جورج شاهين
بات واضحاً أن طرفي الأزمة من الموالين والمعارضين سلّموا كثيراً من أمورهم الى اللعبة الدولية، فباتت الأمور مرهونة تارة بالقمة السعودية ــ الإيرانية، وأخرى بمؤتمر وزراء الخارجية للدول السنية السبع في إسلام آباد، وثالثة بالمؤتمر الخاص بدول الجوار العراقي الذي يعقد غداً، إضافة الى الاتصالات المفتوحة بين العواصم المعنية تحضيراً للقمة العربية الدورية في المملكة العربية السعودية.
ومن دون التقليل من أهمية كل ما يجري خارج لبنان هناك من يعتقد بأن «كل هذه الحركة من دون بركة»، ما لم يحقق اللبنانيون خرقاً ما في مكان ما، مما هو على لائحة المشاريع القابلة للبحث، على رغم الأولوية التي أعطتها الاتصالات لملفي المحكمة والحكومة لما يشكلان من بداية لا بد منها لولوج أبواب الحلول الى بقية القضايا العالقة.
وفي موازاة الحركة الكثيفة التي شهدتها الاتصالات الدبلوماسية، رأت مصادر مطلعة ان كل ما يجري لا يعدو كونه تمريراً للوقت، بانتظار ما ستكون عليه نتائج مؤتمر دول الجوار العراقي، لمعرفة الأجواء التي ستحكم نتائج الاتصالات وما سيكون عليه شكل العلاقات بين واشنطن من جهة ودمشق وطهران من جهة أخرى، إذ إن أي انفراج سينعكس فوراً على نتائج الاتصالات السعودية مع الدولتين، وتحديداً مع سوريا، بعدما قطعت الاتصالات مع طهران حواجز الثقة المتبادلة بين السعودية وإيران وتعززت العلاقات بينهما على نحو إيجابي.
على هذه الخلفية تجري الاستعدادات للقاء المنتظر بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، والذي يعتبر أولى ثمار الوساطة السعودية، لبحث المقترحات التي تبادلها الطرفان على خلفية ما تضمّنته ورقة بري الأخيرة التي دفعت بالسفير السعودي عبد العزيز الخوجة الى القيام بجولته المكوكية بين بيروت والرياض حيث نقل رداً من الحريري وصف بالإيجابية شكلاً، بفعل الصياغة «الحريرية» المنمّقة التي صيغ بها الرد.
وفي المعلومات المتداولة لدى الأوساط السياسية أن الحريري استعد للقاء من خلال ما يسميه «الثوابت» التي حكمت مواقفه في الفترة الأخيرة على قاعدة التنازلات التي سبق للأكثرية أن قدمتها في المفاوضات الأخيرة، والتي تتلخص بالآتي:
ــ القبول بتنازل الأكثرية عن ثلثي عضوية مجلس الوزراء، شرط عدم إهداء الثلث المعطل الى المعارضة.
ــ الإقرار بآلية تسمية الوزير الحادي عشر من طريق جهة ثالثة، بعد الاتفاق على مبدأ توسيع الحكومة لا تغييرها.
ــ القبول بمبدأ إعادة فتح باب النقاش في النظام الداخلي للمحكمة الخاصة بلبنان والأخذ بالملاحظات التي لدى المعارضة شرط ألا تمس الجوهر، من دون أي إشارة الى الآلية التي ستعتمد في حال التفاهم على ذلك.
ــ بحث المشروع الذي أعدته اللجنة الوطنية لقانون الانتخاب تمهيداً لانتخابات نيابية مبكرة..
ــ بحث انتخاب رئيس توافقي جديد للجمهورية.
وفي الجهة المقابلة لم يرَ بري عائقاً أمام اللقاء مع الحريري على قاعدة المقترحات المتبادلة في الساعات الأخيرة الماضية والمواقف المعلنة منها، في موازاة استبعاده لقاءً مماثلاً مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لأسباب عدة، منها شكل تعاطيه مع رئاسة المجلس النيابي من خلال الكتب التي وجّهها الى الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضي، وما تبع ذلك من أداء حكومي وصفته مصادر رئيس المجلس بأنه «الأسوأ في تاريخ لبنان الرسمي الحديث».
في هذه الأجواء، توقفت الأوساط المطلعة عند «إلغاء» الرئيس السوري بشار الأسد الخطاب الذي تردد أنه كان مقرراً أن يلقيه أمس في ذكرى وصول حزب البعث الى الحكم في سوريا، نظراً إلى ما كان يعوّل عليه كثيرون لقراءة وجهة الريح في العلاقات السعودية ــ السورية على الأقل، وإن كانت الأوساط فهمت خطوة الأسد من باب التستّر على الأوراق التي تحملها سوريا الى مؤتمر دول الجوار في العراق غداً، على وقع المعركة السياسية والدبلوماسية القائمة عشية انعقاده، ليس إلا.