غباله ـــ جوانّا عازار
مجزرة بيئيّة جديدة في حقّ أهالي الفتوح ــــــ كسروان، ولا حسيب أو رقيب ليكسر اليد التي تسرق حقّ أبناء بلدات غبالة، غدراس، الحصين، الغينه، العذرا ببيئة نظيفة. الأهالي يطلقون صرخات الاستغاثة ويناشدون كلّ من له القدرة على درء الخطر الفادح والمتمادي الذي طال بيئتهم بسبب كسّارة البحص في منطقة المدار من قرية الحصون. الكسّارة قضت حتّى اليوم على آلاف الأشجار الحرجيّة من سنديان وشربين وصنوبر... كما كانت المنطقة مسرحاً قامت فيه الماكينات بحفر وتكسير الصخور الضخمةما سبّب إزعاجاً هائلاً للأهالي بسبب الضجيج الذي لا يتوقّف على مدار الساعة، والغبار المؤذي الذي يتطاير في المنطقة مهدّداً الأهالي في صحّتهم وحياتهم. لكنّ الأهمّ يبقى أنّ التمادي في القضاء على الأشجار ينذر بتصحّر المنطقة الخضراء يوماً بعد يوم، إضافة إلى التعدّي على الآثارات التي تتمتّع بها المنطقة والعائدة إلى العهدين الروماني والبيزنطي.
هذا ما دفع أهالي المنطقة والبلدات المجاورة إلى التوقيع على عريضة حصدت حتّى اليوم 800 توقيع من الأهالي على مختلف انتماءاتهم وتوجّهاتهم السياسيّة والحزبيّة والدينيّة.
القصّة بدأت في 23 شباط 2007، تاريخ صدور قرار يحمل الرقم 108\2007 يتعلّق بمنح مهلة إداريّة لاستثمار مقلع وكسّارة موزييك واستصلاح مع نقل خاصّة بالسيّد محمّد حسن ناصيف في العقار الرقم 243 من منطقة الحصين العقاريّة قضاء كسروان، وذلك لغاية 30 \06\2007. واللافت أنّ صاحب الكسّارة هو رئيس بلديّة الحصين.
«غبالة هي عاصمة الفتوح. وفيما تمّ الحديث عن استصلاح للأرض، وصلنا إلى القضاء على نحو 3 آلاف شجرة والخير لقدّام... منطقتنا مشهورة بالسنديان والصخر والمناخ النظيف الذي يوصف للمرضى، لماذا يسعون إذاً إلى القضاء على هذه الميزة الكبيرة للمنطقة؟». صرخة أطلقها ميشال فهد وهو خبير محاسبة محلّف من بلدة غبالة، مضيفاً: «إنّها جريمة لا توصف هدفها القضاء على المنطقة».
وقد أجمع معظم الأهالي على أنّ الاحتجاج بيئي بالدرجة الأولى ولا يحمل أيّ لون سياسي أو مذهبي أو فئوي، والدليل على ذلك إجماع المواطنين من كلّ الجهات على أنّ الضرر من الكسّارة كبير، وخصوصاً أنّ المنطقة آهلة بالسكّان. ويبقى الهاجس الأكبر الاستمرار في التمادي في الأمر والقضاء على الطبيعة بدون مساءلة من أحد. والأفظع أن تفتح هذه الكسّارة المجال أمام أشخاص آخرين للعمل بكسّارات أخرى في بلدات أخرى، مسيحيّة هذه المرّة، بحجّة تحقيق التوازن الطائفي، أو تحويل الكسارة في المستقبل القريب إلى مكبّ ومطمر للنفايات.
من هنا كان لا بدّ من عقد اجتماع طارئ شارك فيه رئيس بلديّة غدراس المهندس كارلوس مرعب، رئيس بلديّة الغينة شهيد ناضر، مختار بلدة جورة بدران، مختار بلدة غبالة، منسّق التيّار الوطني الحرّ في غبالة جورج حدّاد، إضافة إلى أعضاء من البلديّات وممثّلين عن بعض الأحزاب اللبنانيّة وأهالي المنطقة من المتضرّرين. وكانت كلمة لإيلي زوين من بلدة غباله شرح فيها أهميّة التحرّك بالتنسيق مع الهيئات المحليّة لوضع خطّة شاملة للحفاظ على البيئة والعمل على وقف عمل الكسّارة نهائيّاً وحثّ المواطنين والجمعيّات البيئيّة للدفاع عن حقوق الأفراد بالتمتّع بالطبيعة «النعمة من الله». ويبقى التحرّك، بحسب زوين، بيئياً محضاً، غير مذهبي وغير طائفي، «فهل البيئة مسيحيّة أو إسلاميّة أو عونيّة أو قوّاتيّة؟... وقف الكسّارة يبقى لنا نحن المواطنين أهمّ من المحكمة الدوليّة ومن مزارع شبعا».
من هنا وبعد تدارك مخاطر هذه الكسّارة على مختلف الصعد، وفي ظلّ المعاناة المشتركة بين الأهالي الذين تبنّوا القضيّة، تمّ الاتّفاق على العمل ضمن جميع الوسائل القانونيّة المتاحة لإيقاف عمل الكسّارة. واتّفق المجتمعون على الانقسام إلى فريق قانوني ــــــ إداري، وفريق تنظيمي تحضيراً للاعتصام الحاشد ضدّ عمل الكسّارة السبت 5 أيار المقبل الساعة الثالثة والنصف في ساحة الجريمة، مع العلم مسبقاً أنّ الكسارة ستوقف عملها في هذا اليوم تماماً كما أوقفته مساء الجمعة في وقت انعقاد الاجتماع التحضيري.