غسان سعود
لا عصيان ولا تظاهرات على جدول أعمال المعارضة في الأيام العشرة المقبلة

مضت ثلاثة أشهر على اعتصام المعارضة في وسط بيروت. تغيرت أمور كثيرة بين اليوم الأول لهذا الاعتصام واليوم، حتى إن الذكرى الشهرية الرابعة لانطلاقة الاعتصام مرت هذه المرّة من دون صخب، ومن دون أن يشعر بها كثيرون. فقدت الساحة زخمها، خفت صوت الموسيقى والأغاني الوطنية، صدئت الشعارات أو تمزقت، وتهاوت الصور. أما المعتصمون «الصامدون»، فيفضلون عدم الكلام، وهم في معظمهم حزبيون ملتزمون، وغالبيتهم ينتمون إلى حزب الله.
هنا الساحة، ثقة بالقادة، ترقب للحل، وانتظار العودة إلى المنازل. ثمة خيم تركها أهلها وغادروا لا ليأسهم من حصول تغيير سياسي فحسب، بل لعدم وجود برنامج واضح للمعارضة. يقول أحد الشبان إن الحجة بداية كانت وجود أعياد، مرت هذه واستمرت الفوضى على حالها. ويشير صديقه الى حاجة المعارضة الماسّة إلى برنامج يومي يجذب الجمهور للمخيم ويجدد النشاط.
هنا وجوه فقدت فرحها، عابسة، متعبة، يقول أبو جوزيف إن النائب سعد الحريري في بروكسل، يلتقي كبار الدبلوماسيين الأوروبيين، يعقد اجتماعات مطولة، يطل مبتسماً، يبدو مرتاحاً لموقعه. وفي الولايات المتحدة نجد النائب وليد جنبلاط يلتقي المسؤولين، يصرح، يطلب أموراً غريبة، يهدد ويتوعد. فيما قادتنا شبه غائبين.
هذا في وسط بيروت، تعب من جهة وإصرار على الصمود من جهة أخرى، فيما الأزمة دخلت بحسب المعارضة منطقة تجاذب حاد ما بين مؤتمر بغداد لدول الجوار، بمشاركة أميركية، في العاشر من الشهر الجاري وبين مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في السعودية في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين منه، وسط إشارات عدّة توحي بعودة حركة المساعي والمشاورات الإقليمية والعربية الهادفة إلى إيجاد حلّ لهذه الأزمة، وإلاّ فتهدئة تحول دون التداعيات السلبية للأزمة على أجواء التبريد للعلاقات العربية ــــــ العربية.
وترى المعارضة أن مشهد جنبلاط والحريري في الولايات المتحدة وبروكسل لا يُمكن ان يؤخذ وحده من دون قراءة خطابيهما وتعبيرهما عن شعور بالقلق تجاه احتمال حصول تحول ما في الموقف الأميركي في المنطقة وخصوصاً حيال لبنان. فجنبلاط سارع إلى طمأنة قوى الأكثرية بعد لقائه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، إلى أنه لا تغيير في السياسة الأميركية حيال لبنان، و«لا مساومة (عليه) وواشنطن لن تتخلى عنه». اما الحريري فوجّه إلى دمشق رسالة إيجابية، مؤكداً رغبته في إقامة علاقات ودية بين لبنان وسوريا، وأشاد بالمساعي التي تبذلها إيران على خط الجهود لإيجاد حلّ للأزمة اللبنانية. وهذه بحسب المعارضة، تحولات يجب على الجمهور أخذها في الحساب.
من جهته، يقول مسؤول في حزب الله، إن الهدف هو الوصول إلى الحل، والمعارضة كانت منذ البداية واقعية وعملية في تحديد أهدافها، فطالبت بتغيير الحكومة ليتمثل كل الأطراف، ولم تطالب بتغيير الرئيس فؤاد السنيورة رغم الملاحظات الكثيرة عليه، وخصوصاً خلال حرب تموز. وكل الخطوات التي اتخذتها المعارضة كانت بهدف الوصول إلى حل. لكن إذا كان الفريق الحاكم لم يتأثر بتنظيم المعارضة لأكبر تظاهرة في تاريخ لبنان، وأطول وأضخم اعتصام، والاقفال شبه التام في يوم الاضراب العام، فهذا لا يعني الانجرار وراء مخططه واللعب بالنار لاحراق الوطن.
ويشير إلى أن الحل بات قريباً، ولا بد من ضبط النفس وعدم الرد على استفزازات بعض أقطاب السلطة الذين يرغبون في جر المعارضة إلى تحرك، ولو صغيراً، ليطلبوا من الدول التي يتصلون بها وقف العمل بأي اتفاق.
ووسط حال الترقب، تؤكد مصادر المعارضة المتنوعة أنه لا شيء قيد التنفيذ حالياً، وأن العصيان المدني، أو التظاهر مجدداً، أو الاضراب العام في بعض المؤسسات الرسمية غير مدرجة في جدول أعمال المعارضة للأيام العشرة المقبلة على أقل تقدير. والتركيز اليوم على نجاح المحادثات الاقليمية ــــــ الدولية.