عكار ــ إبراهيم طعمة
مني قطاع تربية النحل في عكار بخسائر فادحة هذا العام تجاوزت نسبتها خمسين في المئة معدلاً وسطياً، حيث فتكت حشرة الفرواز بقوة بآلاف الخلايا، ما أدى الى تلف معظمها والقضاء بصورة تامة على حشرات النحل في القسم الأكبر منها.
ويعزو رئيس الجمعية التعاونية المتحدة لمربي النحل في عكار محمد الخطيب سبب الكارثة إلى إهمال كبير من جانب وزارة الزراعة من جهة، والى تجار الأدوية الذين يضخون نوعيات رديئة من الأدوية المقاومة للمرض طمعاً في تحقيق أرباح عالية.
ويشرح الخطيب ان إهمال الوزارة تجلى في عدم توفير الإرشاد الفني للمزارعين إلى أفضل الطرق العلمية الحديثة لتربية النحل، وفي الغياب التام للرقابة وضبط الغش في التصنيع المحلي للأدوية المكافحة للفرواز التي حلت محل الأدوية الأجنبية (أبيفار) ذات الفعالية العالية التي كانت الوزارة تستوردها في السابق وتوزعها على المربين مجاناًويضيف الخطيب مشكلة أخرى تتعلق باستمرار التعدي على الأشجار والنباتات الرحيقية، المصدر الرئيسي لتغذية النحل، لافتاً الى عدم تنفيذ التعميم الصادر عن وزارة الزراعة في 29 شباط 1996 والموجّه الى كل الأجهزة الأمنية وجهاز مأموري الأحراج والبلديات والمخاتير والذي يمنع قطع أشجار السنديان والنباتات الرحيقية ومعاقبة كل من يلحق الأذى بها، لكونها تشكل المصدر الرئيسي لتغذية النحل.
ويتابع: «على الرغم من إصدار الاتحاد العديد من البيانات والتنسيق الدوري مع الأجهزة الأمنية، لا تزال عمليات التعدي مستمرة وبكثافة ملحوظة إذ تُقطع الأشجار وتُقتلع النباتات قبل موعد بذارها، ما يهدد بانقراضها، ويعمد بعض المواطنين الى المتاجرة بها لأغراض طبية». وحذر الخطيب من إقدام وزارة الزراعة أو أي كان على رش المبيدات المكافحة لحشرة صندل السنديان خارج مواعيدها في شهر آذار، موضحاً أن الاتحاد أوقف العام الفائت وبمساعدة خبراء بيئيين، عملية رش كانت ستتم بين شهري حزيران وتموز، والتي تؤدي في حال حصولها في هذه الفترة من السنة إلى القضاء على النحل الذي يتغذى من السنديان، إضافة إلى أن الترسبات السامة للمبيدات تتكثف في العسل. وطالب الخطيب وزارة الزراعة بالتعويض الجدي على المربين ليتمكنوا من تجديد قفرانهم والتخفيف من حدة الخسائر.
وللاطلاع ميدانياً على المشكلة، التقت «الأخبار» أقدم المربين في منطقة الجومة في عكار جرجس شاهين الذي أوضح أن هذه الكارثة أكبر من التي حدثت عام 1986، ويعتبر شاهين أن مشروعه قد تعرض لضربة قاضية إذ قُضي على 45 قفيراً من أصل خمسين، والخمسة الباقية حالتها ضعيفة جداً، «وإذا ما قررت الاستمرار في هذا العمل بات عليّ تجديده أو بالأحرى إعادة تأسيسه كما فعلت في البداية منذ ما يزيد على عشرين سنة».
ويصنّف الخسارة التي تعرض لها مشروعه بخسائر مباشرة تتصل بالقفران وتبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أميركي حيث يراوح سعر القفير الواحد بين 150 و250 دولاراً، علماً بأن القفران الجديدة تتعرض لخسائر مشروعة في تربية النحل تصل إلى عشرين في المئة في الظروف العادية.
والخسارة الثانية المتعلقة بتوقف الإنتاج لمدة سنتين حتى يصبح النحل في القفران الجديدة قادراً على الإنتاج، تصل نسبتها إلى أربعة آلاف دولار تتوزع على مجموع خمسين قفيراً في السنة الواحدة، أي ثمانية آلاف دولار في السنتين، لتصل مجمل الخسائر إلى حدود عشرين ألف دولار.
ويضيف شاهين بالاستناد إلى دراسات علمية أوروبية، أن مشكلة حشرة الفرواز لا تقتصر على قضائها على النحل الكبير والملكات فقط، بل تجلب معها ستة أنواع من الفيروسات المدمرة للخلية، وهذا يتطلب جدية في مواجهة هذه الآفة الكبيرة وتضافر جهود المربين والتعاونيات ووزارة الزراعة لمكافحة الفرواز.