strong>مساعٍ سعودية لتأجيل العصيان المدني مقابل توقف الحكومة عن القرارات الاستفزازية في انتظار نضوج التسويةينتظر أن تكون الساعات المقبلة حاسمة في تحديد مصير الازمة بين فريقي السلطة والمعارضة في ضوء تبلور نتائج اللقاء الذي انعقد مساء امس في عين التينة بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري، فإما يتوافر حل يقبل به الجميع، وإما سيلجأ بري الى مكاشفة الرأي العام اللبناني بـ“الحقيقة” حسبما اعلن معاونه النائب علي حسن خليل أمس.
وفي الوقت الذي تحدث فيه الحريري اثر اجتماعه مع الرئيس فؤاد السنيورة في السرايا الحكومية مساءً عن أنه والرئيس بري “متفائلان” وأن الاتصالات “متجهة الى التفاؤل” وأنه يشعر للمرة الاولى “بأن هناك توجهاً حقيقياً الى حلول”، استغربت أوساط قريبة من بري تضخيم اللقاء بينه وبين الحريري وإعطاءه طابع الحدث وقالت إن الاتصالات لم تنقطع اصلاً بينهما وإن قناة الاتصال سبق أن فُتحت من خلال ممثلين لهما “والمهم هو ما سينتج عن هذا اللقاء وليس اللقاء في حد ذاته”.
وكان السفير السعودي عبد العزيز خوجة واصل تحركه المكوكي بين أطراف الموالاة والمعارضة مهيّئاً الأجواء المريحة للقاء بين بري والحريري لبدء النقاش الجدي في ورقتي العمل اللتين قدماهما إلى القيادة السعودية التي وجدت في مضامينهما تقارباً يتيح التوصل إلى صيغة توافقية متوازنة تعطي لكل من الفريقين بعضاً مما يطالب به.
وذكرت مصادر مطلعة على موقف بري ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز طلب من سفيره ترتيب الأفكار المطروحة وتبادل الآراء حولها على قاعدة التوصل إلى حل منصف يساعد على خلق مناخ الثقة بين الجانبين، ناصحاً الحريري بالانفتاح على التصور المتكامل الذي عرضه بري.
وقد سبقت اللقاء بين بري والحريري سلسلة اتصالات بين أركان المعارضة ومشاورات مماثلة بين أركان الرابع عشر من آذار، وتردد أن اجتماعاً طارئاً قد يعقد بينهم للبحث تفصيلياً في أوراق العمل المعدّة للنقاش، وذلك في ضوء بعض الاعتراضات التي أبداها الفريق المسيحي في الاكثرية على تفرد الحريري بالتفاوض وتغييب هذا الفريق عن حوارات الكواليس والغرف المغلقة وما يعدّ من صيغ وأفكار للتوافق على تعديلات في النظام الأساسي للمحكمة وتصحيح الوضع الحكومي القائم.
ووضعت أوساط مراقبة زيارة الحريري لبكركي أمس ورسالة التوضيحات لموقفه التي نقلها غطاس خوري، في إطار تأكيد تماسك قوى 14 آذار وتعزيز مبدأ الشراكة الوطنية والتشاور المسبق قبل بتّ أي مشاريع وتسويات تطرح لحل الأزمة اللبنانية.
وقالت هذه الأوساط إن هناك من نصح الحريري باستعجال زيارته للبطريرك الماروني نصر الله صفير بعد الموقف اللافت الذي أعلنه مجلس المطارنة وعارض فيه إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حيث إنه انطوى على التباس في تفسير مغزاه وأبعاده، ورأى بعض السياسيين أنه يصب في خانة المعارضة التي ما فتئت تحذر من الإقدام على هذه الخطوة لأنها سترمي البلد في المجهول.
وتضيف الأوساط أن الحريري، بناءً على نصيحة بعض المقرّبين، وضع صفير في تفاصيل المداولات التي جرت حول لبنان في القمة السعودية الإيرانية وأطلعه على مضمون ورقة بري إلى القيادة السعودية والملاحظات التي وضعها هو وحلفاؤه عليها واستمزجه رأيه في التسويات المطروحة قبل اجتماعه ببري وتفاصيلها. وأبلغ الحريري صفير أيضاً الرغبة السعودية في وجوب التعجيل للوصول إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الحالي وأن المملكة مستعدة عندما تنضج التسوية لأن تستضيف الأطراف اللبنانية وترعى وفاقهم على غرار اللقاء الفلسطيني في مكة.
