فداء عيتاني
لا تتوقع «الجماعة الاسلامية» الوصول الى اتفاقات او تفاهمات مع «حزب الله». وعلى رغم الاشارات الايجابية التي ترسلها اوساط المعارضة في اتجاه «الجماعة»، فإن الكلام الهادئ مع قيادتها يسفر عن وجهة نظر مختلفة تحسم احتمال التحالف المستقبلي القريب بكلمة «لا نعتقد» و«لا شيء قريباً».
يبدأ عتب «الجماعة» على الحزب من الملف «المتفق عليه بالكامل: المقاومة ضد اسرائيل» بحسب مصدر رفيع في قيادة «الجماعة» التي ترى نفسها والحزب جناحين في العمل الاسلامي التحرري، حين اعتقل بعض عناصرها على خلفية ضبط صواريخ، ولم يتدخل الحزب بما له من علاقات للافراج عن السلاح المقاوم، ولم يتدخل حتى للافراج عن الشبان المعتقلين بتهمة حيازة السلاح، «كانت القضية واضحة ولا لبس فيها، صواريخ مخبأة خلف جدار، لا في مخزن عشوائي، لكن الحزب لم يصدر بياناً استنكاراً لمصادرة سلاح للمقاومة في منطقة قريبة من الحدود»، لافتاً الى الموقف الذي اصدره الحزب من مصادرة سلاح الحزب السوري القومي الاجتماعي في الكورة.
وان كانت هذه بداية العتب فإن المصدر يصر على عدم طرح نقاط الخلاف بشكل جارح، فالعلاقات لا بد أن تستكمل، وكل خطوات «حزب الله» التي قد تراها «الجماعة» بمثابة أخطاء لن تغير من حتمية لقاءات تحصل وستحصل، مثل اللقاء الذي يعد له خلال الايام المقبلة، والذي قد لا يحمل جدول اعمال واضحاً، الا أن الجماعة ستعدّه مناسبة لممارسة النقد. «حين اخطأنا (في تأبين الوزير بيار الجميل) لم ندع الامر يذهب بعيداً، بل اصدرنا نقداً ذاتياً في اليوم التالي». واليوم ترى الجماعة، ربما، ان على «حزب الله» ممارسة النقد الذاتي والاستماع الى نقد الاطراف المتضررة من حركة المعارضة.
والنقطة الرئيسية التي تراها الجماعة «خسارة فادحة» للبنان هي استشراء الحال المذهبية التي تحمّل «حزب الله» المسؤولية عنها، «ليس لدى تيار المستقبل الكثير ليحيط نفسه بالجمهور، ومن الطبيعي ان يقوم بالتحريض للوصول الى لمّ حالة جامعة حوله، ومن النافل الحديث عن شخصيات في قوى 14 آذار لا تملك الا الخوف من سوريا، لكن «حزب الله» لم يترك خيارات للكثير من اللبنانيين الا الالتفاف حول الحال المذهبية»، يقول المصدر وهو يستذكر ما جرى في محيط الجامعة العربية يوم 25 كانون الثاني حين انتشر السلاح من المنازل لمحاولة «صد هجوم منظم على المنطقة».
«حزب الله لم يترك لنا الخيار» يؤكد المصدر الذي تتهمه اوساط داخل الجماعة وفي تيار «المستقبل» بالانحياز للحزب، ويضيف ان المبادرات التي اطلقتها الجماعة كانت تفرغ من مضمونها مع ارتفاع مستوى التشنج.
«لا يمكننا العيش من دون دولة، ووحده حزب الله يمكنه العيش من دونها» يضيف المصدر وهو يحتسي قهوته الصباحية في منطقة تحولت من الاغلبية السكانية السنية الى الاغلبية المطلقة الشيعية، غير بعيد عن اعتصام الوسط التجاري. ويتابع ان «الدولة اليوم معطلة بالكامل، وكذلك حزب الله يعيش في حال تنظيمية خاصة، وان كانت لا تؤثر عليه الا انها تؤثر على التفاهم معه. كنا في السابق نجتمع في اطار مكتبهم السياسي، الا ان هذا المكتب ومنذ قرابة عامين متوقف عن متابعة اعماله بفاعليته المعهودة. لقد وزعوا الاعمال على حقائب وكل من اعضاء المجلس يتابع مهماته منفرداً، وصيغة التنسيق باتت صعبة معهم». يوضح ان الامور اليوم وبفعل واقع «حزب الله» الخاص «مرتبطة بأمينه العام حسن نصر الله، واللقاءات مع قادة الحزب عبارة عن تبادل وجهات نظر يبت بها الامين العام للحزب».
ويتساءل المصدر: «الى اين سيقود التوتر المذهبي، خصوصاً ان ثمة اطرافاً رئيسية في قوى 14 آذار تتسلح وتنظم ميليشيات، حيث تنتشر هذه الميليشيات في الشمال وبيروت وغيرها من المناطق، وقد دفعت الجماعة ثمناً كبيراً لمواقفها في المناطق، منها ما حصل يوم حاولت الدفاع عن منزل الشيخ زهير الجعيد في اقليم الخروب، ومنها ما حصل يوم تصدت للردميات في الاقليم ايضاً، وما حصل يوم مصادرة صواريخ الجماعة».
الجماعة التي تعمل اليوم بين الطلاب بخاصة في الشأن الدعوي والمطلبي بعد ان حركت جهازها الطلابي في اطار سياسي في العامين الماضيين، يقلقها عدم وجود حلول فعلية للأزمة اللبنانية، وتسأل على لسان القيادي فيها: «ان كان يوم الاضراب السلمي والحضاري الذي نفذته المعارضة يوم 23 كانون الاول اوقع ما اوقع من احداث فكيف سيكون العصيان المدني الذي لا بد من استعمال العنف لإنجاحه».