قبلان، فسمح له والداه بذلك. وبعد أكثر من ساعة، اتصل قبلان بوالد زياد غندور وقال له إنه لم يجد في الضبية الأشخاص الذين كان يقصدهم، طالباً من الأهل ألّا يقلقوا إذا تأخر. بعد أكثر من ساعتين، اتصل الغندور بقبلان من أجل الاستعلام عن مكان وجوده، لكن هاتفه كان مقفلاً، وبقي كذلك طوال الليل، عندما كانت العائلة تحاول الاتصال به. وفي صباح اليوم التالي، توجه الوالد إلى مخفر الرملة البيضاء لابلاغ القوى الأمنية. وعن آخر نتائج التحقيقات، يجيب جميل الغندور أن المعلومات تشير إلى العثور على سيارة قبلان في منطقة الشياح، بمحيط مستشفى الحياة، قرب مقهى المختار، وهي لم تتعرض لاي صدم أو خدش. يرفض جميل الغندور اتهام أي جهة بالوقوف خلف العملية، معتبراً أن جميع القتلى الذين سقطوا، «من عدنان شمص إلى ابن شومان إلى ابن زعيتر هم أبناؤنا»، معرباً عن ثقته بعمل الأجهزة الأمنية. وطالب الغندور من وصفهم «بالناس الطيبين، من نبيه بري إلى حسن نصر الله ووليد جنبلاط، بأن يفتحوا باباً لمعرفة ما جرى».

المعلومات الأمنية

وكانت قد سرت أمس شائعات عن مقتل الشابين وترك جثتيهما في وطى المصيطبة أو الناعمة، وقد سرت شائعة عن إقفال طريقها. كما راجت شائعات عن عراك في الجامعة العربية ثم في وطى المصيطبة ثم عن تطويق الأجهزة الأمنية لمنطقة الأوزاعي قبل أن يتبين أن ما تتناقله ألسن المواطنين غير صحيح. كما جرى تداول اسم عائلة شمص بأنها تقف خلف اختطاف الشابين انتقاماً لمقتل عدنان شمص.
وذكر مصدر رفيع في قوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» أن «النائب سعد الحريري اتصل بالنائب وليد جنبلاط للتأكيد على تهدئة الأمور». وأكد المصدر أن «ثمة معطيات تشير إلى احتمال تورط أفراد من آل شمص في الاختطاف، وأهمها: السيارات التي استخدمت في العملية (BMW ومرسيدس)، والتي زود شهود عيان القوى الأمنية بأرقام لوحاتها، بينت أنها ملك أفراد من آل شمص. أما المعطى الثاني فهو مغادرة عدد من شباب آل شمص منازلهم في بيروت والبقاع ليلة حصول الخطف». وأكد المصدر أن تنسيقاً كاملاً يجري بين الجيش وقوى الأمن الداخلي، وخاصة مديرية المخابرات وفرع المعلومات، لمحاولة العثور على المخطوفين. واعتبر المصدر أن المتورط في الخطف «يقف خلف الشائعات التي سرت أمس عن عمليات قطع طرق أو عمليات خطف انتقامي، وأن ما جرى هو نتيجة التحريض الذي حصل في الفترة الأخيرة».
من جهتها، أكدت أوساط أمنية من خارج قوى الأمن الداخلي أن شخصاً من آل شمص متورط في عملية الاختطاف.
بدورها، أصدرت عائلة شمص بياناً استنكرت فيه عملية الخطف «كائناً من كان الفاعل». وأكدت «للرأي العام ولكل القوى السياسية المعنية أنها لا تقرّ أعمال الخطف هذه ولا تتبنّاها سواء أكان الفاعل أو الفاعلون من أفرادها أم لا». واعتبرت العائلة في بيانها أنها «لا تتبنى هذا العمل بل تتبرأ منه وتدينه بشدة، وتنبه أي طرف من استغلال اسم العائلة في هذه الحادثة المستنكرة التي لا تهدف سوى الى زرع الفتنة والشقاق».
وناشد آل شمص الخاطفين «الى أي جهة انتموا، الإفراج عن الشابين زياد قبلان وزياد الغندور فوراً، والحفاظ على سلامتهما، وعدم المس بهما».

استنكارات بالجملة

كما أصدر «حزب الله» بياناً اعتبر فيه «حادثة اختطاف المواطنين قبلان والغندور أمراً خطيراً جداً»، داعياً إلى «تعاون الجميع مع الأجهزة الأمنية المختصة لكشف ملابسات الحادثة وإنهائها واعتقال المجرمين أياً كانوا ومعاقبتهم».
اما النائب سعد الحريري، فقد اعتبر هذه العملية «علامة سوداء جديدة في سجل الباحثين عن أي طريقة لتهديد أمن المواطنين وسلامة المجتمع اللبناني». وحذّر «من محاولات إثارة الفوضى وإطلاق الشائعات التي ينشرها المتضررون من وعي اللبنانيين لأخطار الانجرار وراء الفتن السياسية والطائفية».
واستنكر مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الخطف، وطلب من الجهات المختصة الإسراع في الكشف عن ملابسات الحادث، متمنياً على «العقلاء العمل على عدم تفاقم الموضوع». وأصدر وزير الداخلية حسن السبع بياناً استنكر فيه الاختطاف، مؤكداً أن كل الشائعات التي سرت أمس كاذبة.
من جهتها، طالبت حركة «أمل» الأجهزة الأمنية والقضائية «بتكثيف جهودها وتحرياتها لكشف الفاعلين وتوقيفهم أياً كانوا ولأية جهة انتموا»، معتبرة «اللجوء الى عملية الخطف في هذا الوقت عملاً مشبوهاً ومداناً ويندرج في إطار محاولات خلق أجواء فتنة».
كما اعتبر الحزب الشيوعي أن هذه العملية «تسهم في تعميق أجواء الاحتقان السياسي والمذهبي».
ونددت هيئة متابعة قوى 14 آذار بالاختطاف.




strong>زياد الغندور يحبّ الفوتبول ويلعب الكلّة

«زياد يحبّ الفوتبول» قال أحد أصدقائه، «ونحنا منلعب بالكلّة في الحيّ»... لم يحتفل أحد، أمس، بعيد الميلاد الثاني عشر لزياد الغندور، ابن بلدة الغبيري، الذي كان حتى الأمس قد أمضى ليلته الثانية خارج منزل ذويه، بعدما اختُطف مع صديق عائلته زياد قبلان يوم الاثنين الماضي. زياد كان يتابع دراسته في الصف السادس أساسي، في مدرسة وطى المصيطبة الرسمية المختلطة، حيث نفذ زملاؤه وأصدقاؤه أمس اعتصاماً للمطالبة بعودته، على أمل أن يعود إليهم سالماً.