ثائر غندور
ناقش قضاة ومحامون وخبراء قانونيون وجمعيات حقوقية «استقلالية القضاء ونزاهته في لبنان» في ندوة، على مدى اليومين السابقين، بدعوة من «الشبكة الأورو ـ متوسطية لحقوق الإنسان».
تركّز النقاش في شأن المعايير التي يجب اعتمادها لتحقيق استقلالية القضاء، فتوافق الحاضرون على اعتبار أن الديموقراطية ملازمة لأي إصلاح قضائي. لكن الاختلاف حصل حول تحديد أولويات الإصلاح: فهل القوانين اللبنانية بحاجة إلى تغيير أم إن عقلية السياسيين والمواطنين بحاجة إلى تطوير؟
الخلاصة التي يُمكن الخروج بها، بعد النقاش الطويل، هي أن المجتمع المدني ما زال بعيداً عن أداء دورٍ متكامل مع القضاة اللبنانيين في مجال وضع رؤية مشتركة لكيفية الخروج من «حالة الفساد المستشري». فنظرة الجمعيات إلى القضاء ليست ايجابية، وفي المقابل تبرز حاجة القضاة إلى تكوين رأي عام يحميهم. فهم لا يملكون حتى الآن وسيلة تجمعهم وتدافع عن حقوقهم (نادي قضاة مثلاً)، والدولة اللبنانية تُمعن في تحويل «نزاهة واستقلالية القضاء» إلى شعار تستخدمه السلطة التنفيذية في لحظات ضعفها، ليتحوّل إلى «تطهير القضاء من القضاة الفاسدين» عندما تكون قوية، حسب ما أشار المحامي نزار صاغية. كما تناول الحديث المحاكم الاستثنائية وصلاحياتها الواسعة مثل المحكمة العسكرية، والمجلس العدلي الذي تجري المحاكمات فيه على درجة واحدة «من دون أن يكون هناك حق بالاستئناف بل إعادة المحاكمة في حالات خاصة حسب التعديل الأخير للقانون». وينطبق هذا الواقع على المحاكم الروحية والشرعية التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية «والتي تعود مرجعيتها إلى مؤسسات وأشخاص خارج حدود الدولة اللبنانية» على حد تعبير أحد المشاركين، ما سمح ببروز «محامين روحيين غير منتسبين إلى نقابة المحامين وبالتالي لا يخضعون لقوانينها» كما ذكر عضو مجلس نقابة المحامين ماجد فياض.
انتهى النقاش بالاتفاق على إعداد تقرير وطني عن واقع القضاء وطُرق إصلاحه... لكنها ندوة سبقها غيرها وسيلحقها غيرها، على أمل أن يصبح أثرها واضحاً للمواطن في لبنان.