البقاع ـــ نقولا أبو رجيلي
تتابع «الأخبار» أوضاع السجون في جميع المناطق، وتنشر اليوم واقع سجن رأس بعلبك الذي يفتقر نزلاؤه إلى أبسط الشروط الإنسانية. ويضاف إلى واقع السجن المرير، تأثيره السلبي على محيطه، ومطالبة أصحاب المبنى باسترداده، لأن الإيجار قديم


استحدث سجن بلدة رأس بعلبك في عام 1995، بعد تشييد جدران في الطبقة الأرضية من مبنى فصيلة درك رأس بعلبك، على مساحة 200 متر مربع تقريباً غرفتان للسجناء، مساحة الواحدةأقل من 25 متراً مربعاً، وباقي الطبقة لبهو وحمّام. والغرفة الباقية يستخدمها عناصر الحراسة، ولتأمين الحماية أقفلت الشبابيك بالباطون بعد تثبيت مراوح كهربائية للتهوئة.
يصل عدد نزلاء السجن أحياناً إلى خمسين بحسب ما قالته سيدة بعد زيارة ولدها الذي يمضي الأشهر الأخيرة من حكم قضائي. وبعد طلب عدم ذكر اسمها تحاشياً لعرقلة زياراتها اللاحقة التي تتم عادة يومي الخميس والسبت، شكت نقلاً عن ولدها أن مساحة السجن صغيرة جداً نسبةً لعدد السجناء، الذين لا يرون الشمس إطلاقاً، ويضطرون لقضاء حاجتهم في حمام بلا باب داخل الغرف، ويستحمون يومين في الأسبوع. وأضافت أن التدفئة معدومة في الشتاء، وانقطاع الكهرباء صيفاً يضيف معاناة جديدة لأن «الجو يصبح داخل الغرف أشبه بالجحيم». وأبدت الزائرة بعض الرضا عن العناية الطبية التي يشرف عليها ممرض من الدرك، ويستعين بطبيب قوى الأمن عند الضرورة. وأشارت نقلاً عن ابنها إلى أن النوم في السجن «رأس وكعب مثل كبس الجبن»، وأكثر ما ينقص السجناء التهوئة والشمس، لأن الباحة المخصصة لهذه الغاية صغيرة المساحة، وأشعة الشمس لا تبلغها طوال النهار. واستدركت ان الطعام مقبول نسبياً. ويؤمّن الأهالي وجبات غذائية لأولادهم أيام الزيارات.
وكغيره من السجون اللبنانية، يفتقر سجن رأس بعلبك إلى برنامج تأهيلي إصلاحي، إذ يغيب عنه الاختصاصيون الاجتماعيون والنفسيون، ولا وجود لمشاغل أو صفوف تعليمية أو حرفية يمكن أن تسهم في مساعدة السجناء في حياة ما بعد السجن.
المعاناة لا تنحصر بالمبنى، بل تمتد إلى جيران فصيلة درك رأس بعلبك وسجنها، إذ شكا المؤهل المتقاعد من الدرك دعيبس بركات، الذي يسكن مع عائلته ووالدته في المبنى المجاور، من «الجورة الصحية» المعدة للصرف الصحي التابع لمبنى الفصيلة، إذ تمتلئ بصورة مستمرة وتصل المياه الآسنة إلى جدران منزله الذي يبعد بضعة أمتار. وأضاف بركات: «الوضع لا يطاق، وخاصة في الصيف حيث تنبعث الروائح الكريهة وتنتشر الحشرات والبرغش في محيط المنازل المجاورة»، موضحاً أن هذه «الجورة لا يمكن أن تستوعب كمية المياه التي يستخدمها عناصر المخفر والسجناء الذين تصل أعدادهم نهاراً إلى مئة شخص»، مشيراً إلى أنه في صدد توجيه كتاب إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي يشرح فيه حال السجن.
..وصاحبة السجن تشكو
وطالبت السيدة سعاد واكيم، أرملة صاحب مبنى فصيلة الدرك، الجهات المعنية بالعمل على إلغاء عقد الإيجار ثم تسليمها المبنى الذي يشغله عناصر قوى الأمن منذ عام 1968 بعقد إيجار قديم، حيث يصل بدل الإيجار إلى 3 ملايين وسبعمئة ألف ليرة سنوياً، تدفع منه ضريبة أملاك 4% وبراءة ذمة. وأكّدت أنها لا تملك وأولادها سوى هذا المنزل في بلدة رأس بعلبك وأنهم يقيمون جميعاً خارج المنطقة بالإيجار. كما أن حالة المبنى سيئة، فالجدران مشققة وبحاجة إلى إعادة ترميم والرطوبة تكسوه بكامله.
من جهته، قال رئيس بلدية رأس بعلبك أسعد غضبان لـ«الأخبار» إن البلدية قدمت قطعة أرض مجاناً بمساحة ألفي متر مربع لبناء مركز فصيلة ومخفر، وأبرم العقد مع وزارة المال، ووقّع عقد بين البلدية والمدير العام لقوى الأمن الداخلي بعد موافقة الوزارة المعنية، ولا تزال المعاملة في ادراج وزارة المال للموافقة النهائية وبدء أعمال البناء. وذكر غضبان أن التأخير سببه الروتين الإداري، وليس هناك أي اعتراض كما يشاع على المكان الذي خصص لذلك.