رشا أبو زكي
مشاهد الحزن لفّت منطقة وطى المصيطبة، بعد انتهاء مراسم دفن المغدورين زياد قبلان وزياد غندور أمس. وهدأت عاصفة الغضب التي دفعت الشباب إلى الشارع بعد تأكيد الجريمة. شلل حركة المواطنين في الشارع انعكس حشداً في منزلي الفقيدين. والتوتر كان السمة الأبرز.
من مار الياس، تبدأ مظاهر الحزن. وفيما أقفل بعض المحال التجارية أبوابه، كشفت حركة المواطنين شبه المعدومة عن وضع غير طبيعي يسيطر على المنطقة، نزولاً نحو منطقة المصيطبة. موكب من 7 دبابات للجيش اللبناني يجول في كورنيش المزرعة وصولاً إلى الرملة البيضاء، فيما ترابط ملالات على مفارق الأزقة التي تصل الكورنيش بوطى المصيطبة. عند جسر الكولا يظهر مبنى التلفزيون الجديد، هناك يقول أحد الموظفين: «حاولوا اقتحام المبنى مرات عدة، وتهجموا على بعض المصورين».
أمام مركز الحزب التقدمي الاشتراكي، تجمع قلة من الشباب، والحديث بينهم عن عملية الاختطاف والقتل... والشكوك بالفاعلين يلازمهم. في الطريق إلى منزل زياد غندور يسود سكون مطلق، والحزن أسدل جرارات معظم المحال التجارية في المنطقة، وصوت آليات الجيش والمجندين الذين ارتفع عديدهم وتوزعوا على معظم المفارق الرئيسية، يخترق الصمت. الأسود هو اللغة الجامعة بين الوفود التي تتقاطر إلى منزل غندور، هناك ضاق المنزل الصغير بالجيران والمعزين، ففاضت المقاعد وشاغليها إلى الخارج. الأم المفجوعة تسأل ما ذنب ابنها ليقتل. والوجوه المستاءة تبادلها نظرات المواساة من دون أن تجيبها. وتقول: «شباك زياد الصغير سيبقى وحيداً. وقطته، ماذا أفعل بها؟ لقد انتظرناه ليعود، لقد كنت أبكي قبل أن يبكي، والآن لن يشاركني حزني». في الخارج حشد من الشباب وأصدقاء زياد الصغار يحاولون إخفاء حزنهم، فتهرب من عيون أحدهم دمعة، ليعود البكاء سيد الموقف.
في منطقة الكولا، سائقو السيارات ينتظرون الركاب، والحركة خفيفة. الجيش عزز وجوده بشكل كبير. على مرمى حجر، عدد من الرجال تحلقوا حول طاولة الورق، وإلى جانبهم النرجيلة. نحو محطة الزهيري، وهي الوحيدة التي اخترقت موقف «العصيان» عن العمل، الجيش أبرز الحاضرين. المحال مقفلة، وحركة المواطنين معدومة.
على حائط ورقة تنعى زياد قبلان وتشير إلى أن تقبل التعازي سيكون في منطقة الظريف، ما يبرر عدم وجود جموع أمام منزله.