وعلى رغم المعلومات الضئيلة التي تسرّبت عن الخلوة بين الحريري و صفير، فإن أوساط الأول تحدثت عن أن فرص الحل ما زالت متوافرة وأن المقترحات التي تقوم على مبدأ التلازم والتوازن بين إقرار المحكمة مع بعض التعديلات وحكومة الوحدة الوطنية على أساس 19\11 مع إيجاد آلية لاختيار الوزير الحادي عشر هي مقترحات جدية تصلح أساساً للحوار ومن خلالها يمكن الاختراق والوصول إلى تسوية منصفة للجميع.
موقف المعارضة
وعلمت “الأخبار” أن قيادة المعارضة طلبت من بري قبل لقائه مع الحريري أن يبلغه أنه في ضوء المماطلة التي تمارسها السلطة للهروب من التسوية، فقد بات موقفها الآتي: إما حكومة وحدة وطنية على أساس 19 وزيراً للموالاة و11 وزيراً للمعارضة تختارهم هي جميعاً من دون تدخل أي طرف وسيط، محلياً كان او سعودياً، وإما انتخابات نيابية مبكرة تنتج مجلساً نيابياً وحكومة جديدين، وإما إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية حيث سيكون عندها حل دستوري للمشكلة الحكومية يتخذه رئيس الجمهورية.
وأكدت قيادة المعارضة لبري أيضاً أنها لا يمكن ان تقبل بتهديدات الأكثرية المتواصلة باللجوء الى إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وأن السلطة اذا كانت قادرة على هذا الامر فلتفعل ما تشاء لأن المعارضة ليست لديها أي عقد في هذا الصدد كما انه لن يرهبها التهديد بالتطويع العلني الميليشيوي لمصلحة شركات امنية، الجاري حالياً في طرابس وغيرها حيث يتم هذا التطويع على أساس سجل عدلي يقدمه المرشح وخبرته في استخدام السلاح مما ادى الى ازدحام أمام مراكز السجل العدلي في طرابلس.
لحود والسنيورة والقمة
ووفق المعلومات نفسها ايضاً فإن الرئيس إميل لحود ابلغ اخيراً السفير خوجة في لقائهما الاخير انه ليس في وارد اصطحاب الرئيس فؤاد السنيورة في عداد الوفد اللبناني الى القمة العربية في الرياض وأنه مستعد لأن يضم إلى هذا الوفد خمس شخصيات سنيّة مرموقة بدلاً منه لأنه رئيس حكومة باتت غير دستورية. وإذ اكد خوجة للحود أن السعودية ترغب في أن يشارك لبنان في القمة بوفد موحد يضم رئيسي الجمهورية والحكومة ومن يختاران من وزراء وشخصيات، وانها تضمن أن يلتزم السنيورة آداب الوفد بحيث لا يتصرف ولا يدلي بأي موقف يخالفها، فرد لحود بأنه لا مكان للسنيورة في الوفد حتى لو أُلغيت دعوة لبنان الى القمة. وإذا كان هناك حرص على ذهابه فما على السعودية إلا المساعدة على تأليف حكومة وحدة وطنية وعندها لا تعود هناك أي مشكلة. وأكد لحود أنه لا يمكن ان يصطحب السنيورة معه في وضع كهذا لأن ذلك يمثّل اعترافاً منه بشرعية حكومته وهو ليس في وارد منحه هذا الاعتراف ما لم تتألف حكومة وحدة وطنية.
تهدئة حتى نضوج التسوية.
وعلمت “الأخبار” أن القيادة السعودية أبلغت الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنه ما دامت مبادرته لم يكتب لها النجاح بعد بسبب انسداد الافق أمامها فلا يجوز إعلان فشلها، الامر الذي دفع موسى الى الاعلان قبل أيام أن الاتصالات مستمرة لتذليل العقبات التي تعترض الحلول وانه قد يزور بيروت في اي وقت. وجاء موقفه هذا منسجماً مع رغبة السعودية في ضبط مواقف الطرفين المتنازعين في انتظار توافر الحلول.
وقالت مصادر مطلعة على موقف موسى لـ“الأخبار” إن السعودية تريد من فريقي السلطة والمعارضة أن يتفقا على وقف السلبيات في انتظار نضوج التسوية المطلوبة، بحيث تؤجل المعارضة خطوة العصيان المدني الذي تستعد له والمتوقع أن تدعو اليه اواخر الشهر الجاري في مقابل ألا تتخذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة اي قرارات تستفز المعارضة. ولم تستبعد المصادر نفسها ان يكون بري والحريري قد توافقا على وقف التصعيد.