strong>عمر نشابة
ينصّ البيان الوزاري الذي يفترض أن يلتزم به وزير العدل: «الحكومة إذ تتمسك باستقلال القضاء تؤكد تصميمها على إجراء الإصلاحات اللازمة وإعطاء هذا الأمر كلّ أبعاده الضرورية لاستقامة عمل المؤسسات وفعاليتها». لكن قبل الحديث عن «إصلاحات» هل يمكن تبرير تخلّف وزارة العدل عن تأمين أبسط مستلزمات أقلام غرف المحاكم؟

يشهد قصر عدل بيروت ازدحاماً بالمواطنين والمحامين بحثاً عن العدل والإنصاف وطلباً لحلّ مشاكلهم عبر تطبيق أحكام القانون على القاصي والداني. ويتهافت المواطنون والمحامون في قصر العدل على أقلام غرف المحاكم حيث يتمّ إنجاز المعاملات القضائية وحيث تُحفظ ملفات الأحكام وأوراق الدعاوى. وتعاني تلك الأقلام نقصاً حاداً في المطبوعات الرسمية التي تُضمّ نسخ منها الى الملفّات القضائية بعد إنجازها، ومن بين النواقص نسخ عن: 1ــ ورقة دعوة المدعي أمام المحكمة (مرمّزة ج ـ 11). 2ــ ورقة دعوة المدعى عليه أمام المحكمة (مرمزة ج ــ 9). 3 ــ ورقة دعوة الشاهد أمام المحكمة (مرمزة ج ــ 3). إذ لم يؤمّن قسم المطبوعات والقرطاسية التابع لديوان وزارة العدل هذه الأوراق منذ زمن. ولتغطية هذا النقص، يعمل الموظفون الرسميون في الأقلام على تصوير الأوراق الناقصة بواسطة آلات التصوير المخصّصة لقلم غرف المحاكم. ومن المعلوم أن كلفة التصوير تزيد بأضعاف عن كلفة الطبع. يشير ذلك الى أن ديوان وزارة العدل مسؤول عن هدر واضح للمال العام بسبب تخلّفه عن تأمين أبسط مستلزمات أقلام غرف المحاكم. ففي قصر عدل بيروت 13 قلماً تابعة لغرف القضاة ومنها محاكم الجزاء والمخالفات والسير والاستئناف والجنايات والاتهامية عوَضاً عن أقلام غرف قضاة التحقيق. ويؤمّن ديوان وزارة العدل بين 3 و4 مواعين ورق تصوير (الماعون يتضمّن 500 ورقة) لكلّ قلم شهرياً. لكن مصروف ورق التصوير زاد مع عدم توافر المطبوعات الرسمية. وبينما يصدر أكثر من 400 حكم في الشهر عن محكمة الجزاء وحدها، يعاني الموظفون من مشقّة تأمين الأوراق اللازمة لاكتمال الملفات القضائية. ومن المفترض تأمين ثلاثة أو أربعة نسخ عن كلّ من المطبوعات الثلاث التي يتخلّف الديوان عن تزويد الأقلام بها. فيقوم الموظفون في بعض الأحيان باستعارة بعض الأوراق الرسمية من بعضهم بحسب توافرها. كما يشكو موظفو الأقلام من صعوبة الحصول على دفاتر سجلّات تأسيس الدعاوى من ديوان وزارة العدل، ما يؤخّر معاملات المواطنين ويبطّئ عمل القضاء.
إضافة الى ذلك، يعاني القضاة من غياب كامل للمكننة في مكاتبهم، ما يدفع بعض القضاة إلى شراء كمبيوترات على نفقتهم الخاصّة لاستخدامها في طبع الأحكام الصادرة عن غرفهم «باسم الشعب اللبناني»... ويقوم بعض القضاة بأرشفة الملفات القضائية في كمبيوتراتهم الشخصية المحمولة، ما يعرّضها لخطر التسريب أو التلاعب إذا ربط الجهاز بشبكة الأنترنت، وإذا لم يتوفّر في الجهاز نظام حماية متطوّر. كلّ ذلك قد يهدّد سلامة الأحكام القضائية وتقع المسؤولية على وزارة العدل وعلى رأسها الوزير شارل رزق المسؤول عن عرض حاجات القضاء على السلطة التنفيذية التي يصدر عنها مشروع موازنة مؤسسات الدولة.
وكانت «الأخبار» قد كشفت في أعداد سابقة عن تخلّف وزارة العدل عن تزويد القضاة بمجموعة القوانين وبأجهزة كمبيوتر. كما أشرنا الى إهمال قاعات المحاكم التي تعاني من نقص في الأثاث وضيق في مكاتب القضاة، ومن النش الذي يغزو جدرانها. بينما تبدو مكاتب وحتى قاعات الانتظار لمكاتب بعض الضباط والمسؤولين الأمنيين أفسح وأفضل تجهيزاً من مكاتب يتشاركها ثلاثة قضاة.