عمر نشابة
تقصيــر في عمليــة المســح أم مجــرّد صدفــة؟

بعد مرور ثمانية أشهر على «الانتهاء من جمع الادلة العدلية في مسرح جريمة» اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (الفقرة 17 تقرير لجنة التحقيق الدولية السادس) عثر عمّال بلدية بيروت في المسرح نفسه على 11 قطعة صغيرة الحجم من سيارات قديمة. وسلّمت القطع الى القضاء المختصّ. وكان عمّال بلدية بيروت قد بدأوا الاسبوع الماضي بصيانة وتصليح المجاري الصحية في الكورنيش البحري مقابل فندق ومسبح السان جورج حيث وقع الانفجار الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري و22 مواطناً وأدى الى سقوط 220 جريحاً، وبينما كانوا يقومون بعملية «شفط» المياه من راغارين في مدخل المارينا على مقربة من الحفرة الكبيرة التي احدثها انفجار 14 شباط 2005، عثروا على اجزاء بلاستيكية وحديدية من هياكل سيارات وآليات ومحرّكات ومن بينها «كالندر» وغطاء بخّاخ وبرّاد زيت وعلبة مكيّف وبعض القطع الميكانيكية. وعلى الاثر اتصلت البلدية بفصيلة البرج في قوى الامن الداخلي التي قام عناصرها بتسليم الاغراض الى النيابة العامة التمييزية بناء على اشارة النائب العام القاضي سعيد ميرزا. وعلمت «الأخبار» أن الاغراض التي عثر عليها ارسلت الى لجنة التحقيق الدولية للتدقيق في احتمال كونها ادلّة جنائية أو اذا كان وجودها في مكان العثور عليها يشير الى شيء ما. وبدأت اللجنة عملية تدقيق بالاغراض تخلّلها فحص مجهري ليصار لاحقاً إلى مقارنة المعلومات بتركيبة وشكل الادلة الجنائية التي بحوزتها والتي عثرت عليها اللجنة والاجهزة الامنية اللبنانية في مسرح الجريمة على مدى السنتين الماضيتين.
يُذكر أن خبراء ومحققين من مختلف الاجهزة الامنية ومن مختلف الجنسيات قاموا بعمليات مسح متعدّدة لمسرح الجريمة منذ وقوعها. اذ ان تقرير بعثة تقصي الحقائق (برئاسة بيتر فيتزجيرالد) والتي عملت من 25 شباط الى 24 آذار 2005، نص على ان البعثة «عاينت موقع الانفجار وحللته وأجرت عليه عدة اختبارات على مدار فترة سبعة أيام» (الفقرة 27). أما التقرير الاول للجنة التحقيق الدولية (برئاسة ديتليف ميليس) الذي صدر في 19 تشرين الاول 2005، فذكر أنه «خلال الشهر الثالث، اجرى فريق مشترك من الخبراء الهولنديين والبريطانيين واليابانيين تحريات واسعة النطاق شملت موقع الجريمة عينه والمناطق المحاذية، (...) وانجرت العملية بالموقع خلال شهر ايلول/ سبتمبر» (الفقرة 93). التقرير الثاني يقول «يتمثل أحد العناصر الحاسمة في إجراء تحقيق في انفجار بقوة انفجار يوم ١٤ شباط /فبراير ٢٠٠٥، في الفحص والتحليل الدقيقين لمسرح الجريمة. ويشمل ذلك تحليل الأدلة الجنائية للموجودات التي جمعت بعد الانفجار، والتي قد توفر مفاتيح عن طبيعة الانفجار ونوعه والمادة (المواد) المتفجرة المستخدمة، والطريقة التي نفذ بها التفجير» (الفقرة 36). وانتقلت اللجنة بعد ذلك الى رئاسة القاضي سيرج براميرتس وذكر تقريرها الثالث (مناقضاً التقرير الاول): «على الأرجح أنّه لا تزال هناك أجزاء من المركبات ذات الصلة في مسرح الجريمة. بناءً عليه، وحتّى بعد وصف مسرح الجريمة بأنّه «نظيف» من الأدلّة الجنائية وتسليمه إلى السلطات اللبنانية لترميمه، ستستمرّ اللجنة في تأمين تغطية جنائية للمنطقة التي تضرّرت جرّاء الانفجار، لعلّه يتم العثور على أدلّة جنائية أخرى» (الفقرة 22). واستمرّت اللجنة بعملية مسح مسرح الجريمة حتى حزيران 2006 بحسب تقرير اللجنة السادس والاخير الذي صدر في كانون الاول 2006.
هل قصّر المحققون اللبنانيون والهولنديون والبريطانيون واليابانيون والايرلنديون والالمان في عملية مسح مسرح الجريمة؟ أم أن الاغراض التي عُثر عليها نُقلت الى مسرح الجريمة بواسطة عوامل طبيعية (سيول)؟ وهل نقل السيول لقطع حديدية وبلاستيكية عائدة لآليات ميكانيكية الى مسرح جريمة اغتيال الحريري بالذات مجرّد صدفة؟