ثائر غندور
«اعتقدنا أن أصدقاءنا الأميركيين كان باستطاعتهم أن يتجهوا بالعالم نحو أفق أكثر سلماً وديموقراطيةً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؛ لكنهم، للأسف، لم يفعلوا!». قالها رئيس قسم الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية الدكتور اندريه فوربيوف بمرارة خلال ندوة في الجامعة الأميركية تحت عنوان: «نحو تشكيل عالم متعدد الأقطاب»، بدعوة من «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية».
أشار فوربيوف إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي أدّى إلى تفكك الشكل الجيوسياسي القديم الذي أمّن توازناً واستقراراً عالميين على مدى نصف قرن، أما اليوم «فنحن ما زلنا في مرحلة انتقالية يبحث فيها العالم عن نموذج جديد للاستقرار الجيوسياسي». ولفت إلى أن بعض المحلّلين السياسين يتحدثون عن عالم معاصر يرتكز على «تعددية أقطاب غير مستقرة»، بينما يشير آخرون إلى بنية معقّدة تمزج بين: الأحادية العسكرية (بقيادة الولايات المتحدة الأميركية)، وثلاثة أقطاب اقتصادية (الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا)، وتنظيم سياسي خماسي الأقطاب (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا).
ثم قال فوربيوف إن الاقتصاد الأميركي نما منذ أوائل التسعينيات بشكل لم يسبق له مثيل، إذ بلغ نمو الناتج الوطني الأميركي أحد عشر تريليون دولار، كما أن النمو العسكري غير محدود، فنهجت الولايات المتحدة صوب أحادية مطلقة، على عكس الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية؛ حينها خرج الاتحاد السوفياتي، الصين، أوروبا، اليابان مدمّرة، فاحتاجت إلى دعم الولايات المتحدة الاقتصادي لكن ذلك لم يؤدّ إلى أحادية عالمية.
وأقرّ فوربيـــــــوف بعــــــدم وجــود رؤية روسية واضحة لإصلاح الأمم المتحدة وإعادة الاعتبار والاحترام لها، بعد التمادي في خرق قوانينهـــــا، لكنه قال: «إنها حاجــــة ماسة ولا بديل منها. علينا أن نجرب كثيـــــراً وألّا نستسلم».
وعن الموضوع الايراني أكّد أن روسيا متأكّدة من عدم قدرة إيران على الحصول على القنبلة النووية من خلال التكنولوجيا الروسية، واستذكر قصة رواها له والده، وهو عالم ذري: «أتى الإيرانيون إلينا (الروس) وطلبوا رأينا بخرائط تكنولوجية أعدّوها، فاكتشفنا أنها خرائط أميركية بالكامل»، فتساءل الدكتور الروسي عن كيفية وصول هذه الخرائط إلى الإيرانيين «هل سرقوها أم سرّبها الأميركيون؟!». ورأى أن إيران تحوّلت إلى فاعل أساسي في السياسة الخارجية الروسية بسبب سياسات الولايات المتحدة، وشدّد أمام طلاب الأميركية على عدم الجنوح في تحليلهم السياسي صوب اعتبار خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ميونخ، الذي هاجم فيه السياسة الخارجية الأميركية، «عودة إلى زمن الاتحاد السوفياتي».
وعن وفاة الصحافي الروسي إيفان سافرونوف الذي كان يجري تحقيقاً عن مبيعات الأسلحة الروسية إلى سوريا وإيران، و«سقط من الطابق الرابع في المبنى الذي يسكن فيه» أجاب: «الصحافة مهنة خطرة وتؤدّي إلى الموت في حالات كثيرة، فقد قُتل الكثيرون في العراق خلال الاجتياح الأميركي، لكن معلوماتي قليلة لأنني في لبنان».