إبراهيم عوض
في بيروت كان هناك من يعوّل على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أول من أمس في ذكرى الثامن من اذار لإحراز تقدم على صعيد تنقية العلاقات بين سوريا والسعودية، وثمة من ذهب في توقعاته الى القول إن المواقف المرتقبة من الأسد والرسائل الودية التي سيوجهها ستطوي صفحة الخلاف وتؤسس لمرحلة جديدة.
في دمشق بدا المشهد مختلفاً اذ لم تكن هناك استعدادات وترتيبات لإقامة حفل رسمي مركزي في المناسبة يرعاه الاسد ويلقي كلمة فيه، وهذا ليس بجديد كما أوضحت أوساط سورية مطلعة لـ «الاخبار»، لافتة الى ان مراجعة ارشيفية للسنوات الماضية تبين ان ذلك حصل اكثر من مرة بحيث مرت الذكرى من دون ان يكون هناك خطاب لرئيس الدولة، فيما آثر الرئيس بشار الاسد انتهاز المناسبة لتدشين المرحلة الاولى من انتاج سيارة «شام» وهي صناعة سورية ــ ايرانية مشتركة.
وعزت هذه الأوساط ما تداولته وسائل اعلام لبنانية على لسان عدد من القيادات السياسية حول الخطاب المذكور الى استنتاجات وقراءات خاصة تعني اصحابها، واشارت الى ان السلطات السورية المعنية آثرت عدم التعليق عليها، معتبرة في الوقت نفسه انها تنطلق من رغبة صادقة لدى أصحابها برؤية العلاقات السورية ــ السعودية وقد عادت الى صفائها التام. كما تكشف الأوساط عن وجود مؤشرات ايجابية من شأنها إنهاء الجمود الذي يعتري العلاقات بين البلدين، ما سينعكس إيجاباً على أجواء القمة العربية المقرر عقدها في الرياض نهاية الشهر الجاري، والتي تظهر المعطيات التي تكونت لدى دمشق حتى الساعة بأنها ستكون «جيدة وموفقة».
وفيما امتنعت الأوساط السورية عن إعطاء تفاصيل حول طبيعة المؤشرات التي تحدثت عنها، علمت «الأخبار» ان لقاءً جمع وزيري الخارجية السعودي والسوري الأمير سعود الفيصل ووليد المعلم خلال اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأسبوع الماضي تبودلت خلاله الاحاديث الوديّة، كما ظهر جلياً التقارب في وجهات النظر بين مصر والسعودية وسوريا ازاء القضايا الرئيسية التي جرى بحثها في المجلس وفي مقدمها الوضع في العراق ولبنان. وتحدثت المعلومات ان ما تقدم به الجانب السوري في الملف العراقي لقي ترحيباً من وزيري الخارجية المصري والسعودي، وقد أكد المعلم في الاجتماع ان الوفد السوري الذي سيشارك في مؤتمر دول الجوار العراقي الذي سينعقد في بغداد اليوم (يضم احمد عرنوس معاون وزير الخارجية السوري، وبشرى كنفاني مديرة المكتب الإعلامي في الوزارة وفيصل حموي مدير ادارة المنظمات) سيطالب المجتمعين بتبني ما صدر عن مجلس جامعة الدول العربية بشأن العراق وتشير المعلومات أيضاً الى ان المؤتمر سيمثّل فرصة اخرى للتقارب بين الرياض ودمشق من خلال مشاركة الوفدين السوري والسعودي فيه.
وأبدت الأوساط السورية استغرابها للضجة التي أثارها أطراف في 14 آذار تجاه التصريحات التي ادلى بها المعلم حول المحكمة الدولية، واقفال الحدود السورية. وذكّرت بأن المسألة الأخيرة ليست جديدة إذ سبق لسوريا أن أعلنت قبل أشهر أنها ستلجأ الى إغلاق حدوها مع لبنان إذا نُشرت قوات دولية على الجانب اللبناني، معتبرة أن الإقدام على مثل هذا الخطوة يعني وجود حالة عدائية بين البلدين، كما ان اللعب على الالفاظ باستبدال كلمة قوات دولية بمراقبين دوليين لا يبدل من الأمر شيئاً.
إلا إن هذه الأوساط أعربت عن ارتياحها الى مسارعة وزير الدفاع الياس المر الى وضع حد لهذا الطرح بإعلانه من الولايات المتحدة رفض لبنان نشر قوات دولية على حدوده مع سوريا، مشيرة الى انه سبق للأخير أن أكد عدم حصول عمليات تهريب أسلحة من سوريا الى لبنان وقال «أن البرغشة لا يمكن ان تمر حيث ينتشر الجيش اللبناني على طول الحدود مع سوريا»، وهذا ما أعلنه أيضاً الوزير المعلم بنفيه حصول عمليات تهرب أسلحة.
وحول المحكمة الدولية أفادت الأوساط السورية ان مطالبة المعلم بربط نظام المحكمة بالقانون السوري «انما جاءت للدلالة على استعداد سوريا لمحاكمة اي متهم سوري يثبت تورطه في الجريمة لكن على اراضيها ووفقاً لقوانينها، مستبعداً في الوقت نفسه وجود اي علاقة سورية بهذه الجريمة». وفيما رأت هذه الأوساط ان هذا الموقف يأتي منسجماً مع ما أبلغته دمشق للأمم المتحدة من أن لا علاقة لها بنظام المحكمة، وهي تؤيد كل ما يتفق عليه اللبنانيون بهذا الخصوص، موضحة ان لدى فريق من اللبنانيين ملاحظات على بنود معينة في مشروع المحكمة لا بد من مناقشتها والتفاهم حولها تمهيداً لاقرارها. ولم تفت الأوساط الاشارة الى ان المعلم كان حريصاً على إيلاء الاهتمام لموضوع المحكمة في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة وساهم الى حد كبير في صدور التوصية الخاصة بها.