طهران ــ محمد شمص
صنّف رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الزيارة التي قام بها لإيران «البلد الجميل بشعبه العظيم» في خانة «المحطات المهمة» في حياته السياسية، ونفى كل ما يشاع عن تدخّلها في شؤون لبنان الداخلية، مثنياً على الدعم الذي تكافئ به كل معاد لإسرائيل

زيارة «التعارف» التي قام بها الوزير السابق سليمان فرنجية لطهران، بناءً على دعوة من سفارتها في بيروت، أتاحت له فرصة «دحض كل التشويه الذي يطال شعبها العظيم» في وسائل الإعلام، و«المحطة المهمة» في حياته السياسية جمعته بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «الداعم لحقوق المعارضة، ولا سيما في المشاركة في بناء لبنان»، في ظل تأكيده ضرورة «عدم انجرار المعارضة الى الاستفزازات، حفاظاً على الاستقرار والسلم الأهلي».
وفي مقابل وضع إيران في «محور الشر»، بناءً على التصنيف الأميركي، أكّد فرنجية أنه «لا خشية من العلاقة بأي دولة تدعم شرفاء لبنان ومقاوميه»، و«إيران، كما سوريا، محور خير»، واضعاً اتهام المعارضة بأنها في «المحور السوري ــ الإيراني» في موقع «الفخر»، انطلاقاً من ثوابت «الحفاظ على الكرامة، والصمود في وجه الهيمنة والظلم العالميين».
وشاكراً لإيران «وفاءها بوعودها بمساعدة اللبنانيين» بعد حرب تموز، فيما «هناك دول وعدت ولم تفعل. ومن فعل منها وأرسل المساعدات، أخذها (رئيس الحكومة) فؤاد السنيورة ولم يعطها للمتضرّرين»، نفى فرنجية وجود أي وعود إيرانية جديدة للمعارضة فـ«نحن لم نطلب شيئاً حتى نتلقّى وعوداً».
وأشار فرنجية الى وجود «ابتزاز للناس» تمارسه الحكومة في شأن دفع التعويضات لمتضرّري حرب تموز، إذ إنها «تدفع عن طابق أو طابقين في مبنى مؤلّف من عشرة طوابق»، لافتاً الى أن هذا الملف هو في عهدة «حزب الله» الذي «قام بواجباته».
وانطلاقاً من هذا الواقع «الصعب» يطلّ فرنجية على الواقع الآني المرتبط باستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، فـ«الأكثرية لم تعلن حتى الآن اسم مرشّحها. وهذا ضعف فيها، ونابع من عدم وجود ثقة في ما بينهم»، إذ إنهم «يدركون أنهم سيختلفون إذا طرحوا اسم مرشّح ماروني من ضمن فريقهم»، مؤكداً أن «مرشّح المعارضة الوحيد هو الجنرال ميشال عون، ولن تقبل بأي تسوية حول هذا الموقع».
وفي شأن إمكان ترشيح رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، اعتبر أن الأمر لا يعدو كونه «مزحة»، مطمئناً الى أن لبنان «لم يصل بعد الى هذا المستوى من الانحطاط».
وفي هذا الصدد، ذكّر فرنجية بأن القاضي رالف رياشي المعني بالمحكمة ذات الطابع الدولي «هو نفسه الذي أصدر الأحكام في حق جعجع. فإما أن تكون كل أحكامه مسيّسة وإما لا تكون»، إضافة الى أن «الصحف وثّقت كلام جعجع حين اعترف علانية بأنه قتل وقتل وقتل». واستذكر قولاً شهيراً للوزير السابق جان عبيد حين التقى الأخير عام 1989: «قلت له: استطعنا إقناع آل فرنجية بأنك لن تقتل ولدهم. ولكن لا نستطيع إقناعك أنت»، واضعاً هذا القول في خانة «الأدلة الإضافية» في سجلّ جعجع.
