اختتم أمس مؤتمر «معابد الشرق الأوسط الرومانية والهلنستية» أعماله التي استمرت يومين في الجامعة اليسوعية وجمعت أكثر من خمسة عشر محاضراً من أربعة بلدان هي: لبنان، فرنسا، بولندا، وألمانيا. وقد استضافت المكتبة الشرقية المؤتمر الذي نظمته الجامعة، بالتعاون مع المعهد الفرنسي للشرق الأوسط ومركز دراسات الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط والمديرية العامة للآثار في لبنان. وتنوعت الموضوعات المطروحة فشملت مجالات الدراسات المتعلقة بالمعابد من علم الآثار وإقامة الحفريات إلى دراسة الكتابات القديمة المنحوتة على جدران المعابد ومذابحها وهندسة المعالم الكبيرة، وتعمقت الأبحاث في الأديان القديمة وتقاليدها. ولعل جمع كل هذه العلوم والدراسات المنجزة منذ العقد الماضي أضفى على المؤتمر ديناميكية إيجابية ملحوظة في الصدى الذي لاقاه عند أهل الاختصاص. وكانت قاعة المكتبة قد غصت بالطلاب الجامعيين وأساتذتهم وحشد من العاملين في هذا الاطار على مدى اليومين الماضيين. واللافت مشاركة علماء الآثار من كل الجامعات التي تدرس هذا الاختصاص من جهة، والنقاشات «الديموقراطية» للنظريات المطروحة من جهة ثانية.
وفي هذا الاطار، يؤكد مدير قسم الآثار في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط برتران لافون «أنّ أهمية المؤتمر تكمن في جمع كل الأطراف التي تطرقت في عملها أو دراساتها إلى هذه الموضوعات، ومعرفة مدى التقدم الذي أنجز خلال الفترة السابقة. ويشير إلى أنّ دراسة المعابد الرومانية والهلنستية في لبنان حاجة، نظراً لغنى هذا البلد بهذه الآثار الضخمة. يذكر أنّ دراسة المعابد لا تخلو من الإشكاليات العلمية التي كان المؤتمر قد إلى التوقف عندها. وحاول المحاضرون التركيز على الفرق الهندسي بين معابد القرى ومعابد المدن. وسعوا أيضاً إلى الإجابة، كل في موقعه، عن تساؤل صعب: «كيف كان يحدد مكان إقامة المعبد؟ هل من القرية التي تقع إلى جواره أم أنّ هذه الأخيرة تبنى بعد تشييده لتلبية حاجات الحجاج؟ لم يقدّم المؤتمرون إجابات واضحة عن كل الأسئلة المتعلقة بالمعابد الرومانية، بل كان المؤتمر خطوة أولى إيجابية لجمع الدراسات المختلفة.
أما الهدف الثاني من إقامة هذا المؤتمر كان الاحتفال بمئوية نشر مجلة الجامعة اليسوعية العلمية «Les Mélanges de l’USJ»، وقد علق في هذا الاطار الأستاذ في الجامعة اليسوعية وأحد منظمي المؤتمر، ليفون نورديغيان قائلاً: «لطالما تميزت هذه المنشورة العلمية بجديتها وباهتمامها الشديد بالآثار خصوصاً لجهة دراسة الكتابات الحجرية وترجمتها، وكانت المجلة من المؤسسين لذلك في لبنان». وأوضح نورديغيان «أننا أردنا تكريم أحد أكبر الاختصاصيين في هذا المجال جان ـــ بول ري كوكي، فكرسنا له العدد 60 من المجلة، ونظمنا هذا المؤتمر الذي يتطرق ايضاً إلى نواحي دراسة المعابد كلها.
ويرى نورديغيان ضرورة أن تكون المــــــــرحلة الثانية أكثر تخصصاً من هذا المؤتمر، فتهدف إلى تحديد الفترات الزمنية لبناء هذه المعابد. ويقول في هـــــــذا الاطار إنّه ليس لدينا حتى الآن المعلومات الكافية لتحديد الفترة الزمنية التي تم خلالها بناء هذه المعابد، فنصنفها كلها على أنّها ما بين القرن الأول قبل الميلاد والثالث بعد الميلاد، أي خلال الفترة الرومانية. ويشدد نورديــــــــــغيان على أهمية انجاز دراسة تفصيلية لتزين كل من الأجزاء الهندسية للمعابد، في شكل يحدد الفترة الزمنية لاستعمال كل منها، معتبراً «أننا نستطيع حينها أن نؤرخ تلك المعابد في شكل دقيق يضع أطراً لهذه الدراســات». ويأمل نورديغيان أن تقدّم النـــــــــــتائج الأولية لهذه الدراسات خلال السنوات الثلاث المقبلة. فيكون ذلك الموعد الثاني مع المعابد الرومانية في لبنان والبلدان المجاورة له.
ج. ب.