المنية ـ نزيه الصديق
لم تمرّ الزيارة التي قامت بها ممثلة الملحق الثقافي في السفارة الأميركية في بيروت ديانا قبطي الى منطقة المنية يوم الثلاثاء الماضي، على رأس وفد من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، مرور الكرام، بل أثارت ردود فعل تجاوزت الشجب والاستنكار، ووصلت الى حدّ طرح اكثر من تساؤل ومغزى عن الأهداف الحقيقية للزيارة.
ورسمت الزيارة التي أتت بناءً على دعوة رئيس «جمعية الفكر والحياة» الشيخ صالح حامد، علامات استفهام عديدة في شأن توقيتها ومكان انعقادها، حيث كانت قاعة مسجد بلدة بحنين مسرحاً لها، إضافة الى أنها جاءت بعدما تأجل موعدها اكثر من مرة في السنوات السابقة، لأسباب متعددة بعضها أمني حسب ما كان يعلن في حينه، وقد كان آخرها في 11 تموز 2006، أي قبل العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان بيوم واحد.
ففي مجال ردود الفعل، دان «لقاء المحامين المستقلين في المنية» الزيارة التي تمت بدعوة من «جهة صارت معروفة بارتباطها بالسفارة الأميركية في لبنان»، معتبراً أن «هذه الزيارة وما جرى فيها، وما تمخّض عنها، تمثل انحرافاً سياسياً بلغ حدّاً لا يمكن السكوت عنه».
واشار اللقاء في بيان له الى أن «ما زاد الطين بلة هو ان استقبال هذه الزائرة، غير المرحب بها، قد جرى في قاعة أحد مساجد المنطقة، وعلى بعد خمسين متراً من منزل الاسير البطل يحيى سكاف، الذي تساهم الإدارة الأميركية في جريمة إخفاء مصيره، إضافة الى أن هذه الإدارة تتحمل مسؤولية سفك دماء مئات آلاف العرب والمسلمين في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان». وحذر اللقاء من «نمو نهج الانحراف نحو الارتباط بأميركا وبالعدو الصهيوني، تحت حجج وعناوين إنمائية، تمثل في حقيقتها نشاطاً استخبارياً معادياً».
بدورها، رأت «لجنة عائلة وأصدقاء الأسير يحيى سكاف»، أن الزيارة «مثّلت إساءة إلى مشاعر عائلة الأسير وأصدقائه ومحبيه وكل الوطنيين الأحرار»، لافتةً الى أنه «إذا كان لا بدّ لهذه الجمعية من عقد لقاء لأسباب وغايات لا نجهلها، فإنه كان حريّ بها أن تختار مكاناً غير هذه القاعة، التي شهدت مناسبات وطنية عديدة، ولا تزال أرجاؤها تصدح بصرخات الإدانة والاستنكار لأميركا وإسرائيل».
من جهته، استنكر عضو «تجمع العلماء المسلمين في لبنان» وإمام مسجد المنية الكبير الشيخ مصطفى ملص «زيارة مسؤولين في السفارة الأميركية لمنطقة المنية، وعقدهم لقاءات فيها مع بعض الشخصيات تحت حجج تنموية، أو لتقديم مساعدات ليست في الحقيقة إلا وسائل وأساليب مكشوفة من أجل ضرب الموقف الوطني».
ورأى ملص أن هذه «الزيارة تمثّل إساءة إلى تاريخ المنية الوطني والقومي، وإلى مواقفها التي كانت دائماً ضد المواقف الأميركية من أُمتنا وقضاياها الوطنية والقومية، ولا سيما قضية الأسير البطل يحيى سكاف، ابن المنية المحتجز في سجون الكيان الصهيوني، الذي تساهم الإدارة الأميركية في دعم نشاطه الإجرامي، إضافة الى الجرائم الأميركية بحق أمتنا على امتداد العالم الإسلامي».