وفي شأن الحديث عن إمكان لجوء الموالاة الى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، من دون حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب، أبدى أسفه لكون النظام في لبنان طائفياً، ولوجود «مسيحيين في قوى 14 شباط يقبلون بتقديم تنازلات، وخاصة في شأن موقع الرئيس المؤتمن على الدستور الذي سيقسم على تطبيقه»، مضيفاً: «جلسة انتخاب الرئيس، وفق المطروح، لن تكون دستورية، إذ ينبغي أن يكون الانتخاب على أساس الثلثين في الجلسة الأولى، و50+1 في الجلسة الثانية التي يستوجب انعقادها حضور الثلثين. ومن وضع قانون الثلثين لم يكن شخصاً غبياً، لأنه راعى مبدأ ضرورة حضور 40 في المئة، على الأقل، من كل الطوائف في جلسة الانتخاب». أما إذا تمّ الانتخاب على أساس 50+1، فإن «الرئيس سيكون غير دستوري، ولن نعترف به حتى لو اعترف به العالم كله».
ومعلناً تمسّك المعارضة بترشيح عون للرئاسة، انطلاقاً من قرارها القاضي بضرورة إيصال من سيكون «رئيساً للوطن ولكل اللبنانيين»، انتقد فرنجية قول الموالين بأنهم «لا يحبّونه»، وإعلان رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري سياسة عائلية بقوله: «عون كان ضدّ والدي»، داعياً الموالاة الى تقديم جواب «مقنع أو منطقي» لرفضهم ترشيح عون «القوي الذي يتعاطى مع الموالين من موقع الندّ»، لأن «أي مرشح آخر سيكون موظّفاً عند آل الحريري... ونحن نرفض ذلك».
وفي شأن طرح اسميْ النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود لرئاسة الجمهورية، لخّص فرنجية موقف المعارضة من الاثنين بأنهما «مرشّحا خصمنا، أي جماعة 14 شباط، وهما مرفوضان من قبلنا ولن نقبل بالتسويات».
وفي «جردة حساب» للواقع السياسي القائم في لبنان، نفى فرنجية وجود أي تقدّم للسلطة على المعارضة، و«هي لا تستطيع فعل أي شيء، على رغم الدعم الذي تتلقّاه»، فـ«الأميركيون والإسرائيليون يخوضون معارك نيابية عن هذه السلطة، ومنها حرب تموز الأخيرة، لكن أؤكّد أنهم ساقطون»، مسترجعاً ما قالته لهم وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس: «أنتم لا يمكنكم أن تسألونا ماذا فعلنا لكم.. أنا أسألكم: أنتم ماذا فعلتم؟».
وفي هذا الإطار، أشار الى أن «المعارضة كانت دائماً مستعدّة للحوار، ولديها القدرة على حسم قراراتها في الجلسة نفسها»، لافتاً في المقابل الى أن الموالاة «كان ينبغي عليها أن تراجع أسيادها لتأتي بالجواب في الجلسة الثانية».
وفي موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي، رأى فرنجية أن قرار إنشائها «دولي، وليس لبنانياً، وهو لن يأتي بالخير على لبنان»، لأن أميركا والمجتمع الدولي «لا يريدون معرفة قتلة الرئيس رفيق الحريري، إنما يريدون المحكمة مدخلاً الى لبنان ومن خلاله الى المنطقة، والمحكمة هي أكبر هدية لهم»، متهماً الموالاة بأنها «أصبحت أداة في يد أميركا وفرنسا، وستدفع هي وحدها ثمن تنازلاتها».
وإذ انتقد عمل القاضي ديتليف ميليس «السياسي وغير القضائي»، طرح قضية توقيف الضباط الأربعة من زاوية «الاعتقال والتوقيف السياسي»، معتبراً أنه «لا سبب لتوقيفهم».
وعن الخطوات المستقبلية التي ستعتمدها المعارضة، اكتفى فرنجية بالإشارة الى أن العصيان المدني هو «أحد الخيارات الديموقراطية المطروحة».
«المعارضة لا تضمّ إلا الصادقين»، بهذه العبارة اختتم رئيس «تيار المردة» كلامه، مبشّراً بأن التحالف القائم بين قواها «مستمر بقوة». وإصراراً منه على التحديد، يشير الى أن علاقة تياره بحزب الله هي «علاقة استراتيجية دائمة وليست موقتة»، مؤكّداً أن إنهاءها رهن بـ«القدر» وحده.