طارق ترشيشي
كل الآمال معلقة على الحوار الدائر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري لكي يُنتج قريباً اتفاقاً ينهي الأزمة بين فريقي السلطة والمعارضة، ويضع البلاد أمام مرحلة جديدة، أو يكرِّس هدنة طويلة بين الجانبين في انتظار تبلور نتيجة المؤتمرات الإقليمية المتصلة بالوضع العراقي والمفاوضات الأميركية السرية التي بدأت بعد مؤتمر بغداد بين الولايات المتحدة وكل من سوريا وإيران.
وبحسب المعلومات، فإن ما انتهى إليه اللقاءان اللذان انعقدا بين بري والحريري هو تحقيق مزيد من التهدئة نزولاً عند رغبة الرياض وطهران عموماً ورغبة القيادة السعودية التي أطلق المسعى السعودي ــــــ الإيراني يدها في الملف اللبناني للمساعدة على معالجة الأزمة بين السلطة والمعارضة.
ففي اللقاء الأول بين بري والحريري كان حديث في العموميات تخلله عتاب متبادل، ثم استعراض للأفكار المطروحة لمعالجة الأزمة، فتحديد لجدول أعمال الحوار بينهما، بري ممثلاً للمعارضة، والحريري ممثلاً لفريق 14 آذار.
وترافق مع هذا اللقاء ارتفاع في وتيرة لهجة مسيحيي 14 آذار الشاكية من تهميشهم في المفاوضات الجارية لاستيلاد التسوية مع المعارضة، كما سبقه موقف مجلس المطارنة الموارنة الذي لم يحبّذ إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وتسأل بكركي حالياً عن موقع المسيحيين عموماً والموارنة، وخصوصاً عمن يحفظ حقوق المسيحيين إذا اتفق بري والحريري في سلة الاتفاق المتكاملة التي تحدث عنها بري، وهل تلحظ هذه السلة قانوناً انتخابياً على أساس اعتماد القضاء دائرة انتخابية في كل لبنان حسبما تطالب. كذلك تسأل بكركي، فيما المسيحيون موزعون بين الموالاة والمعارضة، لماذا يكون الاتفاق بالواسطة لا مباشرة؟ هل لأنهم ليسوا من «النخب الأول»؟ أم لأن «شهداءهم» لا يستأهلون كشف الحقيقة؟ فمن هم منهم في المعارضة قضيتهم هي المشاركة، أما من هم في الأكثرية فقضيتهم هي في «شهدائهم»، فلماذا يتم التعامل معهم بالواسطة؟
وحسب ما رشح من أوساط مطلعة على موقف بكركي و«القوات اللبنانية» فإنهما ستعتبران أنفسهما على الأقل غير ملزمتين أي اتفاقات يمكن أن يتوصل إليها بري والحريري.
أما اللقاء الثاني بين رئيس المجلس وزعيم تيار «المستقبل»، فقد خاض في تركيبة حكومة الوحدة الوطنية ومطلب المعارضة أن يكون لها الثلث الضامن وتكون وفق صيغة 19 + 11. وفيما نقل الحريري رفض الأكثرية لهذه الصيغة، اقترح بري أن تقر بطريقة لا يُفهم منها أن الأكثرية غُلِبت (على طريقة صبيَّين وبنت وصبي)، وبقي باب البحث في هذا الامر مفتوحاً. وعندما تناولا موضوع المحكمة الدولية كان اقتراح أن يُسترد مشروعها إلى مجلس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية كمبادرة «حسن نية» على أن يتولى بري والحريري بالتعاون مع خبراء، إذا ارتأيا ذلك، إعداد التعديلات المطلوب إدخالها على هذا المشروع بما يؤمن توافق الطرفين المتنازعين عليه.
وقد اتفق بري والحريري على أن يوقعا خطياً كل ما يتفقان أو يختلفان عليه في حوارهما منعاً للتأويل.
وفي رأي متابعين للحوار بين الرجلين، أن التسوية لا تزال متأخرة لأسباب إقليمية قبل الأسباب الداخلية. وفي انتظار زوال هذه الأسباب فإن المطلوب هو استمرار فريقي السلطة والمعارضة في التزام التهدئة. لهذا أرجأ الرئيس فؤاد السنيورة «الجلسة الاستفزازية» لحكومته التي كانت مقررة أول من أمس نزولاً عند رغبة أصحاب المساعي الحميدة.
ويقول المتابعون إن كلا الطرفين لا يريدان خسارة السعودية، لذا فإنهما يقدمان لها ما تطلبه، وهو أن يتفقا في ما بينهما وأن يتجنبا التصعيد. أما التوصل إلى تفاهم لبناني حاسم فإنه ليس متوافراً الآن لأن بعض أطراف الأكثرية تريد من الولايات المتحدة أن تعطيها ضمانات إزاء مستقبل علاقاتها مع سورية، أو «تسليحها» بالمحكمة الدولية إذا كان توفير هذه الضمانات غير متاح.
غير أن قطباً معارضاً يقول في هذا المجال إن الموالاة عندما لبت دعوة بري إلى مؤتمر الحوار الوطني في مقر مجلس النواب في 2 آذار من العام الماضي قررت إسرائيل شن عدوانها على لبنان الذي نفذته في تموز الماضي، فكأن الحوار استخدم يومها في شكل غير مقصود لإلهاء المقاومة عن استعدادات إسرائيل لهذا العدوان. والآن مع عودة الحوار فإن المعارضة تخشى أن يكون مضيعة للوقت، وتتخوف من قيام إسرائيل بعمليات أمنية ضد قادتها.