طارق ترشيشي
تؤكد مصادر مطّلعة في المعارضة أن القمة السعودية ـــ الإيرانية التي انعقدت في الرياض بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لم تنجز ما كان متوقعاً من حل للأزمة اللبنانية ومتفقاً عليه بين رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، لأن الإدارة الأميركية تدخّلت في اللحظات الأخيرة في ترتيب بنود هذا الحل، على نحو لا يمكن المعارضة أن تقبل به، وخصوصاً أن الولايات المتحدة خافت من نجاح اتفاق مكة فلسطينياً بما يفقدها الضغط على الساحة الفلسطينية، وكذلك خافت من حصول اتفاق بالنسبة الى الساحة اللبنانية من شأنه أن يُفقِدَها ورقة الضغط على المعارضة ومن ورائها سوريا وإيران، الأمر الذي يجعلها مكشوفة الرأس في مؤتمر بغداد في العاشر من الجاري ومن دون أوراق ضاغطة على طاولة التفاوض، ما يزيد من “الخناق” على جيشها في العراق.
ويتضمن مشروع الحل الذي اتفق عليه بندر ولاريجاني، وكان ينبغي أن تتوِّجه قمة عبدالله ـــ نجاد الآتي:
1 ـ تأليف حكومة وحدة وطنية تضم 19 وزيراً للأكثرية و11 وزيراً للمعارضة (وزيران لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود وخمسة وزراء لحركة “أمل” و4 وزراء لكتلة العماد ميشال عون).
2 ـ تأليف لجنة مشتركة سعودية ـــ إيرانية مع خبير لبناني، تتولى تعديل مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي بما يضمن صفتها الجنائية، وحصرها بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما أعقبها من اغتيالات من دون تمييز، وعدم شمولها الجرائم والأحداث بمفعول رجعي للعام 1982 بحسب ما تريد الإدارة الأميركية وفرنسا لتشمل تفجير مقرّي المارينز والمظليين الفرنسيين عام 1983.
3 ـ إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية.
4 ـ التوافق على انتخاب رئيس جمهورية جديد بين فريقي 14 آذار و8 آذار.
5 ـ إجراء انتخابات نيابية مبكرة في نيسان 2008.
وفوجئ الرئيس الإيراني أثناء محادثاته في الرياض بتغيير نصوص بعض بنود هذا المشروع، ولا سيما منها عدم تعديل المحكمة ذات الطابع الدولي وفق الصيغة المتفق عليها بين بندر ولاريجاني، والإخلال ببند التوافق على رئيس الجمهورية والإصرار على أن يكون الرئيس الجديد من فريق 14 آذار حصراً، الأمر الذي دفع المعارضة إلى إبلاغ الجانب الإيراني أن السير في هذا المشروع سيؤدي بها إلى خسارة كل الأوراق التي لديها، وبالتالي فإنها تربح مشاركة حكومية لمدة خمسة أشهر مقبلة في مقابل خسارتها لرئيس الجمهورية المقبل والانتخابات النيابية المبكرة. ويكون الفريق الأكثري قد أمسك في الخريف المقبل برئاسة الجمهورية وبالأكثرية النيابية، وبالتالي الحكومة حتى من دون ثلث معطل، إضافة الى إمكان الإقدام على طرح الثقة برئيس مجلس النواب بعد مرور سنتين على انتخابه بناءً على عريضة يوقعها عشرة نواب وتنال موافقة أكثرية ثلثي أعضاء المجلس. وفي هذه الحال يكون ما فعلته المعارضة قد ذهب أدراج الرياح.
وتقول مصادر المعارضة إنه في ضوء هذه المعطيات طلب الرئيس الإيراني إجراء الانتخابات النيابية المبكرة قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا ما عارضته قوى 14 آذار. ولذا أُرجئ البحث في هذه القضايا على أن يُكلف بندر ولاريجاني صوغ اتفاق جديد بالتواصل مع فريقي الأكثرية والمعارضة بغية تمرير الوقت حتى 15 الجاري بعد أن تكون أعمال مؤتمر بغداد حول العراق قد انتهت. فإذا حصلت الإدارة الأميركية على تعاون سوري وإيراني حول الملف العراقي فإنها ستقايض ذلك في لبنان. أما إذا انتهى المؤتمر إلى نتائج سلبية فإن لبنان سيكون على عتبة مواجهة شاملة قد تطيح القمة العربية العادية المقررة في 28 الجاري في الرياض، وخصوصاً أن الزعيم الليبي معمر القذافي قد أعلن أنه لن يشارك في هذه القمة، فيما طلبت قطر تأجيلها يوماً واحداً، الأمر الذي يثير مخاوف من أن تكرّ سُبحة المتغيبين في حال لم تلبّ الرياض الطلب القطري.