لسان ٌ جنوبي
  • علي شعيب ــــ إعلامي

    صبراً أيها القلم ..
    خفّف من نزف جرحك ..
    ولا تذرف دموع الحسرة على الفراق .. دع الدموع لأهلها
    أما أنت .. فلا تنحنِ للفجيعة لأن فيك نبضاً ومخزوناً مستمَداً من حياة الحبيب ..
    اِنهض يا قلم جوزف .. قاوم .. كما قاوم هو بلسانك ونزف حبرك..
    اِملأ كل الفراغ الأبيض .. ولا تهدأ
    هو.. معك وأنيسك .. كل من معه .. ها هم حولك .. وكلنا أيضاً
    ننتظرك .. أكمل الخط بالأحمر
    إن افتقدت هذا اللون بفقده .. فاقفز برهة إلى هناك ..
    إلى مقربة من خطٍّ أرادوه أزرق..
    إلى جنوب الجنوب..
    تنقّل بين حُبيبات التراب المجبولة بالطهارة والتضحية والوطنية الحقيقية..
    لملم بعضاً من قطرات دم شهيد..
    ستجدها وفية أيضاً لصاحبك الراحل .. كما كانت وفية لوعدها الصادق
    خذها.. وحدث بها واجعل القانيّ يلّون كل الصفحات .. والخطوط
    أكثر من يعرف قدْرك هم من خسروه .. فلا تبخل عليهم
    كان معهم عندما تسفك دماؤهم .. وتذبح أطفالهم .. وتدمر بيوتهم
    كان معهم .. حين كان الكثيرون يتآمرون !!
    ها هم ينتظرونك كل صباح.. خلف كل شجرة وصخرة
    ينتظرونك قبل ذهابهم إلى البيدر .. ينتظرونك رفيقاً للمعول والمنجل
    تنتظرك البندقية الشريفة التي كان نصيرها ..
    ننتظرك ها هنا ..
    هكذا سمعتهم يقولون .. أيها القلم .. لا تستسلم



    رحل بهدوء...

  • عباس المعلم - إعلامي

    في اغلب الأحيان حين تحضر الصراعات وتشتد الأزمات وتعلو لغة الاحتقان والفتن، ويكره المرء اخاه ولا تحترم ثوابت ولا مبادئ ولا قيم، مثلما حال لبنان بين الحين والآخر، تتأثر الصحافة والصحافيون بهذه الاجواء وتنجرف في معظمها مع هذا الواقع، لأنها إما تتبع او تتحالف او تتعامل، او تعمل مأجورة لمصلحة فريق سياسي او جهات عربية ودولية، وليس في ذلك نعت للصحافة في لبنان عموماً، بل لواقع اعلامي شهدنا ابشع صوره منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى هذا اليوم...
    لكن هذا المشهد المكوّن من مؤسسات اعلامية صخمة تملك المال والامكانات، وتحظى بدعم أشبه أن يكون كونياً، لم يتمكن من فرض واقع هذه المؤسسات القاتم على حرية الاعلام ونقل الحقيقية، ورغم ضخامتها كانت تواجه بقلم حر نزيه لا يخضع لتيار او تحالف او عصبية، قلم يكتب برقيّ وتجرد وصدق، قلم أتقن فن تجسيد واقع الأمة العربية وقضيتها المركزية فلسطين، قلم كان يخط خطوط الحاضر والمستقبل واستشراف الأمل لوطن وأمة تريد العيش بحرية وكرامة، لم يعرف اليأس يوماً ولم يتوان لحظةً عن نقل الكلمة الصادقة كما هي دون خوف او تردد...
    جوزف سماحة رحل وبقي قلمه النقي الذي لم يرتجف يوماً ولم يتلون حبره، الذي جنده خدمة لوطنه ومقاومة الاستبداد والاحتلال والهيمنة، رحل بمشيئة الله عز وجل، لكن يبقى الأسف كبيراً على غيابه في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة ولبنان. نكسة كبيرة للحرية والمقاومة والممانعة التي كانت تتجسد بقلم جوزف سماحة الصحافي والمفكر والاستاذ، الذي رحل بهدوء في زمن الفوضى والعنف والبلطجة، في زمن يهاب قلم سماحة الذي سيغيب عنا ونحن في أشد الحاجة اليه...