جورج شاهين
تجمع مصادر الموالين والمعارضين، ومن هم بينهم من الشخصيات السياسية والدينية، على أن الاستحقاق الرئاسي بات في صدارة الأولويات، وأن كل ما يجري من حوله لا بد منه، معبراً إجبارياً نحو الاستحقاق الذي حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بوابة الانتقال النيابية اليه، بدءاً من 25 ايلول المقبل، بالتزامن مع دخول الحكومة مرحلة «الانحلال السياسي»، وبدء المرحلة الدستورية التي يتحول فيها المجلس النيابي هيئة ناخبة فتنتفي عنه كل الصفات والأدوار التشريعية.
على هذه الخلفية، «دب الهمّ» السياسي في ركاب العديد من الشخصيات المسيحية خاصة، التي رفعت نسبة استنفارها لمواكبة الحدث استشعاراً بحجم الاخطار المحيطة بالاستحقاق، ومخافة أن يتحول مناسبة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية، فتضيع في مطباتها الرئاسة، وتدخل البلاد مرحلة من التسيب والشرذمة لا يمكن احداً تحمل نتائجها.
وفي حسابات مسيحيي المعارضة والموالاة الاستعداد لمعركة شرسة، ينتظر أن يتوسع مسرحها على كل الصعد، بدءاً من التسريب الإعلامي الذي يعدّ له البعض ليكون «سلاحاً حارقاً» للمرشحين المحتملين على «لائحة الأعداء» في السباق إلى بعبدا.
وفي المعلومات أن مراكز أبحاث بدأت تعدّ العدة لملفات المرشحين على كل المستويات، ولا سيما منها السياسية والمالية، والعودة الى نبش الماضيين القريب والبعيد بحيث تكون جاهزة لتتحول مواد إعلامية دسمة، وحتى مواد اعلانية في ما لو اقتضى الأمر ذلك.
وفي موازاة الوضع السياسي تترقب الأوساط الرسمية بقلق بعض مظاهر الانقسام السياسي، وتبني عليها سيناريوهات أمنية لتطويق اية تداعيات يمكن أن تنجم عن أي خرق أمني تقود إليه محاولات جر البلد إلى فتنة طائفية ومذهبية. وتضع هذه الأوساط في حساباتها توقعات سلبية دلت إليها بعض المواقف التي جددت الحديث عن عمليات اغتيال قد تستهدف وزراء ونواباً وقادة آخرين، واستذكاراً لماض قريب تشابهت فيه الأجواء السياسية الصعبة مع ما هو قائم اليوم، عندما توقف الحوار وجُمّد ملف المحكمة الدولية في مجلس الأمن الدولي، وفي الحالتين دفع كل من النائبين الشهيدين جبران تويني وبيار الجميل حياتهما ثمناً له.
ورغم اجواء التشنج، هناك من يعمل لترتيب مخرج سياسي للمأزق، من خلال سيناريو يعتقد أنه منطقي وقابل للتطبيق، ينطلق من اعتراف الطرفين، الأكثري والمعارض، بعدم قدرة أي منهما على تغليب رأيه بعدما بات واضحاً لدى الجميع أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة باقية حتى الموعد الدستوري في نهاية ايلول المقبل، وأن الوقت لم يعد يتسع لحكومة جديدة. وما دامت المحكمة باتت في عهدة مجلس الأمن الدولي، بعدما سدت السبل الآيلة الى تعديل ولو «فاصلة» في نظامها الداخلي من جهة، أو إقرارها عبر المؤسسات الدستورية من جهة أخرى، فلماذا لا يفتح اللبنانيون، ومعهم المفاوضون والوسطاء الأجانب والعرب، الحوار في شأن الاستحقاق الرئاسي للتفاهم على رئيس توافقي للجمهورية يكون بوابة إلى الحلول.
وتختصر المصادر هذه الحلول ـــ المخارج بالآتي: «إن الاتفاق على الرئيس العتيد يقود إلى تحديد جلسة نيابية لانتخابه بالتزامن مع وضع السنيورة استقالته في تصرف رئيس الجمهورية، ومع حلول الاستحقاق الانتخابي يعلن رئيس الجمهورية قبول استقالة الحكومة ويطلب إليها الاستمرار في تصريف الأعمال فتستعيد وزراءها المستقيلين». وتضيف: «بهذه الطريقة تدخل البلاد اجواء مختلفة عن القائمة حالياً، ويتقاسم الجميع طوعاً الخسائر والأرباح بالتكافل والتضامن، ويحفظ الطرفان ماء الوجه إزاء شارعيهما».
وتختم المصادر بأن هذا السيناريو «يبدو للوهلة الأولى مثالياً، وقد يحمل في طياته الكثير من البراءة السياسية، لكن أخطر ما فيه طوباويته، بل كونه يحمل على غلافه دمغة: صنع في لبنان»!